اعتقال نشطاء بكردستان.. قلق حقوقي وانتقادات شعبية

مراقبون يؤكدون أن الاعتقالات التي تستهدف نشطاء في الإقليم تفجر قلقا حقوقيا وغضبا شعبيا متزايدا من وتضرب حرية التظاهر.
اعتقالات متواترة تستهدف نشطاء إقليم كردستان شمالي العراق، وتفجر قلقا حقوقيا وغضبا شعبيا متزايدا من قرارات يرى مراقبون أنها تضرب حرية التظاهر.
قلق فاقمه اعتقال الصحفي، شيروان شيرواني، المحتجز منذ الأربعاء، في الإقليم الذي شهدت العديد من مدنه، منذ مطلع 2020، مظاهرات عديدة توزعت مطالبها على صرف الرواتب المتأخرة، والتنديد بدكتاتورية العوائل التي تحكم الإقليم.
ولم تقتصر المظاهرات على المحافظات الواقعة تحت زعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وإنما امتدت إلى محافظة السليمانية التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الوطني الذي كان يترأسه الزعيم الكردي مام جلال طالباني.
قلق حقوقي
قوة من الأمن الكردي اعتقلت، الأربعاء الماضي، شيروان شيرواني رئيس تحرير صحيفة "باشور" من منزله، في خطوة لاقت انتقادا واسعا من نشطاء أكراد اعتبروا أنها جاءت دون "مسوغ قانوني".
وفي حديث لـ"العين الاخبارية"، أبدى سردار كريم، وهو معلم في إحدى مدارس السليمانية، مخاوفه من خنق الحريات في كردستان، ومطاردة الأصوات الحرة، بعد أن كانت مدن كردستان الملاذ الآمن للمضطهدين من دعاة الفكر والثائرين.
من جانبها، أوضحت لجنة حماية الصحفيين بكردستان، في بيان، أن "10 من عناصر الشرطة، بينهم 4 يرتدون ملابس مدنية، اعتقلوا شيرواني وصادروا منه أجزة حاسب آلي محمولة ودفتراً وأقراصاً مدمجة، قبل أن يوجهوا المسدس إلى رأسه ويقيدوه".
وقبل أيام، انتقد شيراوني الذي سبق أن تعرض للاعتقال، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني، وفق البيان نفسه.
وفي تصريحات إعلامية تابعتها "العين الاخبارية"، قال ضياء بطرس، رئيس هيئة حقوق الإنسان في كردستان، إن "سلطات الإقليم اعتقلت، منذ نهاية أغسطس/آب الماضي، 305 أشخاص بتهمة تنظيم المظاهرات، وأفرجت بعد أيام عن كثيرين منهم، فيما لا يزال 19 رهن الاعتقال".
وسجل مركز "مترو" للدفاع عن حقوق الصحفيين في كردستان، بالنصف الأول من العام الحالي، 88 انتهاكا بحق 62 صحفياً وإعلامياً.
ويقول خليل أزاد، وهو ناشط مدني في محافظة دهوك بالإقليم، لـ"العين الاخبارية"، إن "المواطن الكردي ضحية لتنازع السلطات والثروات بين العوائل الحاكمة في الإقليم من جهة، وبين خلافات حكومة كردستان مع سلطات بغداد.
أزمة الرواتب والمعيشة
الاحتجاجات في كردستان بدأت تظهر بشكل جلي وواضح منذ عام 2018، حين تعثرت حكومة الإقليم في دفع مرتبات الموظفين بذريعة عدم وصول مستحقاتها المالية من الحكومة الاتحادية، محملة بغداد تلك الأزمة.
وتفاقمت الأزمة بين بغداد وأربيل في 2017، عقب إصرار حكومة كردستان على إجراء استفتاء بشأن مصير كركوك المتنازع عليها بين الجانبين، وهو ما تجلت ارتداداته على الواقع المعيشي، وزيادة نسب البطالة.
وبقيت حكومة كردستان متعثرة في تأمين الرواتب الشهرية وإيجاد الحلول الاقتصادية ومعالجة الأزمات التي تطوق نحو 5 ملايين كردي بشبح الفقر والمجاعة.
ومنذ يناير/ كانون ثان الماضي، لم تدفع حكومة الإقليم سوى 6 رواتب لموظفي الدوائر المدنية الذين يقدر عددهم بـ1.2 مليون شخص.
فيما قررت أربيل، في يونيو/حزيران الماضي، خفض الرواتب بنسبة تصل إلى 21% في الإقليم الذي يعد 5 ملايين نسمة.
ومطلع 2020، تجددت المظاهرات الغاضبة وسط مدينة السليمانية، احتجاجاً على تفشي الفساد وضعف مستوى الخدمات، في وقت كانت فيه العاصمة بغداد ومدن الجنوب تكتظ شوارعها بمتظاهري الحراك المطالب بتحسين الوضع المعيشي ومحاربة الفساد.
ولاحقا، تسبب وباء كورونا في تعليق الاحتجاجات، عقب فرض حظر جزئي في إطار التدابير الاحترازية لمواجهة الجائحة.
وفي 16 مايو/أيار الماضي، فرقت قوة من الأمن الكردي مظاهرة غاضبة في محافظة دهوك، قادها معلمون وناشطون أطلقوا على أنفسهم اسم "دعاة السلام".
وبحسب مصادر حقوقية، جرى خلال المظاهرة اعتقال العشرات من المحتجين ممن لم يعرف مصيرهم حتى الآن.
ومطلع يونيو/حزيران الماضي، تجددت المظاهرات في السليمانية احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية، بسبب إجراءات الحظر الحكومية لمواجهة كورونا.
فيما أظهرت مقاطع فيديو متداولة عبر مواقع التواصل، إطلاق النار من قبل الأمن الكردي صوب المحتجين بغية تفريقهم.