إلى وقت قريب سبق شرارة الحرب، كان أقوى جنرالات السودان على مسافة قريبة جدا من صفقة يأمل أهل النيلين أن تنزع فتيل التنافس على السلطة.
فقبل اندلاع الحرب بين قائد الجيش اللواء عبدالفتاح البرهان وقائد قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي"، عقد مبعوثون أجانب اجتماعات طويلة مع الجنرالين، في محاولة للتوصل إلى اتفاق، بحسب ما ذكرته "نيويورك تايمز" الأمريكية.
في تلك الاجتماعات، قُطعت وعود وانتزعت التنازلات، حتى إن الجميع بمن فيهم البرهان وحميدتي "تناولوا العشاء في منزل أحد كبار الجنرالات"، وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في الصحيفة.
لكن في الشوارع، كانت الآلات العسكرية المتنافسة تستعد للقتال، ففي الليل زحفت القوات بهدوء على معسكرات الجيش المتنافسة في جميع أنحاء العاصمة الخرطوم، حيث كانوا يميزون بعضهم البعض مثل لاعبين متنافسين في ملعب لكرة القدم، وفق الصحيفة.
وعندما انطلقت أولى الطلقات النارية صباح السبت، تحطم التظاهر بالحوار على الفور.
على مدار الأيام الخمسة الماضية، اندلع القتال في الخرطوم وفي جميع أنحاء السودان، مما أودى بحياة المئات وفتح فصلا متقلبا وغير متوقع لثالث أكبر دولة في أفريقيا.
وخلال الساعات الماضية، شوهد بعض السكان الذين كانوا يختبئون في منازلهم دون طعام أو ماء أو كهرباء وهم يفرون خلال وقف إطلاق النار غير المنتظم على مدار 24 ساعة، متوقعين استمرار القتال.
من المسؤول؟
تقول "نيويورك تايمز" إن البعض في السودان وواشنطن يتساءلون عما إذا كانت القوى الأجنبية التي حاولت إبعاد الجنرالات عن السلطة -الولايات المتحدة وبريطانيا وكذلك الأمم المتحدة- "هي المسؤولة أيضا عن الفوضى".
خلود خير المحللة السياسية السودانية تقول: "لم يواجه الجنرالات أية مساءلة، عمليات الاختطاف، والاختفاء، والمحاكمات الصورية، والاعتقالات غير القانونية، تغاضى الدوليون عن كل ذلك من أجل عملية سياسية سارت الآن بشكل خاطئ وفظيع".
العنف في السودان
ألقى القتال بين قوتين عسكريتين في السودان البلاد في حالة من عدم اليقين، حيث أصبحت خطط الانتقال إلى ديمقراطية يقودها المدنيون الآن في حالة من الفوضى، بحسب مراقبين.
فإلى جانب مخاوف اندلاع حرب أهلية، وتنافس الجنرالات للسيطرة على البلاد، يرتفع عدد القتلى المدنيين ويتزايد القلق من أن الصراع قد يتصاعد.
ومنذ اندلاع الحرب والمواجهات العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ورائحة الدم تزكم الأنوف، ليرتفع عدد القتلى إلى 198 شخصا وفق لجنة أطباء السودان المركزية.