لا يزال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قادرا على أن يبهرنا بفكره وفلسفته، ويدهشنا برؤيته التي تسبق عصرها
سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.. علمتك الحياة "ألا تنتظر إنجازاً من شخص يجيد اختلاق الأعذار.. وألا تنتظر رأيا من شخص يجيد التلون، وألا تنتظر أفكاراً من شخص يجيد تحطيم أفكار الآخرين"، سيدي.. علمتك الحياة "ألا تنتظر أحداً.. بل أن تبادر وسيلحقك الآخرون"، هكذا كتبت وغردت بما علمتك إياه الحياة، وهكذا أنت تعلمنا وتلهمنا وتنير الطريق أمامنا وتذكرنا بما يجب علينا القيام به إذا أردنا للنجاح سبيلا، فمثل هذه الحكمة لا تنبع إلا من قائد يمتلك كل مقومات القيادة، بل هو صاحب مدرسة متميزة ونهج فريد في القيادة الإبداعية التي تستلهم دروس الماضي لتبني الحاضر وتستشرف المستقبل، مدرسة فريدة تقوم على دعامتين رئيسيتين، أولهما تجربة شخصية ثرية كانت خلاصة خمسين عاماً في خدمة وطنه وأمته، رحلة عطاء لا يزال نهرها متدفقاً، ونبع حكمة صاحبها متجدداً، وإلهام أفكاره مستمراً، فلا يزال لدى سموه جديداً يقدمه وعظيماً يضيفه وإنجازاً يحققه وطموحاً يصبو إليه.
لا يزال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قادراً على أن يبهرنا بفكره وفلسفته، ويدهشنا برؤيته التي تسبق عصرها، ولا يزال يجعلنا منتظرين دوماً ما تكتبه يده لتترجم ما يفكر به عقله، وهنا فإن التحية الكبيرة واجبة لقائد فذ حول رؤيته وخلاصة تجربته وعصارة خبرته إلى مدرسة فكرية ملهمة
والدعامة الثانية هي الرؤية التي دائما ما تضع المستقبل نصب عينيها، ولا تنظر للماضي إلا بهداف استلهام عناصر قوته لبناء حاضر زاهر واستشراف مستقبل واعد، رؤية تقوم على أسس علمية في الإدارة والحكم والقيادة، رؤية أرست منظومة فريدة من التطوير والتحديث في إمارة دبي جعلتها الأولى عالميا في الكثير من المجالات، وجعلتها محط أنظار العالم كنموذج مثالي للتنمية والتطوير في المنطقة والعالم.
مدرسة محمد بن راشد في القيادة الإبداعية تجلت بعض عناصرها وأسسها في تغريدته الأخيرة، وأول هذه الأسس وأهمها هي روح المبادرة، والتي عبر عنها سموه بقوله "علمتني الحياة ألا أنتظر أحدا، بل أبادر.. وسيلحقني الآخرون"، فالمبادرة هي أساس القيادة، فالتابعون نادرا ما يحققون النجاح، المبادرون فقط هم من يمتلكون ناصية النجاح والقادرون على تحقيقه، فمن يريد النجاح عليه أن يذهب إلى هدفه ويسعى إليه لا أن ينتظر الهدف ليأتي إليه.
هذا هو الفكر الذي انطلقت منه مدرسة محمد بن راشد في القيادة، فكر حول روح المبادرة وتحويله إلى نهج علمي وشكل مؤسسي، فانطلقت في عام 2015 مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية كمؤسسة تنموية مجتمعية إنسانية تهدف في المقام الأول لصنع الأمل وبناء المستقبل للإنسان أينما كان، تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في مجال العمل الإنساني والتنموي والمجتمعي الهادف إلى تغيير واقع العالم العربي. وترتكز المؤسسة على أربعة قطاعات هي: مكافحة الفقر والمرض، ونشر المعرفة، وتمكين المجتمع، والابتكار كأداة أساسية لتحسين حياة البشر. كما تسعى إلى تحقيق التكامل والتنسيق بين المبادرات الإنسانية والتنموية والاجتماعية التي كان سموه قد رعاها وأطلقها على مدى السنوات الماضية، وذلك بهدف تعظيم أثرها ومضاعفة طموحها وتوحيد أهدافها ورؤاها بما يتناسب مع تحديات المرحلة التي يمر بها عالمنا العربي والعالم كله.
إن ما يميز المؤسسة هو طابعها المتكامل في تلبية احتياجات الناس والمجتمعات، سواء كانت هذه الاحتياجات أساسية كالماء والغذاء والدواء، أم معرفية كالتعليم والثقافة، أم مجتمعية كنشر التسامح وتعزيز التلاحم المجتمعي، أم مستقبلية كدعم أحلام الشباب ورواد الأعمال واحتضان المبتكرين واستشراف المستقبل من أجل بناء غد أفضل للإنسان.
ومنذ إطلاقها أصبحت "مبادرات محمد بن راشد" المؤسسة الإقليمية الأكبر لصناعة الأمل في المنطقة وبناء مستقبل أفضل للبشرية، في الوقت الذي يشكل محور نشر التعليم والمعرفة أحد الدعامات الأساسية ضمن قطاعات عمل المؤسسة، من خلال العمل على برامج ومشاريع ومبادرات مستدامة من شأنها تطوير المنظومة التعليمية والمعرفية والثقافية في المنطقة العربية، وتحسين جودة التعليم في المجتمعات الأقل حظاً في مختلف أنحاء العالم، وتسهيل سبل الوصول إليه، خاصة في المناطق التي تواجه تحديات ومعوقات جمّة. ومن بين أهم مبادرات هذه المؤسسة العظيمة هي مبادرة "مدرسة"، وهي منصة تعليمية إلكترونية رائدة توفر محتوى تعليميا متميزا باللغة العربية في كافة مواد العلوم والرياضيات، ومتاحة مجانا لأكثر من 50 مليون طالب عربي أينما كانوا.
ثاني أسس مدرسة محمد بن راشد في القيادة هي نوعية العنصر البشري الذي يمكن الاعتماد عليه في بناء الخطط والاستراتيجيات وفي تنفيذها، وفي تغريدته يحذر سموه من ثلاثة أنواع من البشر لا يمكن أن تتوقع منهم نجاحا وإنجازا ولا يمكن بالتالي أن تنتظر منهم رأيا سديدا أو نصيحة مخلصة أو تعتمد عليهم في تنفيذ رؤيتك، أولهم هم من يختلقون الأعذار، فمن يختلق المبررات والأعذار ليس أهلا للنجاح ولا قادر على تحقيقه، كذلك من يحاول أن يبني نجاحه بهدم منجزات الآخرين، فهذا ليس صاحب فكر ولا رؤية، ومن العبث أن تنتظر منه أفكاراً أو تتوقع منه نجاحاً، ويظل أخطر أنواع البشر هم من يجيدون النفاق والتلون ومن يأكلون على كل الموائد ورجال كل العصور، هؤلاء ليسوا فقط أعداء نجاح ولكنهم أيضاً خطر على كل ناجح أو كل من يسعى إلى النجاح، لذا يحذر منهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ويعلمنا ألا ننتظر منهم رأيا أو مشورة أو مساهمة في صنع القرار.
لا يزال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قادراً على أن يبهرنا بفكره وفلسفته، ويدهشنا برؤيته التي تسبق عصرها، ولا يزال يجعلنا منتظرين دوماً ما تكتبه يده لتترجم ما يفكر به عقله، وهنا فإن التحية الكبيرة واجبة لقائد فذ حول رؤيته وخلاصة تجربته وعصارة خبرته، إلى مدرسة فكرية ملهمة في أصول القيادة الإبداعية والإدارة والحكم الرشيد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة