خالد القاسمي.. مبدع خاطب الضمير العالمي بتصميماته الفريدة
تصاميمه جمعت قلم كاتب وريشة فنان فيها قصة ولوحة فنيّة تحمل إبداعاً ورسالة تواصل بين ثقافات العالم لإيصال ثقافة أو فكر أو قضية.
"الأزياء التي أصممها تحمل في مضمونها رسالة شغف أحاول أن أوصلها إلى العالم، بما أنني من الشرق الأوسط يحتم عليّ واجبي أن أناقش السياسة فاستخدمت الأزياء لأعبر من خلالها عن أفكاري"، هذه الكلمات مقتبسة من مقابلات مختلفة للمغفور له الشيخ خالد بن سلطان القاسمي ليوجع رحيله العالم أجمع الذي هبّ معزياً ومستذكراً مناقبه وإبداعاته وموهبته الابتكارية.
حمل هويته ووطنه بقلبه ورسخته تصميماته بأسلوب خاص ومبتكر ليطلق في عام 2008 علامته التجارية العالميّة "قاسمي"، التي ارتكزت إلى فكره وثقافته ويكون هدفها نشر رسالة ابن الشارقة البار بوطنه وعروبته إلى العالم بعيداً عن أي هدف تجاري أو لغة الأرباح لينقل عمقه السياسي ونظرته الفلسفية بطريقته الهادئة والفنية المنفردة.
جمعت تصاميمه قلم كاتب وريشة فنان فيها قصة ولوحة فنيّة تحمل إبداعاً ورسالة تواصل بين ثقافات العالم لإيصال ثقافة أو فكر أو قضية، تجسَّدت في استخدامه كلمات عربيّة وعبارات لقضايا من الشرق الأوسط طبعها على تصميماته المختلفة؛ ليلفت أنظار العالم إليها على منصات أهم عروض الأزياء العالمية.
جسَّدت دار "قاسمي" المختصة بالأزياء الرجاليّة ذات اللمسات الشرقية والمستوحاة من الصحراء العربيّة، حكاية نجاح فريدة في صناعة تتميز بالتحدي والإبداع والمثابرة، ونافست أشهر المصممين ودور الأزياء العالميّة لتصبح اسماً معروفاً وفريداً برسالته على خريطة التميز، كما مزجت تصاميمها ألوان الشرق والغرب التي تتناسب مع إيقاع الشباب في الوقت الذي شكَّلت به وسيلة للتعريف بالعديد من الموضوعات المهمة.
وقدَّمت دار "قاسمي" في مجموعة خريف 2017 تصميما استوحته من الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982 الذي حمل عبارة "صحافة.. لا تطلق النار" ما عكس فكر العروبة لدى مصممها الراحل الشاب، وسلَّط الضوء على أحداث مهمة شهدتها منطقة الشرق الأوسط ليجري تقليد التصميم من قبل إحدى شركات الأزياء العالمية التي أثارت جدلاً واسعاً.
تصاميم أخرى لشركة "قاسمي" ناصرت قضايا اجتماعية وإنسانية وخاطبت الضمير العالمي حملت عبارات مختلفة أوصلت من خلالها رسائلها الثقافية والاجتماعية والسياسية سواء التي تناولت نزاعات المنطقة أو موضوعات عالميّة منها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقضايا التمييز بين الأجناس لتعبر عن آراء الناس بحرية.
ولم تغب اللغة الأم عن تصميمات "قاسمي"، إذ حملت تصميماتها العديد من المصطلحات العربية، إضافة إلى عبارات متكاملة منها "آمين"، "النهاية" "نحن مختلفون جداً الآن"، وغيرها لتنشر على منصات العروض العالميّة اللغة العربيّة ومعانيها العميقة وتظهر بخطوطها المرسومة بعناية جماليتها.
للقهوة العربية الكثير من المعاني وهي رمز الضيافة والكرم عند العرب، "قاسمي" تبنّت نشر عبقها في عرضها الأخير في العاصمة البريطانية لندن خلال يونيو/حزيران الماضي، الذي قدَّمت خلاله العديد من التصاميم الشرقيّة بألوان الصحراء العربيّة لتأخذ الحضور إلى الأجواء العربيّة الساحرة وتعكس الانتماء إلى التقاليد المتوارثة عن الأجداد.
في إحدى مقابلات المرحوم الشيخ خالد القاسمي قال: "عندما أكون في الغرب يكون وطني في قلبي وعندما أكون في وطني أحن إلى نشر رسالتي التي تخدم العالم أجمع".
تُشكِّل "قاسمي" شاهداً على إبداع الشباب الطموح الذي اتبع شغفه ليحقق طموحاته بجد واجتهاد ويؤسس خط تصاميم فريدا من نوعه في صناعة الأزياء يعيش بما خلّده من فكر وأهداف، كما قال في عرضه الأخير: "يتم تصميم الأزياء لكي نعيش فيها".
ترك المرحوم الشيخ خالد بن سلطان القاسمي بدار الأزياء الرجالية العريقة "قاسمي" إرثاً تُشكِّل كل قطعة فيها أيقونة للدفاع عن القضايا السياسية والاجتماعية في الشرق الأوسط ورؤيته لمستقبل أفضل غاب حضوره عنه مبكراً لكنه خلده بذكرى إبداعاته.
المغفور له الشيخ خالد بن سلطان بن محمد القاسمي ولد في عام 1980 وحصل على منحة دراسيّة في الفنون وهو في الـ9 من عمره وغادر الشارقة إلى المملكة المتحدة ليلتحق بمدرسة تونبريدج في كنت، وتعلَّم اللغتين الفرنسية والإسبانية في كلية لندن الجامعية، وأكمل تعليمه الجامعي في الهندسة المعمارية من رابطة علوم الهندسة المعمارية في لندن ويجيد التحدث بـ7 لغات عالميّة، إلى جانب لغته العربية الأم، إضافة إلى اهتماماته الثقافيّة والفنيّة والأدبيّة وعمل رئيساً لمجلس الشارقة للتخطيط العمراني، وإدارة مجموعة "ألف"، وعُين رئيساً لمجلس إدارة ترينيالي الشارقة للعمارة.
وحقق الشيخ خالد بن سلطان القاسمي العديد من الإنجازات المهمة لتطوير البنية التحتية في إمارة الشارقة والارتقاء بمعايير التطوير العمراني واستحداث العديد من المشروعات الخدميّة في الإمارة بما يحقق الرفاهية لأبناء الشارقة ويدعم برامج التنمية المستدامة.