معهد موسكو للعلاقات الدولية.. مصنع دبلوماسيي الكرملين

يعد معهد موسكو للعلاقات الدولية القاعدة الأبرز لصقل مهارات الدبلوماسيين الروس، حيث يُحوّل الطلاب إلى "سفراء مُسلحين بالمعرفة" لتعزيز نفوذ موسكو العالمي.
داخل أروقة المعهد يتدرب الطلاب على الإلمام العميق بالتفاصيل القانونية والجغرافية، والقدرة على توظيف هذه المعرفة لخدمة الأجندة السياسية لموسكو، وفقا لصحيفة تليغراف البريطانية.
ومنذ تأسيسه عام 1944، أنتج المعهد أسماء لامعة مثل سيرغي لافروف وماريا زاخاروفا، اللذين يُظهران براعة في استخدام القوانين الدولية لتبرير سياسات الكرملين، بدءاً من ضم القرم إلى التدخل في سوريا.
ويركز المنهج الدراسي على إتقان اللغات الأجنبية (يتحدث بعض الخريجين حتى 5 لغات)، وفهم دقيق للمعاهدات الدولية، وتوجه هذه المهارات لدعم الرواية الروسية.
ولا تقتصر الاستراتيجية على الجانب النظري، بل تمتد إلى ما يُسمى "الواقعية الهجومية"، حيث يُصمَّم المنهج لتعليم الدبلوماسيين القادمين أن القوة الناعمة يجب أن تدعمها القوة العسكرية.
ويجري تدريب الطلاب على تحليل الصراعات عبر منظور "مصلحة الدولة العليا"، حتى وإن تعارضت مع القانون الدولي. ويروي الخريجون كيف يُبرر الأساتذة قرارات مثل ضم القرم، كجزء من "ضرورات استراتيجية" تعلو على المفاهيم الأخلاقية.
ويعمل المعهد أيضاً كجسر بين الأكاديميات وأجهزة الدولة الأمنية. فبينما تُوجَّه الطالبات نحو أدوار ثانوية كـ"زوجات دبلوماسيين"، يُستقطب الذكور المتفوقون عبر مكتب سري لجهاز الأمن الفيدرالي (FSB) داخل الحرم الجامعي.
وهذه العلاقة الوثيقة تخلق دبلوماسيين قادرين على المناورة بين المنصات الدولية والمخابرات، حيث تُستخدم المفاوضات أحياناً كغطاء لتعزيز المكاسب العسكرية، كما حدث في محادثات السلام الروسية-الأوكرانية.
حتى عام 2022، نجح المعهد في نسج شراكات مع جامعات غربية مثل "ريدينغ" البريطانية، بهدف تعزيز النفوذ الثقافي الروسي وتلميع صورة السياسات الروسية عبر حوار أكاديمي "محايد".
لكن هذه الشراكات توقفت بعد العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا، مما كشف عن تناقض صارخ بين مؤسسة تُدرِّب على انتهاك القانون الدولي تتعاون مع جامعات تروج لقيم التعاون وحقوق الإنسان.
والنتيجة النهائية هي دبلوماسية روسية هجينة، تجسدها شخصيات مثل لافروف، الذي يُظهر براعة في تفكيك الاتهامات الموجهة لبلاده عبر استشهادات قانونية، بينما تتحرك الدبابات على الأرض.
وهكذا يصوغ معهد موسكو للعلاقات الدولية دبلوماسيين يتقنون لغة الأمم المتحدة، وتنفيذ أجندة الكرملين، ليصبح المعهد ليس مجرد جامعة، بل هو مصنع لإنتاج "القوة الذكية" الروسية.