لقاء جنبلاط وحزب الله.. وزير لبناني سابق يجيب لـ"العين الإخبارية" عن "السؤال المحيّر"
على أنغام أزمة اقتصادية وسياسية، يستعد لبنان لإجراء انتخابات الرئاسة بعد شهرين، وسط تحذيرات من "فراغ دستوري" حال تعطل هذا الاستحقاق.
تلك التحذيرات تزامنت مع مشاورات للقوى السياسية لاختيار خليفة للرئيس ميشال عون، شابتها الاتهامات، خاصة بعد الاتصال الهاتفي بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط بحزب الله وفيق صفا، والذي لاقى انتقادات لاذعة في لبنان.
هذا الاتصال الهاتفي، تبعه لقاء بين جنبلاط، وحسين الخليل، المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله"، وهو ما أثار تساؤلا محيرا حول أسبابه في ظل خصومة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السياسية ومواقفه حيال سلاح الحزب، ودوره في الحرب السورية.
"تهور" حزب الله
إلا أنه رغم ذلك، فإن سليم الصايغ الوزير السابق ونائب رئيس حزب "الكتائب" قال في حوار لـ"العين الإخبارية"، إن جنبلاط يسعى على طريقته الخاصة أن يشكل ضمانة لكيلا يتهور حزب الله لفرض رئيس، أو "الذهاب إلى الحرب".
وأضاف الصايغ، أن "جنبلاط يعتبر أن من واجبه الأول حماية الدروز"، مشيرًا إلى أن "التحدي الذي سيواجهه جنبلاط هو في قدرته على التأثير في المعارضة".
وفيما قال إن محاولته قد تصل إلى أهدافها الأساسية رئاسيا، أو إلى أهدافها الفرعية تكتيكيا، أشار إلى أن جنبلاط "قد لا يكتفي بحركة دفاعية، إنما يعتمد على حركة استباقية في لحظة حرجة لتقول لحزب الله إنه لا يوجد غطاء داخلي لأي حرب قد يقوم بها، وإنه يستطيع أن يساعد للوصول إلى رئيس من خارج 8 آذار، إذ إن قنوات الاتصال الجدية مقطوعة بين حزب الله والمعارضة اللبنانية"
لا حديث مع حزب الله
وحول إمكانية عقد "الكتائب" لقاء مماثلا مع حزب الله، قال الصايغ: "نحن نلتقي مع كل الكتل في إطار مجلس النواب لدراسة القوانين المقدمة، إنما لا حديث رئاسي مع حزب الله".
ولم يحسم حزب الكتائب مرشحه للرئاسة حتى الآن، بحسب الصايغ الذي قال إن الكتائب "لم تأخذ قرارا؛ وهناك عملية تشاورية تتم، وسيكون القرار جماعيا وليس فرديا".
أما عن التعثر في تشكيل الحكومة، فيقول النائب اللبناني: "ليس هناك أي مبرر لعدم تشكيل حكومة، كل يوم نخسر نحو 30 مليون دولار، ومطلوب تأليف حكومة بالحد الادنى كي تقوم بالإصلاحات المطلوبة، بغض النظر عن انتخابات الرئاسة".
وكان رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل قد حمل مسؤولية ما يحدث من انفلات أمني إلى "رئيسي الجمهورية والحكومة اللّذين لا يبادران إلى تشكيل حكومة تكون قادرة على الاستجابة لحاجات الناس"، معتبرًا أن "القرار بعدم التشكيل في أسوأ فترة تمر بها البلاد هو جريمة تقترف بحق اللبنانيين عن سابق تصوّر وتصميم".
الاستحقاق الرئاسي
الدكتور سليم الصايغ، قال إن المحافظة على الاستقرار المستدام في لبنان يمر بالمحافظة على الاستحقاق الرئاسي مهما كانت الصعوبات، محددا رؤية حزب الكتائب لشكل ومواصفات الرئيس الجديد للبلاد .
وشدد الصايغ في الوقت ذاته على أن "محاولة فرض مرشح من المنظومة الحاكمة الحالية يعني استمرار حالة النزيف الحالية، وهو أمر مرفوض، سيتم مواجهته بكل الوسائل السلمي".
وردا على توقعات البعض باتجاه لبنان نحو فراغ رئاسي مع عجزه المحتمل عن إجراء انتخاباته بموعدها مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، توقع النائب اللبناني انتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستورية.
واستند نائب رئيس حزب "الكتائب" إلى عوامل تدعم توقعاته بإجراء الانتخابات بموعدها، قائلا، إنه "لا مصلحة لأحد بتحويل لبنان إلى دولة مارقة خارجة عن النظام العالمي، خاصة أن موقع لبنان الجيوسياسي لا يسمح بعزله وتطويقه"، مشيرًا إلى أن "مقارنته بدول أخرى تم تهميشها دوليا بانتظار تغيير الأمور فيها"، يعد أمرًا في غير محله.
عوامل أساسية
وأشار إلى أن هناك عوامل أساسية تجعل لبنان في قلب نظام المصلحة الإقليمية والدولية؛ أبرزها: امتداده إلى عمق مسألة النزوح السوري، واحتضانه للحيوية السياسية للجوء الفلسطيني، والاشتباك البحري حول ترسيم الحدود البحرية وحقول الطاقة، وقربه الجغرافي من الاتحاد الأوروبي، وأهمية موانئه على شرق المتوسط.
عوامل أخرى تجعل من لبنان موقعًا لا يمكن الاستغناء عنه، بينها: جاليته المنتشرة كجسر حضاري بين الثقافات وفي كل الاتجاهات، ورأسماله البشري الهائل الذي لاينضب والذي يساهم بشكل مؤثر في اقتصاد دول قريبة او بعيدة، إضافة الى مميزات خاصة للوطن اللبناني مناخيا واجتماعيا وثقافيا في جو من الحرية يعطي بيئة فريدة في المنطقة"، بحسب الصايغ.
وأشار إلى أن هناك عوامل أخرى آنية تتعلق بالتوجه العام في المنطقة نحو منطق التسوية بين دول المنطقة، ومع إسرائيل وتركيا، علاوة على مساعي الوصول إلى حل في الملف النووي، والاتجاه إلى تحجيم حق النقض الافتراضي في موضوع تزويد أوروبا بالغاز من حوض المتوسط.
جميع هذه العوامل تشير إلى أن "كلفة التعطيل للاستحقاق الرئاسي، ومعها تفريغ لبنان ستؤدي إلى فراغ استراتيجي، سيجذب كل أنواع التطرف ويؤدي إلى خراب لن يتحمله أحد"، بحسب الصايغ.
وأكد النائب اللبناني، ضرورة "المحافظة على الاستقرار المستدام في لبنان عبر بالمحافظة على الاستحقاق الرئاسي مهما كانت الصعوبات".
وكان وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، أكد أمس أن "الأمل كبير في انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية خلال المهل الدستوريّة".
مواصفات الرئيس
وبسؤاله عن المواصفات والمحددات المطلوبة للرئيس القادم، قال الصايغ: "يريد حزب الكتائب رئيسا يقبض على زمام الأزمة، ويضع نصب عينيه أولوية إنقاذ الكيان اللبناني، والتمتع أيضا بشرعية شعبية بالمعنى الرمزي للكلمة؛ بحيث إنه يمثل وجدانا عميقا عند اللبنانيين فيطمئنهم على تنوعهم الثقافي وتعددهم السياسي".
وأضاف: "على الرئيس أن يضع استراتيجية واضحة لحماية لبنان، وخطة استنهاض شاملة أساسها التوازن الخلاق بين حقوق الفرد المقدسة وحقوق الجماعة الضامنة، علاوة على خارطة طريق إصلاحية تنطلق من تعزيز القضاء والجيش وصولا إلى اللامركزية الشاملة واستكمال الدولة المدنية ووضع قانون عصري للأحزاب وقانون جديد للانتخابات النيابية".
وشدد على ضرورة أن يعي الرئيس الجديد "أهمية ورمزية ،الموقع فتكون سلطته مرتكزة على ثقة لا تعطيها أي ،صلاحية وعلى هيبة لا تفرضها إلا الالتزام بالقيم السامية والقدوة الصالحة والنزاهة والحكمة والشجاعة والمعرفة والدراية والبصيرة والتواضع وروح الخدمة العامة ونبض الكرامة".
ووجه الصايغ كلمة للقوى السياسية اللبنانية وأولوياتها في هذه المرحلة، مطالبًا إياها بإدراك أن محاولة فرض مرشح من المنظومة الحاكمة الحالية يعني استمرار حالة النزيف الحالية، ما يعد أمرًا مرفوضًا، يجب مواجهته بكل الوسائل السلمية.
aXA6IDUyLjE0LjEwMC4xMDEg جزيرة ام اند امز