موسم الأعياد.. إنفاق مزدهر للأثرياء وضغوط متزايدة على بقية الأمريكيين
تشير المؤشرات الاقتصادية مع اقتراب موسم العطلات إلى أن الإنفاق هذا العام سيتخذ شكلًا «K-shaped».
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن ذلك يشير إلى نمط منقسم بحدة يعكس اتساع الفجوة بين شرائح المجتمع. فبينما يستعد الأثرياء لموسم تسوق نشط، يواجه أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة ضغوطًا متزايدة، ما يجعل موسم الأعياد اختبارًا جديدًا لاقتصاد أميركي منقسم.
ومصطلح «K-shaped» برز خلال جائحة كورونا لوصف اقتصاد تعافت فيه فئات قادرة على العمل عن بُعد، في حين تضررت وظائف أخرى. ومنذ ذلك الحين، بات المفهوم يصف معظم ملامح الاقتصاد الأمريكي، من الأجور إلى الثروة والإنفاق.
وعلى صعيد الدخل، كانت الأجور لدى ذوي الدخول المنخفضة تنمو بوتيرة أسرع خلال الجائحة، مدعومة بإجراءات حكومية، لكنها عادت اليوم إلى التراجع مقارنة بذوي الدخول المتوسطة والعالية. ويُعزى ذلك جزئيًا إلى طفرة الذكاء الاصطناعي التي قلّصت فرص العمل للمبتدئين من خريجي الجامعات مع إحلال التكنولوجيا محل كثير من الوظائف المكتبية الأولية.
ويظهر الانقسام بوضوح أكبر في الثروة. فالأسر الأعلى دخلًا استفادت من ارتفاع أسعار الأسهم واستمرار صعود أسعار المنازل، إضافة إلى تدفقات نقدية قوية من أدوات الدخل الثابت. وهذا «أثر الثروة» عزز إنفاق الفئات الميسورة، حتى باتت الشريحة الأعلى، التي تمثل 10% من السكان، مسؤولة عن ما يقرب من نصف الإنفاق الاستهلاكي، بعد أن كانت حصتها نحو 36% في أواخر الثمانينيات.
الأقل دخلاً واستهلاكاً
في المقابل، تبدو الصورة أكثر قتامة في أسفل السلم. سلاسل الوجبات السريعة تشير إلى تراجع الإقبال من المستهلكين الأقل دخلًا، فيما تشهد مطاعم «الوجبات الصحية» الأحدث تباطؤًا في المبيعات مع انكفاء المستهلكين الشباب. كما أن شريحة الدخل المتوسط، التي لطالما شكلت العمود الفقري للاستهلاك، بدأت تنزلق نحو التشاؤم، مقتربة في ثقتها الاقتصادية من مستويات الفئات الأقل دخلًا.
والائتمان بدوره يعكس هذا الانقسام. فالنمو في بطاقات الائتمان تقوده الفئات الميسورة، بينما تضطر الأسر الأقل دخلًا إلى إنفاق نسبة أكبر من دخولها على الائتمان لمجاراة تكاليف المعيشة. وتظهر بيانات حديثة تراجعًا في متوسط الجدارة الائتمانية، مع ارتفاع معدلات التعثر في سداد القروض الاستهلاكية وقروض السيارات والتعليم، وهو ما يعد تاريخيًا إشارة إنذار لمخاطر اقتصادية أوسع.
ووسط هذا المشهد، يبرز سؤال محوري: هل يستطيع الطرف العلوي من «حرف K» الاستمرار في دعم الاقتصاد ككل؟ فالأرباح والدخول باتت شديدة التركز في القمة، فيما تعاني القاعدة من الهشاشة. ومع اقتراب الأعياد، يبدو أن موسم التسوق سيؤكد هذه المفارقة: أعياد مزدهرة للأثرياء، وأكثر حذرًا، وربما قلقًا، لبقية المجتمع، في اقتصاد بات انقسامه سمة لا يمكن تجاهلها.