بعد سجن القروي.. كرسي الغنوشي "آيل للسقوط" في البرلمان
رفع قرار إيداع رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي السجن من إعادة إصدار عريضة لإزاحة زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان.
عقوبة القضاء التونسي لـ"القروي" في ملفات تبييض الأموال، انتقلت من ساحة المحكمة إلى جدران البرلمان؛ حيث تتزايد مؤشرات انهيار تحالف قلب تونس وحركة النهضة الإخوانية.
النائب بالبرلمان عن الكتلة الديمقراطية، مبروك كورشيد، أكد أن "منصب رئيس البرلمان الغنوشي أصبح مهددا"، باعتبار أن القروي وحزبه حليفان لرئيس مجلس نواب الشعب ولحركة النهضة.
وشددّ كورشيد على أن "قرار القضاء بشأن القروي سيكون له ارتداداته على الساحة السياسية والبرلمانية"، مشيرا إلى "إمكانية خضوع كتلة قلب تونس للابتزاز السياسي على خلفية عملية الإيقاف بما سيؤثر على وضعها داخل المشهد".
كما اعتبر أن إيقاف القروي سيمس اعتبارياً ومعنوياً بالتحالف البرلماني الذي لم يحمل أي أمل للتونسيين، مرجحا أن يؤدي ذلك إلى "إعادة ترتيب المشهد السياسي من جديد عبر جبهة وطنية قوية تقوم على مبدأ الوفاء للخيارات الوطنية ضد قوى الإسلام السياسي".
من جانبه، جددّ النائب في البرلمان نبيل الحاجي عن الكتلة الديمقراطية تمسّك كتلته بمواصلة النضال حتى تنحية الغنوشي من منصبه.
وقال الحاجي: "رئيس البرلمان لم يتخذ أي خطوة واضحة لإدانة العنف الذي مورس في المجلس"، موضحا أن الغنوشي لم يبق له أي شرعية على رأس المجلس وأنهم سيواصلون النضال إلى حين تنحيته.
وتخوض الكتلة الديمقراطية منذ أسبوعين اعتصاما داخل البرلمان دون انقطاع بسبب انتقادها لتردّد رئيسه في إدانة العنف الذي مارسه أحد نواب ائتلاف الكرامة على نائب من التيار الديمقراطي وعدم القيام بتحقيق في الحادثة التي هزت الرأي العام الوطني آنذاك بسبب ارتفاع منسوب العنف اللفظي والجسدي تحت قبة البرلمان.
وتلتقي الكتلة الديمقراطية (تضم تحالفا بين نواب التيار الديمقراطي ونواب حركة الشعب) مع كتلة الدستوري الحر في دعوتها إلى إزاحة الغنوشي من رئاسة البرلمان.
وكشفت زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أنه أصبحت هناك دعوة ملحة لإزاحة الغنوشي أمام الانتهاك الصارخ لحرمة البرلمان من خلال عدم وضع حد لدعاة التكفير.
وأكدت أنها لن توقّع على سحب الثقة من الغنوشي إلا إذا التزم أصحاب اللائحة كتابيا بعدم ترشيح أي نائب من حزب النهضة لرئاسة البرلمان في دعوة صريحة لتخليص البرلمان من الفكر الترهيبي والمعادي لمدنية الدولة.
وأبدت الكتلة الديمقراطية مساندتها لمشروع اللائحة في حال صدوره عن زعيمة الحزب الدستوري عبير موسي وهو الأمر الذي أكده النائب نبيل حاجي في تصريح إعلامي، قائلا: "الكتلة لا تجد حرجا في التصويت على سحب الثقة من الغنوشي حتى في صورة تقديم اللائحة من قبل الدستوري الحر أو أي كتلة أخرى".
ومن الواضح أن تجد هذه اللائحة توافقا سياسيا و مساندة من كتل حزبية مختلفة على غرار كتلة تحيا تونس (11 مقعدا) وكتلة الإصلاح (16 مقعدا) وشخصيات مستقلة.
وتعيش حركة النهضة الإخوانية تخوفا من انهيار تحالفها المزعوم مع قلب تونس وسارعت إلى التعبير عن تضامنها مع حزب قلب تونس وكتلته البرلمانية بعد إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق رجل الأعمال وقطب الإعلام نبيل القروي، في خطوة يراها مراقبون أنها تكشف توجس الحركة من تصدع التحالف البرلماني.
وتسعى النهضة من خلال إعلانها التضامن مع حزب قلب تونس وهو أحد مكونات الحزام السياسي لحكومة هشام المشيشي، والذي تحالفت معه لاعتبارات تتعلق بالتحكم في الحكومة والسيطرة على أدائها، إلى استرضائه لمواصلة الضغط على رئيس الحكومة والدفع به نحو تعديل وزاري يستبعد فيه وزراء محسوبين على الرئيس قيس سعيد خاصة في الوزارات السيادية، وتعزيز الفريق الحكومي بوزراء مدعومين من الأحزاب الحاكمة.
ويرى مراقبون أن النهضة تخشى تصدع التحالف البرلماني لاعتبارات عديدة أبرزها، أن قلب تونس يمثل جزءا من الحزام البرلماني لراشد الغنوشي رئيس مجلس النواب الذي مازال معرضا لسيناريو سحب الثقة منه.
ومساء الجمعة، أجرى المشيشي جلسة عمل مع الكتل البرلمانية المساندة له، لبحث مقترحات بخصوص التحوير الوزاري المرتقب لسد الشغور في وزارتي الثقافة والبيئة.
وتضم حكومة المشيشي التي اختارها حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب السياسية 25 وزيرا و3 كتّاب دولة، وتتعرض لانتقادات حادة بسبب تواصل التجاذب السياسي والصورة السيئة للبرلمان على وقع تدني الخطاب بين الأحزاب، فيما لم تتمكن الحكومة من صياغة حلول جديدة للضائقة الاقتصادية والاجتماعية.
في المقابل يسعى رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى تعزيز حزامه السياسي من خلال تعديل يسترضي فيه الأحزاب الحاكمة، تجنبا لإضعافه أو إزاحته تحت ضغوط الشارع في ظل توسع حالة الاحتقان الاجتماعي تنديدا بتردي الأوضاع المعيشية.
وتعمل الحكومة في ظروف صعبة في ظل الصراع على السلطة بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الدولة – الحكومة – البرلمان)، والذي يتوق أن يزداد حدة مع التعديل المرتقب لعدد من الحقائب الوزارية خاصة أن رئيس الجمهورية قد لمّح سابقا إلى رفضه أي تعديل يستبعد فيه وزراء محسوبين عليه.
aXA6IDMuMTM4LjEzNC4yMjEg جزيرة ام اند امز