الكاتب الأردني جهاد أبوحشيش لـ"العين الإخبارية": غياب التسامح يمهد للإرهاب
جهاد أبوحشيش قال إن روايته "تفاحة العابد" تمثل قراءة في تاريخ بلاده سياسيا واجتماعيا وإنسانيا في الفترة منذ عام 2005 وحتى الآن
أكد الكاتب والناشر الأردني جهاد أبوحشيش أن مصادرة حقوق المرأة وعدم دعم قيم التسامح، بمثابة مقدمة لكل فعل إرهابي.
وقال إن روايته الجديدة "تفاحة العابد" تمثل قراءة في تاريخ بلاده سياسيا واجتماعيا وإنسانيا في الفترة منذ "تفجيرات الفنادق" عام 2005 وحتى اللحظة الراهنة، ورغم صدور 8 دواوين شعرية له، إلا أنه يفضل عدم اختلاط الأنواع الأدبية.
وفي حواره مع "العين الإخبارية" أوضح أنه يحاول أن يحفظ للسرد الروائي شخصيته بعيداً عن لغة الشعر، وهو ما انعكس على روايته الصادرة مؤخراً والتي تعد الثالثة في مسار تجربته الروائية، وإلى نص الحوار:
أين تضع "تفاحة العابد" في سياق مشروعك الأدبي ككل؟
كل كتاب جديد هو بمثابة إعادة خلق لعالم الكاتب، وخطوة في اتجاه القادم يفترض أن تتجاوز خطواته السابقة، وأعتقد أن "تفاحة العابد" خطوة حقيقية عملت فيها على تجاوز منجزي السردي السابق، وهي تشكل في الوقت ذاته امتدادًا حقيقيًا لما قبلها.
إلى أي حدّ جاءت لغة الرواية متأثرة بخلفيتك كشاعر؟
فرق كبير بين الأداء الشعري الذي ينزلق السارد فيه باستخدامه لأدوات الشعر، سواء كان تصويرا أو تراكيب لغوية، وبين الرؤية الشعرية التي تتجانس مع السرد فتغنيه وتجعله أكثر قدرة على حمل المعنى وتعميق عوالم الشخصية وإضاءتها.
واستناداً إلى رؤيتي هذه، للفرق بين الأداء الشعري والرؤية الشعرية، أستطيع القول إن السارد في "تفاحة العابد" لم يقع في فخ الشاعر، كما لا أحبّ للشاعر في أن يقع في فخ السارد.
فثمة عالمان يلتقيان في اشتراط الجمال، لكنهما يفترقان في النوع، وأنا ممن يرون أن استخدام الأداء الشعري في الرواية يغتال جمالية السرد، ويشوِّه جسدها الذي يفترض أن يظلّ بكامل حيويته السردية وجماليته.
كيف يحمل العمل هموم وخصوصية الواقع الأردني؟
الحرص على ملامح وتفاصيل الواقع المعيش هو شرط قدرة الكاتب على الوصول بنصه إلى كونية النص، وشرعنة وجوده الإنساني، و"تفاحة العابد" تعاين فترة مهمة من تاريخ الأردن، تبدأ مباشرة بعد أحداث تفجيرات الفنادق عام 2005 وتستمر حتى اللحظة.
وهي رواية تفتش في المسكوت عنه، وتثير الكثير من الأسئلة العميقة عن المجتمع والعلاقات الإنسانية والسلطة، وتخلخل الساكن من المفاهيم.
يرى الناقد الكبير كمال أبوديب أن الرواية تشير إلى قدرة المرأة على قيادة وتغيير العالم.. كيف ترى ذلك؟
المرأة في "تفاحة العابد" غالباً ما تمتلك القدرة على الفعل، والنبش في الساكن، وتحريك المسارات، وقد تمثل هذا في أكثر من شخصية فهناك سماح، وعصرية، اللتان تشكلان مفاتيح لأقدار مغلقة، وسواكن كان لا بدّ أن يتم خلخلتها، شخصيتان قلقتان بالأسئلة، وتهديم الساكن، بخلاف عائشة تلك الشخصية اليقينية التي قد توجد في كل بيت عربي، والتي تبقى أسيرة مفاهيمها اليقينية والماضوية.
المرأة في" تفاحة العابد" قادرة على خلق اللحظة وتثوير التفاصيل كشريكة حقيقية، لكن كل هذا له اشتراطاته التي ستتضح معالمها أثناء قراءة مسار الشخصيات بسالبه وموجبه.
لك ديوان بعنوان "امرأة من بلاد الحريم" هل لا تزال المرأة العربية أسيرة مفاهيم اجتماعية ذكورية؟
ما لا ننتبه إليه في مجتمعاتنا العربية، هو أن الذكورة/السيادة/التسلط/ مصادرة الآخر، هي مفتاح كل فعل لا إنساني، وكل فعل إرهابي على الصعيد العام، بالتأكيد كلنا نعاني من المفاهيم التي ما زالت قاصرة في تعاملها مع الإنسان، ولا أقول المرأة، فكلا الطرفين يعاني من تخلف المفاهيم ويدفع أثمانًا باهظة، ذكوراً وإناثا، كلنا منفعلون وغير قادرين على دفع عجلة التطور إلى الأمام، لأننا مرهونون إلى نقيضنا الذي نعمقه فينا.
تدير دار نشر فضاءات.. فماذا تمثل مهنة النشر لك؟
النشر بالنسبة لي هو النافذة التي أحاول من خلالها الإسهام بدوري في تحريك عجلة الثقافة العربية، وتقديم ما أستطيع لأجيال شابة تغفل الكثير من المؤسسات الرسمية عن الاهتمام به.
وبالرغم من كل التعب والعقبات التي تواجهها صناعة النشر في هذه المرحلة إلا أنني أستمتع بكوني واحدًا ممن يشتغلون للتجسير بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى، وخاصة الثقافة الصينية التي أرى أنها تبحث عن تعاون حقيقي ومثمر للطرفين.
وقد أنجزنا أكثر من مشروع يخدم الشباب العربي على هذا الصعيد، مثل مسابقة الإبداع والترجمة، التي أطلقناها قبل عامين، في معرض أبوظبي، وسنحتفل بنتائج دورتها الـ2 في معرض الشارقة الدولي للكتاب بحضور الشريك الصيني، والفائزين من الشباب العربي ومجموعة من الشخصيات المهتمة بالفعل الثقافي.
يشكو بعض المبدعين من تسلط الناشرين وحين يمتلكون دور نشر يمارسون ما كانوا ينتقدونه في السابق... كيف ترى هذه المفارقة؟
غالبًا ما تشكل الفجوة بين بعض الناشرين والكتاب مساحة تخلق نوعًا من الجفاء، إضافة إلى أنَّ عالم النشر ليس عالمًا ورديًّا، ففي مجال النشر ستضطر للتعامل مع تكاليف وأرقام وخسارات وأرباح، وضرورات، ستضطرك إلى النزول قليلاً من برج الكاتب العاجي إلى احتياجاتك الأرضية بعيدًا عن المزايدات، لذلك ستجد هذه المفارقة تظهر في الغالب حين يفقد الطرفان لغة التفاهم المشتركة.
aXA6IDE4LjExOS4yOC4yMTMg
جزيرة ام اند امز