مسار العائلة المقدسة في مصر.. من الفرما إلى أسيوط
وزارة السياحة المصرية اعتمدت المرحلة الأولى من مسار العائلة المقدسة في 5 مواقع أثرية، واستقبلت في العام الماضي وفدين من الفلبين والهند
"خذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه، فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلى مصر، وكان هناك إلى وفاة هيرودس"..
بهذه الكلمات تحدث الإنجيل عن رحلة السيد المسيح والسيدة مريم العذراء إلى مصر، التي سطرت صفحة جديدة في تاريخها.
واستغرقت زيارة العائلة المقدسة في مصر 3 سنوات، وقد رصد البابا "ثاؤفيلس" البطريرك رقم 23 في كرسي الكرازة المرقسية بمصر في الفترة ما بين 385-412م وفقا لمخطوطة " الميمر" (وهى كلمة سيريانية تعني السيرة)، أهم المحطات الرئيسية في رحلة العائلة المقدسة، بداية من "الفرما" والتي كانت تعرف بـ"البيليزيوم"، وهي المدينة الواقعة بين مدينتي العريش وبور سعيد حاليا، حتى جبل قسقام بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، حيث رجعا مرة أخرى إلى فلسطين بعد وفاة الملك هيرودس.
وبعد عبور العائلة المقدسة سيناء والوصول للفرما اتجهت إلى المحطة الثانية وهي" تل بسطا" بالقرب من الزقازيق، وبسطا هي النطق الهيروغليفي لكلمة "باستت"، ومعناها بيت الإله باستت، ثم " بلبيس" وتوجد بها شجرة استظلت تحتها السيدة العذراء، ثم "منية جناح" وهي منية سمنود حاليا، ومنها عبرت العائلة البحر إلى سمنود، ثم البرلس، واتجهت بعدها إلى "سخا إيسوس"، وهى مدينة سخا حاليا في محافظة كفر الشيخ شمال مصر، ثم اتجهت غربا نحو "وادي النطرون"، والذي صار بعد ذلك مركز تجمع رهباني كبير تحت اسم "برية شيهيت" المهد الأول للرهبانية في العالم.
ووصلت العائلة المقدسة إلى عين شمس أو مدينة "أون" المعروفة بـ"هليوبوليس"، ومكانها منطقة "المطرية" في القاهرة حاليا؛ والتي كانت قديما مركزا ضخما لعبادة الإله رع إله الشمس عند المصريين القدماء، ويقال إن المسيح أنبع فيها عين ماء وباركها، وغسلت مريم العذراء ملابس المسيح في هذه البقعة، ثم صبّت الماء على الأرض فأنبتت شجرة بلسم، وتستخدم خلاصة البلسم في إعداد زيت "الميرون المقدس" الذي يستخدم في الكنائس حتى اليوم.
وتوجه السيد المسيح والسيدة مريم العذراء بعد ذلك إلى مصر القديمة حيث سكنا بالمغارة التي توجد حاليا تحت كنيسة "أبو سرجة" على أطلال حصن بابليون، ثم إلى المعادي، ومن هناك ركبا مركبا إلى الجنوب، وتحديدا البهنسا بمركز بني سويف حاليا، ومن هناك اتجها إلى محافظة المنيا ثم عبرا نهر النيل إلى الضفة الشرقية حيث جبل الكف الذي انطبع فيه كف المسيح، ثم إلى الأشمونيين بمدينة ملوي.
واتجهت العائلة المقدسة من المنيا إلى أسيوط، حيث مكثت هناك لأكثر من 6 أشهر، وهي أطول فترة قضوها في أي مكان في مصر، حيث زارت مدينة "فيليس" وهي مدينة ديروط الشريف حاليا، وبعدها اتجهت إلى القوصية، ومنها إلي ميرة ثم إلي جبل" قسقام"، وفي نفس المكان المقام فيه حاليا دير السيدة العذراء الشهير بـ "المحرق"، ومن هناك عادت العائلة المقدسة مرة ثانية إلي فلسطين وسلكت نفس المسار تقريبا بعد أن قضت في مصر 3 سنوات تقريبًا.
ويمثل مسار العائلة المقدسة أهمية خاصة للسياحة الدينية الداخلية، حيث تمثل المحطات الرئيسية التي باركتها العائلة المقدسة في الإقامة بها أعيادا ومناسبات واحتفالات شعبية طوال العام.
واعتمدت وزارة السياحة المصرية المرحلة الأولى التجريبية من مسار العائلة المقدسة في 5 مواقع أثرية، حيث استقبلت في العام الماضي وفدين من الفلبين والهند، كما زار الوفد الإيطالي مسار العائلة المقدسة في يونيو/ حزيران الماضي، حيث أعلن بابا الفاتيكان بداية إدراج مصر في برنامج حج الفاتيكان، كما تقوم وزارة الآثار بإعداد لجنة مسؤولة عن الترويج والإعلان للمسار ضمن المشروعات التراثية لليونسكو.