غور الأردن.. كنز الفلسطينيين المنهوب إسرائيليا
أرقام مفزعة عن استغلال الاحتلال لثروات الأغوار بالضفة الغربية وتطهيرها عرقيا من الفلسطينيين توطئة لضمها إلى إسرائيل
عندما قطع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالأمس، وعدا انتخابيا بضم غور الأردن، لإسرائيل، تساءل الكثيرون عن السر المدفون في تلك المنطقة.
لتأتي الإجابة مضمنة بالبحث والأرقام، ومكللة بمعادلة توصلت إلى أن المنطقة هي "كنز الفلسطينيين المنهوب إسرائيليا".
وكان نتنياهو تعهّد الثلاثاء، إقرار السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت في الضفة الغربية المحتلة وبالتالي ضم هذه المنطقة، في حال أُعيد انتخابه في الـ 17 من الشهر الجاري، في وعد أثار موجة من الغضب والإدانات، واعتبره الفلسطينيون "مدمراً لكل فرص السلام".
احتلال بدوافع اقتصادية
ووفق دراسات فلسطينية ودولية، سيكون بإمكان الفلسطينيين الاستغناء عن المساعدات المالية الخارجية لو تمكنوا من استغلال غور الأردن.
والأغوار التي تشكل نحو 30% من مساحة الضفة الغربية، كتن يقطنها بحلول العام 2016، نحو 65 ألف فلسطيني ونحو 11 ألف مستوطن إسرائيلي .
وتقع الأغوار في غالبيتها ضمن المناطق المصنفة "ج" الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وقسّمت اتفاقية “أوسلو” الضفة الغربية إلى 3 مناطق، هي: “أ”، و”ب”، و”ج”، حيث تمثل “أ” نحو 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإداريا.
بينما تمثل المناطق “ب” 21%، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.
أما “ج”، فتشكل 61% من مساحة الضفة، وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.
وغالبا ما يشير الفلسطينيون إلى احتلال للأغوار بأنه "احتلال 7 نجوم"، نظرا للمداخيل التي تجنيها إسرائيل من خلال 30 مستوطنة أقامتها في المنطقة منذ الاحتلال عام 1967.
وتحاول إسرائيل تغليف احتلالها للأغوار، ولاحقا محاولتها فرض السيادة عليها، بدافع أمني، غير أن الفلسطينيين يقولون إن واقع الحال على الأرض يدحض هذا الادعاء.
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية، سبق وأن كشف، خلال جولة مع دبلوماسيين أجانب في الأغوار نهاية 2017، التفاصيل الكاملة للمداخيل الإسرائيلية من غور الأردن.
وأشار إشتية آنذاك، إلى أن "الخسائر الفلسطينية بسبب سيطرة إسرائيل على المناطق المسماة 'ج' تقدر بأكثر من 3.4 مليارات دولار سنويا حسب تقرير للبنك الدولي".
وأضاف أن "الاحتلال يسعى لإقناع العالم بأن سيطرته على منطقة الأغوار ذات دوافع أمنية، لكنها بالحقيقة دوافع اقتصادية إذ تدر على إسرائيل مئات الملايين من الشواقل".
ولفت إلى أن "البحر الميت يعد أهم مخزون للأملاح والمعادن مثل البورمين والبوتاس والماغنيسيوم والفوسفات، حيث يُحرم الفلسطينيون من استخراجها، في حين تدر ملايين الدولارات على إسرائيل".
وتابع: "في الوقت الذي يُحرم الفلسطينيون أيضا من الاستثمار على شواطئهم بالبحر الميت أو حتى الوصول إليها، تقيم إسرائيل 15 فندقا مطلا على البحر وتدر عليها نحو 300 مليون دولار، وتشغل نحو 3000 عامل".
كما أشار إلى أن دخل إسرائيل من مواد التجميل المنتَجة من البحر الميت يتجاوز 150 مليون دولار.
وتطرق إشتية إلى الخسائر الناجمة عن سيطرة الاحتلال على مناطق أثرية مثل قمران ووادي القلط وعين فشخة، مؤكدا أن "نحو 375 ألف سائح يزورون قُمران سنويا، ما يدر أكثر 2.05 مليون دولار كرسوم دخول فقط.".
الحد من الوجود الفلسطيني
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أشار من جانبه إلى "وجود مشاريع إسرائيلية استيطانية واسعة النطاق في الأغوار، منها مزارع للنخيل والبلح والعنب وحتى بحيرات صناعية للتماسيح، درَت على إسرائيل أرباحا في العام 2012 تقدر بنحو 600 مليون دولار".
ويحرم الفلسطينيون من كل هذه المداخيل، ويعيشون في أزمة مالية تضطرهم في الكثير من الأحيان إلى طلب المساعدات المالية الخارجية.
في المقابل، تعمل إسرائيل على الحد من التواجد الفلسطيني في مناطق الأغوار، ولذلك فإن 3 بالمئة فقط من سكان الضفة الغربية يقيمون فيها بسبب القيود الإسرائيلية.
حركة "السلام الآن" الإسرائيلية قالت إنه في الفترة ما بين 2009-2016 هدمت إسرائيل نحو 40 بالمئة من المنشآت الفلسطينية في الأغوار.
كما هدمت 2077 من المنشآت الفلسطينية، ما أدى إلى فقدان 3270 شخصا للمأوى".
وكشفت الحركة أيضا أن المستوطنين الإسرائيليين في غور الأردن يحصلون على 18 ضعفا من معدل المياه الذي يحصل عليه المواطنون الفلسطينيون في الضفة الغربية.
ويتم تخصيص 45 مليون مكعب من المياه سنويا لنحو 10 آلاف مستوطن في غور الأردن.
وفي الوقت الذي يمثل فيه الفلسطينيون 90 بالمئة من سكان المنطقة، فإنه يسمح لهم بالبناء فقط على 6 بالمئة من أراضيهم، ما يجعلهم ممنوعون من استغلال 94 بالمئة من المساحة، وفق المصدر نفسه.
وفي هذا الصدد، يقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، إن "منع البناء والتطوير الفلسطيني في منطقة الأغوار يمسّ على وجه الخصوص بنحو 10.000 فلسطينيّ، يسكنون في أكثر من 50 تجمّعٍ سكّانيّ (مضارب) في مناطق 'ج'، حيث تسعى إسرائيل بشتّى الطرق لترحيلهم عن منازلهم وأراضيهم".
وأضاف أن "إسرائيل تمنع هذه التجمّعات من أيّ إمكانيّة للبناء القانوني وفق احتياجاتها، وترفض ربطها بشبكتَي الماء والكهرباء".
ويشير (بتسيلم) إلى أسلوب إسرائيلي آخر في التضييق على السكان، فـ"في السنوات الأخيرة وخاصّة منذ بداية عام 2013 يأمر الجيش من حين لآخر، سكّان التجمّعات الواقعة على أراضً أعلنتها إسرائيل 'مناطق إطلاق نار' بإخلائها مؤقتًا، بحجّة أنّ القوات تحتاج إجراء تدريبات عسكريّة هناك، وتمتدّ هذه المناطق على 45 بالمئة من مساحة منطقة الأغوار (786 ألف دونم)".
ويلخص المركز الحقوق الإسرائيلي واقع الحال في غور الأردن بالقول إن "إسرائيل تسعى إلى إلغاء الوجود الفلسطيني في منطقة الأغوار، ومنع أيّ تطوير فلسطيني في المنطقة".
وزاد: "إسرائيل تمنع الفلسطينيين من استخدام معظم مساحة الأغوار بذرائع مختلفة وتقيّد وصولهم إلى مصادر المياه الوافرة في المنطقة وتمنع السكّان هناك من بناء منازل لأنفسهم وتوسيع وتطوير بلداتهم".
وإضافة إلى ذلك، "تبذل السلطات الإسرائيلية جهدًا دؤوبا في خلق واقع معيشيّ لا يطاق لدفع سكّان التجمّعات الفلسطينية إلى مغادرة منازلهم وأراضيهم.".
واعتبر أن "الغاية من هذه السياسة تكمن في تعميق السيطرة الإسرائيلية في منطقة الأغوار، وضمّها إلى إسرائيل بحُكم الأمر الواقع، وضمن ذلك استغلال موارد المنطقة وتقليص الوجود الفلسطيني إلى الحدّ الأدنى".
aXA6IDMuMTM3LjIxOC4xNzYg جزيرة ام اند امز