52% من طلاب الأردن يتعرضون للبلطجة المدرسية
التنمر أو البلطجة المدرسية أصبحت صداعا مزمنا في مدارس الأردن، تقف وراءه أسباب نفسية واجتماعية كثيرة.. ما الحكاية؟
هل أصبح الطفل أيضاً نموذجاً مصغراً لمجرم يجول في مدارسنا ومنازلنا. وما هي الأسباب التي جعلت البراءة في سلوكه تنتزع منه دون أن تلاحظ الأسرة هذا التغير. " التنمر" أو البلطجة في المدرسة أو المنزل سلوك يطرح العديد من الأسئلة على التربويين والأسر حول الأسباب التي جعلت الطفل يتصرف ويسلك هذا الطريق للتعبير عن نفسه.
فالإحصائيات العالمية وأيضاً العربية أظهرت أن نسبة من يمارسون سلوك التنمر مرتفعة. والضحايا الذين يشتكون من الظلم الواقع عليهم وجدوا أن أفضل حل هو التهرب من الالتزام في المدرسة حتى لا تتم المواجهة بين من يمارس التنمر ومن يقع ضحية لهذا الفعل.
أم رامي دويكات تشكو من حال المدارس ظناً منها أن المدرسة الحكومية التي يدرس بها ابنها هي السبب في كونه ضحية لشخص يمارس التنمر والبلطجة عليه، فتقول: "التحق ابني رامي بالمدرسة الحكومية لأول مرة في الصف السابع، وكان سابقاً يدرس في مدارس خارج الأردن، وبدأ يشكو من وجود طلاب يعملون على إلحاق الأذى به، سواء عبر السباب أو المزاح العنيف الذي يشمل الضرب وغير ذلك، فوجدت أن أفضل حل هو تغيير المدرسة الحكومية إلى خاصة كون الرعاية في الأخيرة أكثر وعدد الطلاب أقل. ولكن اكتشفت أن المشكلة موجودة في كل المدارس. وعندما ذهبت لأخبر المدير أن ابني يتعرض للضرب من قبل الطلبة ويجب أن أقابل أهالي الطلبة تبين لي أن التعهد الذي كتبه الطالب بعدم ضربه زاد من حدة العلاقة بينهم وبات مستهدفاً أكثر، فما الحل؟"
أم رامي تمثل حالة من حالات الأهالي الذين يشكون من تعرض أولادهم في المدارس للضرب والسباب وأنواع أخرى من الأذى النفسي والجسدي.
يقول المعلم حمزة أبو قاعود من مدرسة علي رضا الركابي، إن سلوك التنمر لم يقتصر فقط على حالات فردية. بل أصبح الطلبة يشبهون "العصابات" داخل المدارس. وفي كل يوم ينشب خلاف بين الطلبة ويعمل المعلمون على مساعدة الطلبة الذين يقع عليهم الظلم. والعقوبات التي تفرضها الإدارة على الطلبة من الإنذارات وأحيانا الفصل لا تترك الأثر المفروض في كل مرة. فهنالك طلاب يحبون التحدي وأهلهم غير قادرين على التعامل والسيطرة عليهم خاصة في المراحل الثانوية.
رئيس قسمي المناهج وطرق التدريس والأصول والإدارة التربوية، في جامعة عمان العربية، الدكتور عودة أبو سنينة، يعرف سلوك التنمر بأنها أفعال سلبية متعمدة تصدر من قبل طلاب على طلاب آخرين. وتتضمن هذه الأفعال إيقاع الأذى سواء جسدياً أو نفسياً بالطرف الآخر، بهدف إظهار الشخصية والقوة وغيرها من العناصر.
يضيف أبو سنينة : "هناك عدة اسباب تجعل الطالب يتصرف بهذا الشكل العدواني، ومن أول هذه الأسباب تنشئة الأسرة وعدم توعية الابن بأن هذا السلوك مرفوض، فهناك الكثير من الأسر التي تنمي لديه التنمر بواسطة تشجيعه على ضرب أقرانه وإثبات أنه رجل، ويجب أن يأخذ كل ما يرغب به من الآخرين بالقوة وأن يتصرف كيفما يشاء دون تحكيم أخلاقياته وعقله، كما أن المجتمعات تغيرت وأصبح للأسرة شركاء عديدون في التربية، من أخطرهم وسائل الإعلام التي أظهرت البطل الأمريكي القوي هو بطل يحقق النجاحات ويلتفت له الناس، فالطفل يتأثر بكل رسالة يراها ويحاول تقليدها إن لم ير أن هناك مانعا، ونحن كتربويين نجد أن الخوف من فكرة التنمر لا تقف عند حدود الطفولة بل تنتقل ليصبح الطفل في المستقبل يندرج تصنيفه تحت مسمى البلطجي، فهذه الشخصية متواجدة في المجتمعات وترتكب كل الطرق لتحقيق المكاسب والغايات".
الدكتور صالح بركات، المختص في الأصول التربوية من جامعة البلقاء التطبيقية، يرى أن الأسرة اليوم تهتم بتأمين الحياة الجيدة للابن و تتناسى أهمية تقويم أخلاقه وتربيته على الصفات الحسنة وبناء شخصيته بشكل متوازن، فالإحصائيات الحديثة تبين أن 52% من الطلبة الأردنيين يتعرضون لسلوك التنمر والبلطجة المدرسية من زملائهم بشكل أو بآخر، مؤكدا أنها نسبة خطيرة وعالية، فيما تؤكد الإحصائيات العالمية أيضاً أن ما يحدث يجب دراسته وعدم السكوت عنه.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية التي يعتبر فيها التنمر المشكلة الأكثر حضوراً بين مشاكل العنف في المدارس تشير الدراسات إلى أن 8 من طلاب المدارس الثانوية يغيبون يوماً واحداً في الأسبوع على الأقل بسبب الخوف من الذهاب إلى المدرسة خشية التعرض للبلطجة.
وفي دراسة أجريت في نيوزلندا ، اتضح أن حوالي 63% من الطلاب تعرضوا لشكل أو آخر من ممارسات التنمر.
المرشدة الاجتماعية، لينا التلاوي من مدارس الاتحاد الدولية ترى أهمية تفعيل دور المدرسة في معالجة سلوك هذا الطالب المتنمر، وأيضاً الطالب الضحية الذي يجب أن تستعاد له كرامته وحقوقه وألا يشعر بالخوف من الذهاب إلى المدارس.
تقول التلاوي: "أجريت العديد من الحوارات مع الطلبة المتنمرين، ووجدت أن التنمر سلوك مكتسب من العائلة. فالأب والأم وطريقة المعيشة الخاصة بهم قائمة بشكل أساسي على العنف. لهذا فالابن ينشأ على ما يراه وينقله للمدرسة والحارة والعلاقات التي يقوم بها. وسلوك التنمر في مدارس الفتيات غير ملاحظ بينما في مدارس الأولاد هنالك مشكلة ويجب حلها بالتعاون مع جميع الجهات المختصة لأن هذا السلوك لا تقف حدوده عند الطلبة فقط بل أيضاً يصل المعلمين و كافة أفراد المجتمع".
وتضيف: "الطفل المتنمر يعاني بالعادة من اضطرابات نفسية، وفي بعض الأحيان هناك ضحايا تحولوا مع الوقت إلى أشخاص متنمرين بسبب عدم قدرتهم على التكيف مع أجواء المدرسة، مما جعلهم ينضمون إلى الشلة التي تمارس السلوك ليصبحوا عناصر فعالة فيها، فالمتنمر والضحية يجب أن يخضعا لبرنامج متكامل للعلاج".
aXA6IDE4LjExNy4yMzIuMjE1IA==
جزيرة ام اند امز