اليوم الوطني السعودي 92.. سجل مضيء في رعاية الحرمين وخدمة ضيوف الرحمن
تحتفل السعودية، الجمعة، بيومها الوطني 92 في وقت تواصل فيه جهودها لرعاية الحرمين الشريفين والارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.
وباحتفال المملكة بيومها الوطني هذا العام، تكون أكملت نحو 101 عام في خدمة ضيوف الرحمن منذ المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود وصولا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
أهمية خاصة
ويحمل احتفال المملكة بيومها الوطني هذا العام أهمية خاصة لأكثر من سبب، أبرزها أنه يأتي بعد شهرين من نجاح قياسي لموسم حج استثنائي، يعد الأكبر الذي تنظمه السعودية، منذ تفشي جائحة كورونا قبل 3 أعوام.
كما أنه يأتي بعد شهر من إطلاق الأمير محمد بن سلمان 24 أغسطس/ آب الماضي أعمال البنية التحتية والمخطط العام لمشروع "رؤى المدينة“، في المنطقة الواقعة شرق المسجد النبوي الشريف، في إطار جهود المملكة المستمرة للارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.
كما يأتي بعد أيام من قيام الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس بتدشين روبوت "التلاوات والخطب والأذانات" الخاص بوكالة شؤون الأئمة والمؤذنين، وذلك في إطار التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة ضويف الرحمن، بعد نجاح توظيف الروبوتات لهذا الغرض في موسمي الحج الماضيين.
كذلك يأتي الاحتفال باليوم الوطني بعد أسبوعين من إعلان وزارة الحج والعمرة إمكانية إصدار تصاريح العمرة والزيارة من قِبل المقيمين القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي والحاصلين على تأشيرة الزيارة لغرض السياحة، عبر تطبيق "اعتمرنا".
يأتي ذلك في إطار الجهود المبذُولة لتسهيل قدوم المعتمرين من جميع دول العالم، وإثراء تجربتهم، ورفع جودة الخدمات المقدمة لهم ضمن حلول وخيارات متنوعة، تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030.
واستمرارًا لتحسين جودة الخدمات المقدمة لزوار بيت الله الحرام، قامت الإدارة العامة للتفويج بالحرمين الشريفين بالاستعداد لاستقبال الزوار والمصلين خلال اليوم الوطني، تنفيذا لتوجيهات قيادة المملكة بتقديم أرقى وأفضل الخدمات لضيوف الرحمن.
101 عام
ويوافق اليوم الوطني السعودي ذكرى اليوم الذي أعلن فيه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود توحيد البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية، للمرة الأولى في التاريخ، وتوحيد رؤيتها تحت راية الإسلام وشهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" يوم الخميس 23 سبتمبر/أيلول 1932، الموافق 21 جمادى الأولى 1351هـ..
ورغم أنه يؤرخ لتأسيس المملكة العربية السعودية في عام 1351 هـ، إلا أن تدشين بداية عهد رعاية ضيوف الرحمن من قبل الملك المؤسس يعود إلى عام 1343هـ (قبل 101 عام هجري).
فقبل أن يكتمل توحيد المملكة، أخذ الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن على عاتقه مسؤولية رعاية وأمن وأمان وإكرام ضيوف الرحمن، لتكون الركن الأساس في بناء الدولة منذ اللبنات الأولى لتأسيسها.
وبعث رسمياً رسائل إلى أمراء المدن التي دخلت الحكم السعودي، آنذاك، لبدء الاستعداد لاستقبال الحجاج مبكراً في 15 من محرم عام 1343هـ.
نقلة نوعية
واستمرت العناية بالحجاج والمعتمرين منذ ذلك التاريخ مرورا بتأسيس المملكة، وعبر ملوكها المتعاقبين، وصولا لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تولى مقاليد الحكم 23 يناير/كانون الثاني 2015 ، وشهدت رعاية ضيوف الرحمن في عهده نقلة نوعية وإنجازات قياسية، مكنت المملكة من تنظيم الحج على مدار 3 مواسم متتالية (2020 و2021 و2022)، في ظل جائحة كورونا، بنجاح منقطع النظير، دون تسجيل أي إصابات.وبعد عام واحد من توليه الحكم، أطلق الملك سلمان عام 2016 خارطة طريق لرسم مستقبل البلاد تحمل اسم "رؤية 2030" تقود لنهضة شاملة في مختلف المجالات.
وفي 28 مايو/أيار 2019، دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بحضور ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، برنامج خدمة ضيوف الرحمن أحد برامج رؤية المملكة 2030.
وشهدت خدمة ضيوف الرحمن تطورات متلاحقة خلال الأعوام الماضية تحت مظلة رؤية المملكة 2030، كان أبرزها استمرار التوسعة السعودية للحرمين وزيادة المساحات والخدمات لزيادة طاقتها الاستيعابية، من خلال زيادة التوسع في منظومة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن والارتقاء بها مع التحسين الجذري للإجراءات، وإثراء الرحلة الدينية والتجربة الثقافية، وعكس الصورة الحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن.
وأخذ برنامج خدمة ضيوف الرحمن على عاتقه، قيادة التجربة التحولية لقطاع الحج والعمرة، ضمن باقة من المبادرات نفذ بعضها وأخرى تحت التنفيذ بتمكين الجهات ذات العلاقة.
ويأتي على رأس تلك المنجزات خلال الفترة بين 2019 و2021: إطلاق التأشيرة الإلكترونية للحجاج والمعتمرين، ما أسهم في تقليص مدة الحصول على التأشيرة من 14 يوماً إلى 5 دقائق، وإعادة هيكلة شركات أرباب الطوائف للتحول من مؤسسات أفراد إلى شركات، وإطلاق "شركة كدانة للتنمية والتطوير"؛ لتكون الذراع المختص بتطوير وتنمية المشاعر المقدسة وحماها بمدينة مكة المكرمة، ورفع الطاقة الاستيعابية للمشاعر لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضة الحج على أكمل وجه، وتهيئة المشاعر المقدسة والاستخدام الأمثل لها على مدار العام.
أكبر موسم حج منذ كورونا
تلك التطورات ساعدت المملكة في تنظيم الحج على مدار المواسم الثلاثة الماضية في ظل جائحة كورونا بنجاح منقطع النظير.
ويأتي الاحتفال باليوم الوطني الـ92 ، بعد شهرين من نجاح قياسي لموسم حج استثنائي، يعد الأكبر الذي تنظمه السعودية، منذ تفشي جائحة كورونا قبل 3 أعوام.
نجاح على مختلف الأصعدة الدينية والأمنية والخدمية والصحية، أكدته لغة الأرقام في موسم خلا من تسجيل أي تفشيات أو مؤثرات على الصحة العامة.
ويعد موسم الحج هذا العام استثنائيا، كونه موسم الحج الأكبر منذ بدء تفشي فيروس كورونا مطلع عام 2020، والأول الذي يتم فيه استقبال حجاج من خارج المملكة، حيث جرى رفع إجمالي عدد الحجاج إلى مليون بعد عامين من قصر الحج على أعداد محدودة من داخل المملكة فقط بسبب جائحة كورونا.
وأدى عدد من رؤساء الدول العربية والإسلامية الحج هذا العام، لأول مرة منذ عامين، بسبب قصر أداء الحجاج على المقيمين داخل المملكة، بسبب كورونا. من أبرزهم الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني ورئيس الشيشان رمضان قديروف ورئيس المالديف إبراهيم محمد صالح.
وفيما غابت الإصابات والحوادث وكل ما يعكر صفو الحج، حضرت الإنجازات، حيث شهد هذا العام التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي على مختلف الأصعدة الأمنية والصحية والدينية، توسعت السعودية في استخدام تقنيات الروبوتات الذكية لخدمة حجاج بيت الله الحرام بهدف الارتقاء بمنظومة العمل وتميزه، وفيما تم خلال حج العام الماضي إطلاق روبوت لتوزيع ماء زمزم وروبوت للفتوى وروبوت للتعقيم، وفرت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في حج هذا العام روبوتًا لتوزيع المصاحف على الحجاج داخل المسجد الحرام، خلال تأديتهم لطواف الوداع.
أيضا وفرت رئاسة شؤون الحرمين روبوت لقياس رضا قاصدي المسجد الحرام، بـ(6) لغات، يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي لقياس رضا قاصدي المسجد الحرام، عن الخدمات المقدمة، والتي تساهم في رقي الخدمات وحوكمة الأعمال بجميع أشكالها.
روبوت التلاوات
واستمراراً في استثمار آليات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، دشن الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس 9 سبتمبر/ إيلول الجاري روبوت "التلاوات والخطب والأذانات" الخاص بوكالة شؤون الأئمة والمؤذنين.
وأكد السديس أن الروبوت يعنى بإيصال رسالة أئمة ومؤذني المسجد الحرام للقاصدين، وتوظيف التقنيات الحديثة في خدمة ضيوف الرحمن.
وسيكون عمل الروبوت على قسمين: الأول: عرض الباركودات لجميع المواد بحيث يمكن للقاصد أخذ غايته بالتحميل وعرضه في جهازه الشخصي.
والقسم الثاني: يكون عبر أوامر صوتية في الروبوت ويتواصل معه القاصد آليًا، للحصول على معلومات عامة عن الأئمة والمؤذنين، والجداول الأسبوعية، وخطيب ومؤذن الجمعة وغير ذلك.
تسهيلات جديدة
وفي إطار الجهود المبذُولة لتسهيل قدوم المعتمرين من جميع دول العالم، وإثراء تجربتهم، ورفع جودة الخدمات المقدمة لهم ضمن حلول وخيارات متنوعة، تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، أعلنت وزارة الحج والعمرة 6 سبتمبر/ إيلول الجاري إمكانية إصدار تصاريح العمرة والزيارة من قِبل المقيمين القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي والحاصلين على تأشيرة الزيارة لغرض السياحة، عبر تطبيق "اعتمرنا".
وشهد موسم العمرة للعام الهجري الجاري 1444هـ تسهيلات عدة في إجراءات قدوم المعتمرين لأداء العمرة لتشمل عدة أنواع من التأشيرات متاح للحاصلين عليها تأدية العمرة، وتشمل: تأشيرات الزيارات العائلية للمقيمين داخل المملكة، والزيارات الشخصية لأحد السعوديين، والتأشيرات السياحية الإلكترونية، والتأشيرات السياحية عند الوصول للحاصلين على تأشيرة "الشنغن" ودخول الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وغيرها من الأنواع.
مستقبل واعد
على صعيد جهودها المستمرة للارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، أطلق الأمير محمد بن سلمان 24 أغسطس/ آب الماضي أعمال البنية التحتية والمخطط العام لمشروع "رؤى المدينة“، في المنطقة الواقعة شرق المسجد النبوي الشريف الذي تطوره وتنفذه شركة رؤى المدينة القابضة، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.
وأكد ولي العهد السعودي أن المشروع يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في رفع الطاقة الاستيعابية لتيسير استضافة 30 مليون معتمر بحلول عام 2030 وسيتم تنفيذه على أعلى المعايير العالمية، ما يعكس حرص المملكة على الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن بالمدينة المنورة بوصفها وجهة إسلامية وثقافية عصرية.
وأشار ولي العهد السعودي إلى أن المشروع سيقام على مساحة إجمالية تقدر بـ1,5 مليون متر مربع، حيث يستهدف إنشاء 47 ألف وحدة ضيافة بحلول عام 2030، إضافة إلى الساحات المفتوحة والمناطق الخضراء التي تيسر وصول الزوار إلى المسجد النبوي الشريف، إذ سيتم تخصيص 63% كمناطق مفتوحة ومساحات خضراء من مساحة المشروع.