"اتفاق الخرطوم".. هل يقود إلى سلام دائم بجنوب السودان؟
الاتفاق نص على وقف إطلاق نار دائم في الجنوب خلال 72 من توقيع هذا الإعلان وفتح ممرات الإغاثة وإطلاق سراح المعتقلين.
وقع فرقاء دولة جنوب السودان في العاصمة السودانية الخرطوم، الأربعاء، على اتفاق إعلان مبادئ لتحقيق السلام في البلاد، مما فتح آفاقا جديدة أمام مساعٍ دولية وإقليمية لإنهاء النزاع بالدولة الوليدة.
وسادت حالة من التفاؤل لدى قيادات بجنوب السودان، تحدثت لـ"العين الإخبارية"، حول نجاح إعلان المبادئ الموقع، في تحقيق السلام ببلادهم، ووصفوا ما تم بأنه اختراق غير مسبوق في مسار الأزمة السياسية، أما البعض فوصفها بالخطوة في الاتجاه الصحيح، ولا يدعو إلى تفاؤل كبير بالتوصل إلى سلام مستدام في جنوب السودان، نظراً لفشل عديد من الاتفاقات الموقعة خلال الفترة التي أعقبت اندلاع النزاع المسلح عام 2013م، وغياب الضمانات.
- بالصور.. توقيع اتفاق إعلان مبادئ بين فرقاء جنوب السودان في الخرطوم
- انطلاق جولة مفاوضات السلام في جنوب السودان بالخرطوم
وقّع على الاتفاق الأطراف الرئيسية الأربعة، وهم: الحكومة بقيادة الرئيس سلفاكير ميارديت ورياك مشار بالإنابة عن الحركة الشعبية المعارضة، وممثلو المعتقلين السابقين والمعارضة الداخلية، إضافة إلى "الإيقاد" والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والترويكا ومنتدى شركاء الإيجاد.
ونص اتفاق الخرطوم، الذي تلاه وزير الخارجية السوداني، الدرديري محمد أحمد، على وقف إطلاق نار دائم في الجنوب يدخل حيز التنفيذ خلال 72 من توقيع هذا الإعلان، ويتفق فيه الأطراف على فتح ممرات الإغاثة وإطلاق سراح المعتقلين وسحب القوات وفض الاشتباك.
وشمل الاتفاق دعوة الاتحاد الأفريقي و"الإيقاد" إلى وضع قوات حماية لوقف إطلاق النار الدائم في الجنوب، واتخاذ الإجراءات، ليصبح الجيش والأمن أجهزة قومية بعيدا عن القبلية مع جمع السلاح من المدنيين.
كما نص على تشكيل حكومة انتقالية لمدة 36 شهرا تُجرى خلالها الانتخابات العامة، كما اتفقت الأطراف على الإفراج عن الأسرى والمعتقلين. وأشار الى أن تقسيم السلطة سيكون وفق اتفاق التجسير الموقع بين البلدين، وأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة ومفتوحة لكل الشعب الجنوب سوداني.
وأقر الاتفاق على أن تأمين حقول النفط في ولاية الوحدة مهم المواطنين في جنوب السودان، وعند الضرورة سوف تعمل حكومة الجنوب مع حكومة السودان.
سلفاكير ومشار يتعهدان
تعهد رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت وزعيم المعارضة المسلحة رياك مشار، بتنفيذ الاتفاق الموقع، والمضي قدماً لتحقيق السلام المستدام لمصلحة مواطني البلاد الذين أقرا بمعاناتهم إزاء استمرار الحرب.
وقال سلفاكير، في خطاب مقتضب عقب التوقيع بالقصر الرئاسي في الخرطوم، إنه ملتزم التزاما كاملا بالاتفاق الذي وقع الآن وكل الاتفاقات التي ستوقع لاحقا، وأضاف: "لن أخذلكم ولن أخذل شعب جنوب السودان". وأكد أنه شعر ورأى معاناة الشعب، ولذلك فهو لن يخذلهم ولن يخذل الوسطاء. وتقدم بالشكر للوسطاء والسودان الذين يسروا هذا الاتفاق.
بدوره، قال زعيم المعارضة المسلحة الدكتور رياك مشار: "أوفينا بوعدنا مع الرئيس البشير، ووقعنا اليوم على اتفاقية السلام". وأضاف: "أؤمن بأن شعب جنوب السودان سيكون الأسعد بوقف إطلاق النار". وتابع: "الاتفاقية ستعيد كل اللاجئين المنتشرين في أرجاء الأرض إلى ديارهم".
وأبدى الرئيس السوداني عمر البشير – راعي المحادثات - تفاؤله بأن يكون اتفاق الخرطوم مدخلاً لاتفاق سلام شامل بالجنوب، وقال إن "الاتفاق وضع الأساس المتين للسلام بجنوب السودان، وستكون نتائجه واضحة، وأن البندقية ستتوقف منذ اليوم".
واعتبر البشير، خلال كلمة عقب التوقيع، أن وثيقة الخرطوم بداية لعودة السلام والاستقرار بجنوب السودان، وقال: "الاتفاق هديتنا لمنسوبي جنوب السودان في كل مكان، ونبشرهم بأن السلام الشامل آت لكل لربوع الجنوب".
ضمانات مفقودة
أجواء التفاؤل والاحتفاء باتفاق الخرطوم، أثارت حفيظة السياسيين في جنوب السودان، ومن بينهم الدكتور لوكا بيونق الذي لا تبدو الرؤية بالنسبة له كغيره، في ظل غياب الضامن لإنفاذ الاتفاق الإطاري والسير قدماً نحو السلام الحقيقي.
وقال بيونق، في تعليق لـ"العين الإخبارية": "ما الذي يضمن ألا يكون ما اتفق عليه سلفا ومشار حبراً على ورق، في ظل المعطيات الحالية ووجود مليشيات يصعب السيطرة عليها ومنعها من خرق الاتفاق؟"، وتساءل: "هل يقبل كير بالعمل مع مشار؟".
وشدد لوكا، الذي يعمل أستاذاً جامعياً الآن، على أن الحل يبدأ بضمان تكوين جيش قومي وتفكيك المليشيات المؤسسة على أساس عرقي وإثني، بجانب إقرار مبدأ العمل معا دون إقصاء أحد، لا سيما سلفا ومشار.
من جانبه، اعتبر القيادي بحركة رياك مشار، أقوك مكور، أن الاتفاق خطوة في الاتجاه الصحيح جاء بعد مجهودات قادتها الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا "إيقاد"، وتوجت بجهود الرئيس السوداني الذي استطاع إقناع الأطراف.
وقال مكور لـ"العين الإخبارية"، إنهم سيلتزمون تماماً بالاتفاق الذي يدخل حيز التنفيذ بعد 3 أيام، وإنه بدا واضحا أن حكومة الجنوب ستلتزم من خلال حديث الرئيس سلفاكير، مشدداً على أن أواصر الإخاء والترابط بين دولتي السودان والجنوب مكن الرئيس عمر البشير من تقريب وجهات النظر وإبرام الاتفاق في فترة وجيزة.
بدوره، أكد رئيس الهيئة الشعبية لدعم السلام في جنوب السودان، إستيفن لوال، أن الاتفاق يعد خطوة غير مسبوقة في مسار الأزمة السياسية في بلادهم، حيث تميز عن غيره بشموله جميع الأطراف دون تجاوز أي كيان.
وتوقع لوال، خلال تعليق لـ"العين الإخبارية"، أن يفضي الاتفاق إلى إحياء حقيقي لاتفاقية السلام الموقع 2016، ودفع عملية الأمن والاستقرار في جنوب السودان.