وجد نظام ولاية السفيه في قطر ضالته في دعم الإرهاب بمختلف أشكاله وألوانه، وتغلغلت أذرعه الأخطبوطية.
ليس هناك فرق كبير في المبدأ الذي يقوم عليه نظام ولاية الفقيه وذلك الذي يقوم عليه نظام ولاية السفيه؛ فهما وجهان لعملة واحدة، بل وجه واحد لعملة واحدة، ويكاد التشابه بينهما يصل إلى حد التطابق في السعي المحموم لتصدير الثورة، والتعصب المذهبي والاندفاع في نشر الأفكار والأيديولوجيات الهدامة، التي لا ترضى أن ترى العالم يعيش بأمان، والعمل بهوس لاستثمار كل الفرص التي تزعزع أمن واستقرار الشعوب المجاورة، واتباع سياسات التضييق والتغطرس في الداخل ضد كل من يخالف في الرأي أو المبدأ كلا النظامين.
وهذا هو ما يفسر هوس نظام ولاية السفيه بإثارة المشاكل والقلاقل، وهو يأبى أن يرى دول مجلس التعاون مستقرة ومزدهرة، وفي منأى عن الاضطرابات السياسية والفوضى العارمة، التي طالت دولا ومناطق عديدة أخرى عبر العالم.
وقد وجد نظام ولاية السفيه في قطر ضالته في دعم الإرهاب بمختلف أشكاله وألوانه، وتغلغلت أذرعه الأخطبوطية في العديد من المجتمعات حتى تنشر بين مكوناتها الفوضى، وعملت على نشر الفتن بأسلوب إعلامي رخيص وبالغ المكر والسميّة، واعتمد إعلام ذلك النظام على وزير دعاية هتلر جوزيف جوبلز "اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون، واكذب اكذب حتى تصدق نفسك"! فهذا النظام القطري لم يحلُ له السير على خطى دول مجلس التعاون بالسعي، ومشاركتها سياساتها الرشيدة، وسعيها الحثيث نحو التنمية وتحقيق الرفاهية لشعوبها دون الخوض في غمار التدخل في شؤون الدول الأخرى البعيدة والقريبة، على حد سواء، بعكس حال النظام القطري الذي تحول بسرعة إلى مشعل فتن وحرائق، حتى كادت لا توجد دولة واحدة في المنطقة لم تطلها أيادي الغدر القطرية، التي تمول التنظيمات الإرهابية، وتدعمها بالأموال، وتضخ رياح الدعاية المسمومة لترويج أجنداتها المشبوهة، وتمجيد مجرميها شذاذ الآفاق القتلة! بل صنعت منهم "أبطالا" أشاوس يصولون ويجولون بين عواصم محور الشر، متعطشين لسفك الدماء، واختلاق الأزمات، حتى تجد ولاية السفيه موطئ قدم في كل حريق، وفرصة مثلى للدخول بورقة "المصلح السياسي"، أو"الوسيط"، لتضع شروطها، وتبث سمومها وتدق الأسافين بين الشعوب في تلك الدول، حتى لا تقوم لها بعد ذلك قائمة، ولا تكون لها إمكانية تستطيع من خلالها أن تنهض وتنتفض لنفسها وحماية مصالح شعوبها.
ولعل ليبيا خير مثال؛ فالعبث القطري الذي طالها جعلها تتكبد المعاناة، وتتجرع كل صنوف الألم على أيدي جموع الأشرار المدعومين قطريا، وما زالت تجهد لتصل إلى المعافاة من شرور الفتن والمحن التي تجرعتها، وتجرعها شعبها وشهد القاصي والداني على منشئها، وأنها شرور وإرهاب مما "صُنع في قطر".
لقد كان الأجدى والأجدر بدولة قطر "ولاية السفيه" أن تسعى للنهوض بحاضرها والتطلع لمستقبلها، وتأمين قوت شعبها، وتحقيق الاستفادة القصوى من ثرواتها، بما يعود عليها وعلى المنطقة بالفائدة والخير والمنفعة المتبادلة بين الشعوب.
ولكن قطر "ولاية السفيه" شذت عن المسار واتجهت مستحثة الخطى على طريق الندامة ذي الاتجاه الواحد، حيث لا توجد مسارات للعودة؛ فجميع الأفعال والأقوال تدل على انحدارها في هاوية سحيقة، وتخبطها في طريق الضياع أكثر فأكثر، فمن دخلها الاقتصادي وحده في منظومة دول مجلس التعاون كانت قادرة على خلق المعجزات، وتأسيس حضارة لها وللمنطقة لا مثيل لها؛ فثروة قطر لو اتبعت سياسة بناءة تستطيع أن تبني بها مجتمعا واعيا قادرا على المنافسة مع كبريات دول المنطقة، واللحاق بركب المجتمعات المتقدمة في مختلف مناحي الحياة.
إلا أن النظام "السفيه" أبى إلا أن يكون في زمرة المخربين والضالين، غير مكترث بعروبة البلد ولا بتطلعات أهله وشعبه، واضعا يديه في أيدي زمر التآمر والمخاطر المحدقة التي تتربص بالخليج العربي وأهله الدوائر، ولكن الله سلّم، وانفضحت مؤامرات نظام ولاية السفيه، وانكشفت عوراته ومؤامراته أمام العالم أجمع، ولم يبقَ بيده الآن وقد وقع في شرور أعماله سوى اجترار جعجعة إعلامية خاسرة ودعاية سياسية بائرة ومفلسة، ولا طائل من ورائها.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة