15 ألف أردنية يواجهن رفض المجتمع بسبب "التمريض"
15 ألف أردنية يواجهن رفض المجتمع لهن بسبب عملهن بمهنة التمريض، التي رغم أهميتها تواجه ضغوطا كبيرة.
بالرغم من اعتراف الاطباء بأهمية وجود الممرضات اللواتي يرافقن الطبيب في رحلة علاج المرضى، وإدراكا لأهمية أن المريضات يبحثن دوماً عن ممرضة تتابع الحالة وتطمئن المريضة عن حالتها وتضمد لها جروحها، ما زالت النظرة المجتمعية السلبية تلاحق الممرضات في الأردن.
وما زالت الكثير من الأسر ترفض أن تختار الابنة مهنة التمريض للعمل، ويرفض الشاب أن يتزوج من ممرضة إلا في حالات معدودة.
دانية صلاح، ممرضة تعمل في مستشفى حكومي منذ 4 سنوات، ترى أن تغيير نظرة المجتمع تجاه الممرضات من أصعب المهام التي تتطلب وعياً بأهمية الدور الذي تقوم به الممرضة وتقديراً لجهودها المتواصلة.
تقول دانية: "عندما قررت دراسة التمريض لم يشجعني أهلي على ذلك، لكنهم في نفس الوقت لم يمنعوني. فالنظرة لنا سلبية جدا، خاصة تلك الصورة التي تكونت عن الممرضة التي تعمل في مستشفى حكومي وتواجه حالات صعبة ومواقف قاسية لا تعد ولا تحصى، ومن الممكن ان تتعرض للخطر، بالإضافة إلى عملها في الفترة المسائية مما قد يعرضها للتحرش والإساءة، وغير ذلك من الطرق التي تعكس في فحواها كيف يظن الناس بأن أخلاقها غير جيدة، وهذه مواقف مؤسفة لأن أي ممرضة هي في نهاية المطاف إنسانة لديها رسالة نبيلة تقوم بها من خلال بمساعدة الأطباء في شفاء المرضى".
جهاد نايف، ممرضة منذ 7 سنوات في قسم الأطفال والخداج من مستشفى الهلال الأحمر، تؤكد أن الكثيرات ممن درسن هذا التخصص وتدربن في المستشفيات، يقررن بعد فترة الانسحاب من سوق العمل لعدة أسباب، من أهمها العمل لساعات طويلة ومكثفة وبدون راحة، ومقابل أجر قد لا يكون متناسباً مع جهودهن، فضلا عن العقبات التي تواجهها كل ممرضة في سن الزواج، فهناك أزواج لا يرغبون بعملها في هذا القطاع. وأحيانا تلجأ الممرضة إلى التحويل إلى الاقسام النسائية والأطفال، وهو ما يكون في الواقع صعبا لأن الخيارات لا تكون متاحة بحسب رغبات الممرضات.
تضيف جهاد: "من المهم أن تكون هناك ممرضات، وألا تكون هذه المهنة حكراً على الرجال، لأن المريضة تحتاج لممرضة تساعدها وتسألها عن حالتها على راحتها ودون خجل، فهناك حالات تكون حرجة ولا تحبذ المريضة تواجد الممرض الرجل، وهنالك نماذج عديدة لممرضات ناجحات تمكن من تغيير هذه النظرة والتفوق على المستوى المهني. فالمرأة اليوم قادرة أن تتحدى كل الصعاب مادامت تقوم بأمور مقتنعة بها ولا تخالف الأخلاق".
أما هتاف نصر، وهي ممرضة من مركز الأمومة والطفولة التابع لمعهد العناية بصحة الأسرة، فتقول: "عملت في المستشفيات لمدة تقارب 4 سنوات، والآن أعمل في مركز أمومة بعدما أرهقني العمل في المستشفيات، فالعمل كان يستمر لمدة 12 ساعة على مدار 4 أيام في الأسبوع. وهنالك الجانب المهم وهو نظرة المجتمع لنا، خاصة أننا نعمل ضمن فريق مكون من ممرضين وممرضات، فالكثير من زميلاتي تعرضن عند الزواج لخيار ترك المهنة أو الانتقال لأقسام تخلو من التعامل المباشر مع الممرضين". وتضيف: "نواجه الكثير من الضغوط ونحاول من خلال المعاملة الجيدة مع المرضى والتطور في المهنة إثبات أننا الأفضل، لعل وجهة نظرهم تتغير. ولقد عملت في أقسام الطوارئ وتعاملت مع حالات معقدة من حوادث وغيرها وساعدت في إنقاذ أعداد كبيرة من الناس".
الدكتور محمد الحتاملة، نقيب الممرضين، يبين أن مهنة التمريض مهنة شاقة من حيث المخاطر الصحية التي من الممكن أن تتعرض لها الممرضة أثناء التعامل مع المريض واحتمالية انتقال الأمراض لها، فضلا عن مدة الدوام وطبيعته الصعبة. ويقول: "هذه المهنة تتطلب من الممرضة استمرارية تطوير نفسها بالرغم من الصعاب التي تواجهها من خلال التدريب والإعداد والمتابعة. والممرضة الأردنية كفاءتها عالية على المستوى العالمي، وهناك ممرضات أردنيات يعملن خارج الأردن، حيث تعمل أكثر من ألف ممرضة في دول الخليج، بالإضافة إلى المئات منهن في الولايات المتحدة وأوروبا".
ولفت إلى أن عدد كوادر التمريض يبلغ 27 ألف ممرض وممرضة، من بينهم 15 ألف ممرضة.
الدكتور حسين الخزاعي، المختص بالجانب الاجتماعي من جامعة البلقاء التطبيقية، يؤكد أن مهنة التمريض ما زالت تواجه ضغوطا اجتماعية واضحة حتى الآن، بسبب طول فترة الدوام، والعمل في الفترات المسائية مما يعرض الممرضة لمواقف قد تكون في غنى عنها.
وشدد على أن دور الممرضة دور أساسي في علاج المرضى وخاصة الإناث. ومع الوقت وإثبات الدور الناجح تستطيع الممرضة إثبات وجودها وتخطي هذه الصعوبات الاجتماعية. فكثير من المهن كانت محرّمة على السيدات ومع الوقت تغيرت الفكرة. فالانفتاح على العالم ونقل الخبرات والتجارب وازدياد نسبة التعليم كلها كفيلة بأن تدعم المرأة في القطاعات المختلفة.