عيد العمال.. لا مكان للإجازة وسط التضخم المستعر
على الرغم من أن عيد العمال في غالبية دول العالم، لا يتجاوز كونه مناسبة للاحتفال بهم، فإنه لم يكن يوما لأخذ الراحة لشريحة واسعة منهم.
لكن اليوم، يحل عيد العمال للعام الثاني على التوالي في عديد دول العالم، في وقت تشهد الأسواق تضخما مستعراً أتى على مدخراتهم وجعلهم غير قادرين على الإنفاق على المستلزمات الأساسية.
في بريطانيا على سبيل المثال، ارتفع عدد وجبات الأكل المقدمة من طرف بنوك الطعام بأكثر من 39% خلال الاثني عشر الماضية المنتهية في مارس/آذار الماضي، وفي لبنان باتت غالبية الأسر بحاجة إلى مساعدات لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وغيرها عشرات الدول المأزومة.
- عيد العمال في اليمن.. مناسبة "مُرّة" بطعم الحرب وشظف العيش
- عيد العمال.. مناسبة عالمية للانتصار لحقوقهم
بينما في الولايات المتحدة -أكبر اقتصاد عالمي من حيث الناتج المحلي الإجمالي- يبحث الفيدرالي الأمريكي عن رفع نسب البطالة للقضاء على التضخم، عبر رفع أسعار الفائدة، تسريحات إضافية من العمالة تعني إنفاقا أقل.
وفي الولايات المتحدة أيضا، تجاوزت تسريحات العمالة بحسب تقرير نشرته بلومبرغ، الشهر الماضي، منذ الربع الثالث 2022، نحو 500 ألف عامل، معظمهم في قطاع التكنولوجيا.
هذا هو الواقع اليوم الذي يحل فيه عيد العمال حول العالم، فالدول المتقدمة إلى جانب النامية والفقيرة، معظمها تعاني من مشاكل عمالية، قادت إلى إضرابات واحتجاجات غير مسبوقة.
** يوم للغضب
تحول يوم العمال الذي يصادف الأول من مايو/ أيار من كل عام، من مناسبة للراحة والاحتفال، إلى يوم لإظهار الغضب والرفض من جانب العمال.
وفعلا، لن يكون من المستغرب أن تخرج عشرات المسيرات في عديد الدول حول العالم، اليوم، للمطالبة بحقوقهم وإنصافهم من جانب الحكومات والقطاع الخاص.
بل إن دولا مثل جنوب أفريقيا وأوغندا وبعض دول جنوب شرق آسيا، تستغل هذا اليوم، لتوعية العمال بحقوقهم القانونية وإعادة ترتيب وتنظيم أنفسهم في نقابات تتكفل بانتزاع مطالبهم.
في فرنسا، إحدى الدول السبع الكبرى، وإحدى اقتصادات العشرين الكبرى، تشهد احتجاجات وإضرابات منذ قرابة 3 شهور، يقودها عمال في قطاعات عدة كالتعدين والتعليم، والتمريض والنقل، والمطارات، والمصانع، رفضا لتعديلات على قانون التقاعد.
وفي ألمانيا والمملكة المتحدة، تتزاحم الإضرابات والاحتجاجات منذ مطلع العام الجاري، من جانب العمال في عديد القطاعات بحثا عن حقوقهم، بينما يواجه الاقتصاد العالمي ارتباكا دفع صندوق النقد الدولي لخفض نسب النمو.
** أصول العيد
تعود أصول عيد العمال إلى الحركة النقابية في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر في عام 1889، حيث تبنى المؤتمر الاشتراكي الدولي الماركسي قرارا لمظاهرة دولية كبيرة طالبوا فيها بعدم إجبار العمال على العمل لأكثر من 8 ساعات في اليوم.
بعد ذلك، أصبح هذا اليوم حدثا سنويا وتم الاحتفال في الأول من مايو/ أيار بعيد العمال. وتم الاحتفال بعيد العمال لأول مرة في الأول من مايو/ أيار عام 1890، بعد إعلانه من قبل المؤتمر الدولي الأول للأحزاب الاشتراكية في أوروبا في 14 يوليو/ تموز 1889.
وقد تم إعلانه للعمال في باريس لتكريسه كل عام في الأول من مايو باسم "العمال '' أو يوم الوحدة والتضامن الدوليين مع الحركة العمالية في كل من أمريكا وأوروبا ثم انتقل إلى مختلف دول العالم.
لسنوات قبل عام 1889، أُجبر عمال المصانع على العمل لمدة تصل إلى 16 ساعة في اليوم في ظروف غير آمنة؛ لكن مع تنظيمهم في نقابات، بدأوا في تنظيم حملات لمدة ثماني ساعات في اليوم.
وقبل اعتماد التاريخ، كانت احتجاجات تخرج في الولايات المتحدة ضد العمل لمدة 16 ساعة، وهي احتجاجات سلمية، لكن سرعان ما تحول إلى عنف دموي.
في 3 مايو/ أيار 1886 على سبيل المثال، هاجم العمال مجموعة من مفسدي إضراب لهم في محاولة لمغادرة أحد المصانع، لكن أطلقت شرطة شيكاغو النار على حشد، مما أسفر عن مقتل اثنين على الأقل.
نظم النشطاء العماليون والعمال النقابيون مظاهرة في اليوم التالي في ميدان هايماركت. كان الحدث هادئًا إلى حد كبير، وبدأت الحشود تتفرق عندما بدأ المتحدث الأخير، الاشتراكي البريطاني صمويل فيلدن، خطابه.
ووفقا لمقال نُشر في صحيفة New York Times بتاريخ 5 مايو/ أيار 1886، أصبح الجمهور "أكثر وحشية وأكثر عنفًا مع تقدمه بعد كلمة صمويل فيلدن الذي طالب بانتزاع حقوق العمال".
في ذلك اليوم، أسفرت الاحتجاجات عن مقتل سبعة من رجال الشرطة وما لا يقل عن أربعة عمال، وتوفي ضابط آخر بعد عامين من مضاعفات تتعلق بإصابة أصيب بها في إطلاق النار.
** البطالة تحضر في يوم العمال
وفي اليوم العالمي للعمال، تستذكر المنظمات الأممية والحقوقية معضلة البطالة على مستوى الدول كافة، إذ تشير تقديرات منظمة العمل الدولية أن من المتوقع أن تصل البطالة العالمية إلى 205 ملايين شخص في عام 2022 "تصدر البيانات الرسمية في يونيو/حزيران 2023".
ويبلغ إجمالي قوة العمل حول العالم بنحو 3.4 مليار نسمة بحسب بيانات أوردتها STATISTA، أي أن نسبة البطالة عالميا قد تبلغ بحلول نهاية العام 2022 نحو 6%، من متوسط 5.5% في عام 2019.
وفي حال تحقق توقعات منظمة العمل الدولية فإن الرقم سيتجاوز بشكل كبير مستوى 187 مليونا المسجل فعليا في عام 2019.
aXA6IDMuMTQ5LjI1LjExNyA= جزيرة ام اند امز