اضطرابات كازاخستان تشعل سوق النفط.. الجميع يعيد حساباته
تتجه أسعار النفط خلال الربع الأول من 2022 نحو الارتفاع بفضل مساعي أوبك+، ولكن اضطرابات كازاخستان دقت ناقوس الخطر.
وسببت الاضطرابات في كازاخستان حالة من الضبابية لدى البعض بشأن أسعار النفط عالميا، خصوصا أنها جزء من اتفاق أوبك+ وتنتج يوميا نحو 1.59 مليون برميل، وعليه فتوقف الإنتاج بمثابة أزمة كبيرة.
ويرى خبراء أسواق المال أن الاضطرابات السياسية في كازاخستان من شأنها زيادة أسعار النفط لتصبح الدول المصدرة للنفط هي الرابحة إزاء ما يحدث في أغنى دول آسيا الوسطى بالثروات الطبيعية، خاصة في حالة تصعيد التوترات والاضطرار إلى وقف الإنتاج، وهم ما سيرفع سعر البرميل ويدعم تحالف روسيا والسعودية في أوبك+.
وهو ما سيدفع أوبك+ إلى إعادة حساباتها في الاجتماع المقبل، وقد تضطر إلى زيادة الإنتاج لسد حصة كازاخستان وضمان ضبط السوق بما يتفق مع رغبة الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
وبالسؤال عن الخاسرين في حال وقف إنتاج كازاخستان من النفط، نجد أن الدولة نفسها تصبح أول الخاسرين، بجانب دول أوروبا والولايات المتحدة التي تستحوذ على نحو 50% من إنتاج كازاخستان وأيضا اليابان والهند والصين، وهم الدول المستوردة للنفط ويأملون في زيادة الإنتاج وخفض الأسعار خلال عام 2022 الجاري.
وارتفعت أسعار النفط اليوم الجمعة وتتجه صوب تسجيل أعلى زيادة أسبوعية منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول، بفعل اضطرابات في كازاخستان وانقطاعات الإنتاج في ليبيا، مما أثار مخاوف بشأن الإمدادات.
وزادت العقود الآجلة لخام برنت 76 سنتا، بما يعادل 0.9%، إلى 82.75 دولار للبرميل بحلول الساعة 0939 بتوقيت جرينتش.
وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 77 سنتا، بما يعادل واحدا بالمئة أيضا، إلى 80.23 دولار للبرميل.
والخامان بصدد تسجيل زيادة 6.5% في الأسبوع الأول من العام مع بلوغ الأسعار أعلى مستوياتها منذ نهاية نوفمبر تشرين الثاني حيث فاقت المخاوف بشأن الإمدادات القلق من احتمال تضرر الطلب جراء الانتشار السريع للمتحور أوميكرون من فيروس كورونا.
وسيطرت قوات الأمن على ما يبدو على شوارع مدينة ألما اتا، أكبر مدن قازاخستان، اليوم الجمعة في حين أعلن الرئيس استعادة النظام الدستوري في معظمه بعد يوم من إرسال روسيا قوات للتصدي لانتفاضة.
ولا تواكب زيادات الإمداد من مجموعة أوبك+، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا وحلفاء، نمو الطلب.
وارتفع إنتاج أوبك في ديسمبر/كانون الأول 70 ألف برميل يوميا عن الشهر السابق، وهو ما يقل كثيرا عن الزيادة المسموح بها بموجب اتفاق أوبك+ البالغة 253 ألف برميل يوميا، والذي أعاد الإنتاج الذي تم خفضه في 2020 عندما انهار الطلب في ظل إغلاقات كوفيد-19.
وتراجع إنتاج ليبيا إلى 729 ألف برميل يوميا، من إنتاج مرتفع بلغ 1.3 مليون برميل يوميا العام الماضي، فيما يرجع جزئيا إلى أعمال صيانة خط أنابيب.
تأثير كازاخستان على سوق النفط
أعلن أكبر منتج للنفط في كازاخستان عن تعديل خطط الإنتاج بحقل تينجيز العملاق في خضم الاضطرابات والاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
ووفقا لوكالة بلومبرج للأنباء، قالت شركة "تينجيزشيفرويل" القائمة على تشغيل الحقل، في بيان أمس الخميس إن "هناك تعديلا مؤقتا للإنتاج لأمور تتعلق بالنقل والإمداد".
وأضافت أن عددا من "الموظفين المتعاقدين" احتشدوا بالحقل دعما للمحتجين في أنحاء كازاخستان.
ورفضت الشركة المعروفة اختصارا بـ "تي إس كو" الإفصاح عن تفاصيل أخرى بشأن حجم التعديل، رغم أنها قالت إن عمليات الإنتاج مستمرة.
وشركة "تي سي أو" مشروع مشترك تقوده شركة شيفرون كورب الأمريكية، وتقوم بإنتاج نحو ثلث نفط كازاخستان.
وأدت قفزة في أسعار الوقود إلى اندلاع احتجاجات هذا الأسبوع في غرب تلك الدولة التي تقع في أسيا الوسطى.
وانتشرت الاضطرابات الأولية بشكل سريع وتصاعدت إلى مظاهرات مناهضة للحكومة، وسقط العشرات من المحتجين قتلى على أيدي قوات الأمن، وفقا للشرطة.
ونشرت روسيا وحلفاؤها قوات للمساعدة في إخماد هذه الاضطرابات، التي تشكل أكبر تهديد للقيادة في كازاخستان منذ استقلالها في عام 1991.
وقالت لوري هايتيان مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن ما يحدث في كازاخستان وهي جزء من اتفاق أوبك+ قد يكون له تأثير كبير على المعروض ومستوى التفاهم في أوبك+، لأن الكل ينظر حالياً إلى إمكانية توقف الإنتاج من كازاخستان، لا سيما إذا حدث اشتباك حول الحقول أو أي توقف بسبب ما يحدث.
حصة كازاخستان من سوق النفط
وتشير بيانات حديثة صادرة عن "أوبك+"، أن إنتاج كازاخستان المُقرر في فبراير/شباط 2022 يبلغ 1.59 مليون برميل يوميًا.
ومع بداية العام الجاري طغى الوضع الجيوسياسي على التساؤل بشأن المعروض، بسبب ما يحدث في كازاخستان من جانب، وما يحدث بين روسيا وأوكرانيا من جانب آخر، بالإضافة إلى الأوضاع في ليبيا.
اقتصاد كازاخستان
وتعد الجمهورية التي تمتد على مساحة 2.717.300 كلم2، من أغنى دول آسيا الوسطى بالثروات الطبيعية النفط والغاز الطبيعي واليورانيوم والمعادن النفيسة.
و كازاخستان، صاحبة ناتج محلي إجمالي مقداره 60% من ناتج منطقة وسط آسيا بكاملها، وزاد في 2020 عن 416 مليار دولار، هي بلاد محظوظة بقلة سكانها البالغين 19 مليونا، وبكبر مساحتها الممتدة على أكثر من مليونين و724 ألف كيلومتر مربع، مساوية تقريبا لمساحة دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة، لذلك هي أكبر دولة غير ساحلية على بحر مفتوح في العالم، والتاسعة بين دوله، حيث لكل 7 من سكانها كيلومتر مربع.
ويشكل النفط 21 % من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد عام 2020، بحسب البنك الدولي، كما ينتج أبرز حقل نفطي "تنغيز" ثلث الناتج السنوي لكازاخستان وتسيطر على 50% منه شركة شيفرون الأمريكية.
بالرغم من الاحتياطات النفطية، تعاني كازاخستان من الأزمات المالية، ويبلغ متوسط دخل الفرد نحو 600 دولار شهريا، وبينما يبلغ الناتج المحلي الإجمالي حوالي 179 مليار دولار العام الماضي.
ويعاني النظام المصرفي من أزمات معقدة نتيجة القروض المتعثرة وقضايا الفساد المنتشرة.
aXA6IDE4LjExNy43OC4yMTUg جزيرة ام اند امز