وثيقة أمريكية تكشف أسرار الصراعات بين إخوان الأردن
برقية سرية كتبها قبل سنوات، السفير الأمريكي الأسبق لدى عمان، ستيفن بيكروفت، أوضحت بشكل دقيق العلاقة بين كيانات إخوان الأردن
بقرار من أعلى سلطة قضائية في الأردن، باتت جماعة الإخوان بالمملكة منحلة، فيما يستمر جناحها السياسي ممثلا في "جبهة العمل الإسلامي"بالنشاط، في معادلة تدفع لاكتشاف العلاقة بين الطرفين، خصوصا في ما يتعلق بالجانب المالي.
فالتركيز على الجماعة وجناحها غالبا ما يتم من الناحية الأيديولوجية أو السياسية، مع أن الجانب المالي يمنح الأدوات اللازمة لكشف خفايا التنظيم وهرمه الحقيقي، ويفضح الصراعات الناجمة، في معظمها، عن الفساد الداخلي وتضارب المصالح.
إخوان الأردن.. أسرار التمويل
تأسس فرع إخوان الأردن العام 1946، متفرعا من التنظيم الأم في مصر، ولاحقا، جرى تأسيس "جبهة العمل الإسلامي"، في عام 1992، الحزب الذي اتخذته الجماعة ذراعها السياسي وتسللت عبره إلى الحياة السياسية والبرلمان بالمملكة.
برقية سرية كتبها قبل سنوات، السفير الأمريكي الأسبق لدى عمان، ستيفن بيكروفت، أوضحت بشكل دقيق العلاقة بين الكيانين، مشيرة إلى أن الجماعة شكلت منظمة جامعة تشرف وتسيطر على الأنشطة السياسية والخيرية والروحية للحركة الإسلامية في الأردن.
أما "جبهة العمل الإسلامي»، فهي الجناح السياسي للجماعة، وتسيطر عليها الأخيرة مباشرة من خلال هياكل الحوكمة والعلاقات المالية، وفق الوثيقة التي اطلعت عليها "العين الإخبارية".
الوثيقة أضافت أنه "على الصعيد المالي، تستخدم جماعة الإخوان التدفق المستمر من مستحقات العضوية لتمويل أنشطة جبهة العمل الإسلامي مباشرة، وفي حين أن جبهة العمل الإسلامي تفتقر إلى الاستقلالية المالية عن جماعة الإخوان، فإن حجب التحويلات المالية غالبا ما يستخدم وسيلة للحد من طموحات الحزب السياسية".
- مجهولون يضرمون النار بمقرين لـ"الإخوان المسلمين" وحزبها شمالي الأردن
- مصير أموال "إخوان الأردن".. خبيران يجيبان لـ"العين الإخبارية"
ويفصل السفير الأمريكي في البرقية العمل التنظيمي والأيديولوجي للإخوان و"جبهة العمل"، لافتا إلى أن "الإخوان هي قلب العمل التنظيمي والأيديولوجي للحركة الإسلامية في الأردن، حيث يوجه أعضاؤها ومجلسها التنفيذي (المعروف باسم مجلس الشورى) المسار الروحي والسياسي والخيري للحركة".
وبحسب الوثيقة:" توجد تحت مظلة الإخوان منظمتان تشبهان الشركات التابعة للشركة الكبرى بالكامل، وهما جبهة العمل الإسلامي، وهي بمثابة الجناح السياسي للمنظمة، وتسعى لانتخاب أعضائها من خلال هيكل حزبي معترف به قانونًا".
وتابع: "وحتى عام 2006، كانت جمعية المركز الإسلامي بمثابة الجناح الخيري للمنظمة، قبل السيطرة عليها من قبل الحكومة، ما تسبب في تجميد هيمنة الإخوان عليها بشكل فعال».
وبخصوص تقديرات أعضاء الجماعة وجناحهم السياسي بالمملكة، أشار السفير الأمريكي إلى أن "معظم الإسلاميين الذين على صلة بالسفارة الأمريكية يقدرون أعضاء جماعة الإخوان بنحو 10 آلاف، مقابل نحو 4 آلاف عضو بجبهة العمل الإسلامي".
لكن، "تقريبا، فإن كل أعضاء جبهة العمل الإسلامي هم في نفس الوقت أعضاء في الإخوان المسلمين مع وجود استثناءات قليلة، فقد انضم العديد من المسيحيين إلى الحزب على مدى سنوات، الكثير منهم بسبب التعاطف مع القضية الفلسطينية "، وفق الوثيقة نفسها.
واستدرك أن "مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي يتألف بشكل حصري من أعضاء الإخوان الذين لا يتواجدون عادةً في مجلس شورى الإخوان".
وقال: "يتم اختيار الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي من قبل قائمة المرشحين المقدمة إلى الحزب من مجلس شورى الإخوان، ويتمتع مجلس شورى الإخوان بالسلطة الفعلية لفصل رئيس جبهة العمل الإسلامي، رغم أنه من غير الواضح ما إن كان ذلك في اللوائح الرسمية للمنظمة أم لا".
واعتبر السفير الأمريكي أن "قوة جبهة العمل الإسلامي أضعفت بسبب الاعتماد المالي على جماعة الإخوان، الأمر الذي زاد من انخفاض النفوذ السياسي للحزب وتوتر علاقته مع الحكومة".
التأديب و حرب الأيديولوجيا
الوثيقة نفسها اعتبرت أن "أعضاء الإخوان وجبهة العمل الإسلامي يخضعون جميعا لإجراءات تأديبية من قبل مجلس المراجعة الداخلية، في حال خروجهم عن الخط في بياناتهم العامة أو السعي إلى أعمال ضارة للحركة".
والمجلس تأسس مطلع تسعينيات القرن الماضي، بعد أن تسبب الخلاف بين المعتدلين والمتشددين في خلق تناقضات في المواقف العامة للحركة.
وبحسب السفير الأمريكي" يتكون المجلس من أعضاء مجلس شورى الإخوان ممن يتابعون بنشاط القضايا المرفوعة على الإسلاميين الضالين من فروع الحركة العديدة" بحسب تعبيره.
وتشير البرقية السرية إلى أن "جماعة الإخوان تتلقى تدفق دخل منتظم من رسوم العضوية التي يتم تحصيلها بنسبة 5 % من دخل العضو، بالإضافة إلى الزكاة والتبرعات الخيرية المطلوبة من جميع المسلمين"
كما "تحظى الجماعة أيضًا بدعم مالي من عدة جهات من التكتلات التجارية الكبيرة ذات التوجه الإسلامي، وكثير منها مملوكة لرجال أعمال فلسطينيين بارزين".
وبالإضافة إلى المصادر الدعم المالية المحلية، يتابع، "فقد ورد أن جماعة الإخوان تتلقى الأموال من أنصار تنظيم الدولي للإخوان".
ووفق الوثيقة: "أخبرنا من هم على اتصال بنا داخل الحركة بأن مصادر التمويل هذه لا تستخدم للمصاريف اليومية للحركة، وبدلاً من ذلك، فإنها تستخدم بشكل عام في المشاريع الخاصة التي تعزز موقع جماعة الإخوان داخل الأردن".
ولفتت إلى أن "أوضح مثال على ذلك هو المستشفى الإسلامي في (العاصمة) عمان الذي أقيم بأموال قدمها أعضاء الإخوان في بعض البلدان، من خلال نداء خاص أطلقه المقر الرئيسي للإخوان في القاهرة".
واستطردت: "علق العديد من هم على اتصال بنا على فقر جبهة العمل الإسلامي بالمقارنة مع جماعة الإخوان. فجبهة العمل الإسلامي لا تفرض رسوم عضوية، وتعتمد بشكل كبير على دعم مباشر من الإخوان لمعظم ميزانيتها التشغيلية".
وأوضحت أن "من هم على اتصال بنا داخل الحركة أخبرونا أن جماعة الإخوان غالبًا ما تكون بخيلة مع جناحها السياسي، وتمنحها فقط الدعم الذي يبقيها على قيد الحياة".
واعتبرت أن الكثيرين يرون أن هذه هي طريقة الإخوان في إبقاء سيطرتها الأيديولوجية على جبهة العمل الإسلامي والحد من طموحات قيادتها، ويقال إن جبهة العمل الإسلامي تواجه أحيانا صعوبة في دفع الإيجار لمبنى المقر الرئيسي لعدم كفاية التحويلات من جماعة الإخوان.
وبالتوازي مع ما تقدم، تتلقى "جبهة العمل الإسلامي"، أحياناً، أموالاً من متبرعين أفراد، "لكن يظل ذلك استثناء وليس قاعدة "، بحسب الوثيقة.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yMzEg
جزيرة ام اند امز