أكبر الدول المستثمرة في مصر.. «رأس الحكمة» تعيد رسم الخريطة تاريخيا ومستقبليا
بذلت مصر العديد من الجهود في السنوات الماضية لجذب الاستثمارات الأجنبية ولكنها واجهت في الآونة الأخيرة ظروفا متقلبة للاقتصاد العالمي صعبت من مهمتها.
ورغم كونها تاريخيا وجهة جذابة للاستثمار الأجنبي في المنطقة، عانت مصر في السنوات الأخيرة من تركيز الاستثمار الخارجي على قطاع الغاز والنفط، فضلا عن مشاكل في احتياطيات العملات الأجنبية تسببت في تردد بعض المستثمرين.
ومع ذلك، فمن المرتقب أن تغير صفقة واحدة من الخريطة التاريخية والمستقبلية وحتى النوعية للاستثمار في مصر، وهي صفقة "رأس الحكمة" التي أطلقت عليها الحكومة المصرية اسم "الصفقة الكبرى" باعتبارها أكبر عملية استثمار أجنبي في تاريخ البلاد وتركز بشكل مبشر على العقارات والسياحة.
ويمكن النظر إلى الاستثمار في مصر وفقا لوجهتين، الأولى المتعلقة برصيد الاستثمار الأجنبي بشكل تراكمي، وهو المجال الذي تتصدره المملكة المتحدة تاريخيا، أما الوجهة الثانية فهي الدول الأكثر استثمارا في مصر عاما بعد عام وهي قائمة تتغير وفقا للعام.
ومع ذلك، يمكن ملاحظة أن دولة الإمارات، احتفظت دوما بمرتبة متقدمة في القائمتين التاريخية والسنوية، مع إمكانية أن تتصدر بشكل مطلق في المستقبل كونها المستثمر الرئيسي في مشروع رأس الحكمة.
ومن المتوقع أن يجلب المشروع استثمارات أجنبية على المدى القريب بقيمة 35 مليار دولار، فضلا عن 150 مليار دولار على المدى المتوسط.
ويتناول التقرير التالي قصة الاستثمار الأجنبي في مصر وأبرز رواد حتى لحظة ما قبل إعلان مشروع رأس الحكمة.
الاستثمار في مصر
ساهم النمو الديناميكي للاقتصاد المصري، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، وانخفاض تكاليف العمالة، والقوى العاملة الماهرة، والإمكانات السياحية الفريدة، واحتياطيات الطاقة الكبيرة، والسوق المحلية الكبيرة ونجاح الإصلاحات التي قامت بها السلطات (بما في ذلك العديد من عمليات الخصخصة) في دفع النمو الاقتصادي.
واعتمدت مصر مؤخرا قانون الاستثمار الذي يتضمن متطلبات الأداء لبعض حوافز الاستثمار، بما في ذلك المشاريع كثيفة العمالة والموقع الجغرافي.
كما أنشأت الحكومة مناطق اقتصادية خاصة ذات أنظمة صديقة للأعمال لديها إدارة أكثر استقلالية وكفاءة، مع حوافز ضريبية، وتسهيل إجراءات التسجيل والجمارك، وتحسين البنية التحتية، وما إلى ذلك.
ومع ذلك، يواجه الاستثمار في مصر عراقيل مثل البيروقراطية والعقبات التي تحول دون الحصول على العملات الأجنبية وندرة العمالة الماهرة، والإجراءات الجمركية المعقدة.
أكبر دول من ناحية أرصدة الاستثمار
وفقًا لتقرير الاستثمار العالمي لعام 2023 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، شهدت مصر تضاعف تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 11.4 مليار دولار في 2022، في ظل انتعاش عمليات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود.
وظلت مصر ثاني أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا. وفي نفس العام، بلغت أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر 148.8 مليار دولار.
وتعد المملكة المتحدة أكبر مستثمر في مصر، تليها بلجيكا والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.
ويتركز الاستثمار الأجنبي المباشر في صناعة النفط والغاز (حوالي 60% من إجمالي الاستثمارات)، تليها الخدمات المالية والتصنيع والعقارات والبناء.
الدول المتصدرة في آخر عام مالي
شهدت مصر ارتفاعا في صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 10 مليارات دولار في السنة المالية 2022/2023 (المنتهية في يونيو/ حزيران الماضي)، مقارنة بـ8.9 مليار دولار في العام السابق.
وحسب بيانات الهيئة العامة للاستثمار في مصر، تصدرت السعودية قائمة أعلى الدول استثمارًا في مصر خلال هذه الفترة باستثمارات قيمتها 2.1 مليار دولار، تليها في المرتبة الثانية الإمارات بـ1.2 مليار دولار، ثم الصين بـ0.74 مليار دولار، ثم هولندا بـ 0.71 مليار دولار، ثم لوكسمبورغ بـ 0.70 مليار دولار.
تنويع الاستثمارات
لكن الصندوق السيادي المصري أطلق مؤخرا خططا لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مجموعة من مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ومن بين المجالات التي تم تناولها محطات تحلية المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية، ورقمنة نظام التعليم، والنقل (القطارات الكهربائية)، والتمويل، بالإضافة إلى إعادة هيكلة أصول الدولة في قطاع النفط والمياه.
وفي العام المالي 2022/2023، اجتذب قطاع الخدمات في مصر أعلى استثمار أجنبي مباشر بقيمة 5.94 مليار دولار أمريكي، ليشكل 59.16% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر لهذا العام، وفقًا لتقرير الموقف الخارجي للبنك المركزي المصري.
وتصدر القطاع المالي قطاع الخدمات، حيث حصل على 2.13 مليار دولار، يليه قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بقيمة 836 مليون دولار.
واحتل التصنيع المرتبة الثانية بشكل عام، حيث حصل على 3.34 مليار دولار أمريكي من الاستثمار الأجنبي المباشر، بينما احتلت العقارات المركز الثالث بقيمة 552.3 مليون دولار أمريكي.
aXA6IDMuMTM5LjIzNS4xNzcg جزيرة ام اند امز