ناقد أردني: محمود درويش كتب قصيدة "سجل أنا عربي" على علبة سجائر
الناقد الأردني الدكتور محمد شاهين يدعو دور النشر العربية للتوسع في تقديم مختارات شعرية لكبار الشعراء العرب، أسوة بما يحدث في الغرب.
تناول الناقد الأردني الدكتور محمد شاهين، علاقة الشاعر الفلسطيني محمود درويش المعقدة مع جمهوره، في مقدمة المختارات التي أصدرتها مؤسسة سلطان العويس من شعر محمود درويش هذا الأسبوع.
وأكد "شاهين"، الذي كان مقرباً من "درويش"، وتولى ترجمة بعض أشعاره إلى اللغة الإنجليزية، أن "درويش" كتب قصيدته "سجل أنا عربي" على علبة سجائر وهو شاب صغير، عندما كان يستقل الحافلة عائداً من دائرة البوليس في طريقه لإلقاء شعره على جمهور عربي في حيفا.
وأشار "شاهين" إلى أن الجمهور حاصر "درويش" بهذه القصيدة، وتسبب في حالة من الرعب لدى الشاعر الذي خشي أن يُصادَر حقه في تطوير قصائده، فقد اعتبرها دائماً من "مخلفات مرحلة فنية أراد تجاوزها".
وفاز "درويش" بجائزة "العويس" دورة عام "2002-2003"، وفي المختارات يشير "شاهين" إلى أن القصائد التي اختارها توضح كيف كان صاحب "جدارية"، شاعرا متعدد الأصوات، ارتقى بأسلوبه وشاعريته ولغته.
وتشير المقدمة إلى أن جانباً من التطور الفني لقصائد "درويش" ارتبط بما تركته سنوات إقامة الشاعر في باريس من تغييرات في وعيه الفني.
ولفت "شاهين" إلى أن "درويش" نجح إلى حد كبير في التحرر من الغنائية التي هيمنت على شعره في البدايات، ونوه إلى أن المختارات التي صدرت عن "العويس" كاشفة عن التطورات الفنية التي مرت بها قصيدته من الغنائية البسيطة المباشرة، إلى القصيدة الدرامية متعددة الأصوات، وصولاً للقصيدة الكونية الحافلة بالمعاني الإنسانية.
وقال "شاهين": "هذا يوضح أن التطور الذي بلغه شعر درويش في الأعمال الأخيرة لم يأت من فراغ، وأن له ما يبرره من ظروف عاشها الشاعر، بالإضافة إلى ما انعكس عليه من تطورات سببها السياقات العامة".
ودعا "شاهين" دور النشر العربية للتوسع في تقديم مختارات شعرية لكبار الشعراء العرب، أسوة بما يحدث في الغرب، فالمختارات لا تختزل الشاعر كما يظن البعض، وإنما هي وسيلة لتقديمه بشكل يحفز القارئ لمزيد من التواصل.
وكان "درويش" يصرح في مقابلاته الصحفية بأنه لم يعد راضياً عن أغلب ما نشر من قصائد، لاسيما قصائد البدايات.
ويعالج "شاهين" هذه الإشكالية مؤكداً أن "درويش" تحفظ في مناسبات كثيرة على قراءة قصيدته "بطاقة هوية "، المعروفة بـ"سجل أنا عربي"، لأنه كان يخشي أن تخطف الأضواء بشعبيتها من قصائد أخرى.
وشدد "شاهين" على أن "درويش" كان على وعي بأن قصيدته "سجل أنا عربي" كانت ابنة مناسبة معينة، وتوجهت لجمهور محلي محدود، لذلك لم يشأ أن تهيمن على بقية مشواره الشعري، الذي حفل بتطورات فنية كثيرة، ومع ذلك لم يتمكن الشاعر من إنكار فضل تلك القصيدة عليه، إذ اعتبرها دائماً "مقياس طاقته على التحدي"، بحسب تعبيره.
ونفى "شاهين" تخلي "درويش" عن السمة الغنائية في شعره، لكنه خلق ما يسمى بـ"الغنائية المركبة"، كما في قصائده "فكر بغيرك، حاصر حصارك، على هذه الأرض ما يستحق الحياة".