تجنبا لأي خلط فكل الحديث السابق ينصرف كما أوضحنا إلى المخزون من النفط الخام التجاري أي المخزون لدى الشركات والمصافي الخاصة
دأبت منظمة الأوبك وحلفاؤها في اتفاق أوبك+ منذ تم هذا الاتفاق في ديسمبر 2016 على تبني معيار محدد لمدى تحقق أهداف هذا الاتفاق من استقرار في الأسواق، وينصرف هذا المعيار إلى خفض مستوى المخزونات التجارية من النفط الخام لدى الدول المستهلكة الرئيسية إلى متوسط هذا المخزون خلال الخمس سنوات الأخيرة، حيث يؤدي التخلص من المخزون إلى التوازن في سوق النفط بين العوامل الأساسية من العرض والطلب، وبالتالي كان هذا المعيار معيارا متحركا مع مضي الوقت، فالسنوات الخمس الأخيرة تعني دوما التحرك في الزمن.
تجنبا لأي خلط.. فكل الحديث السابق ينصرف كما أوضحنا إلى المخزون من النفط الخام التجاري، أي المخزون لدى الشركات والمصافي الخاصة، بينما لا يتطرق المعيار إلى المخزون الاستراتيجي، والمخزون الأخير هو المخزون الذي يتم تكوينه بواسطة الأموال الحكومية، وهو المخزون الذي اتفق عليه مع تأسيس وكالة الطاقة الدولية
وبديلا عن هذا المعيار.. أعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح خلال شهر يوليو المنصرم أن الأوبك ستستخدم الفترة بين 2010-2014 كأحد المعايير في تقييم نجاح ما يتم الاتفاق عليه من تخفيضات في إنتاج النفط، وقد يرجع اختيار هذه الفترة لأنها آخر فترة توازنت فيها الأسواق، فقد كان مستوى المخزون من النفط منخفضا نسبيا مع تحقيق مستوى أسعار معقولة لبرميل النفط، كما سبقت هذه الفترة حدوث زيادة كبيرة في المخزون في عامي 2015-2016 بتأثير ارتفاع الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، وتبني الأوبك وقتها استراتيجية الدفاع عن الحصة السوقية وزيادة إنتاج دول المنظمة، مما أدى إلى توافر فائض عرض كبير في الأسواق، عمل على تغذية المخزون، والميزة الكبرى لهذا المعيار هي في كونه معيارا مستقرا وثابتا؛ حيث إن مستوى المخزون في هذه السنوات محدد بدقة. وحسب وزير الطاقة السعودي فسوف يكون هذا المعيار أحد المعايير المرشدة -وإن كان المعيار الرئيسي لقياس المخزونات وفقا لجهات مسؤولة في أوبك- في توضيح الخطوة التالية بعد انتهاء الفترة المتفق عليها بخفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، والتي تنتهي في نهاية مارس المقبل.
وكي يتبين لنا الفارق ما بين المعيارين، نشير حسب وكالة رويترز إلى أن مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الدول المستهلكة الرئيسية) كانت تبلغ في شهر مايو الماضي نحو 220 مليون برميل فوق متوسط فترة الخمس سنوات 2010-2014، وفقا للتقرير الشهري الأحدث لوكالة الطاقة الدولية التي تمثل اقتصادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بينما لا يرتفع مستوى هذه المخزونات سوى بمقدار 6.7 مليون برميل فقط إذا تم الاستناد لمعيار متوسط المخزون خلال الفترة 2014-2018، حسب أرقام وكالة الطاقة الدولية، بينما حسب تقديرات منظمة الأوبك كانت المخزونات تزيد بمقدار 25 مليون برميل وفقا لمتوسط السنوات 2014-2018.
يبدو إذا أن هناك فارقا كبيرا بين كلا من المعيارين، وتبني أطراف أوبك+ لمعيار السنوات 2010-2014 يعني الاستمرار على خفض الإنتاج لفترة أطول كثيرا مما لو تم الاستناد لمعيار السنوات 2014-2018.
ورغم وجاهة الأسباب التي دفعت الأوبك+ لتبني هذا المعيار، إلا أن البعض يوجه إليه انتقادات لا تخلو من وجاهة هي الأخرى، وربما كان الانتقاد الأهم هو تجاهل هذا المعيار للتطور في مستوى الطلب على النفط؛ حيث كان الطلب العالمي يبلغ نحو 93 مليون برميل يوميا في عام 2014، بينما هو يبلغ في العام الجاري 100 مليون برميل يوميا.
بالتالي وفقا لهذا الانتقاد من المنطقي أن يكون المخزون من النفط الخام التجاري في العام الجاري أكبر، وذلك عند حساب عدد أيام الاستهلاك التي يغطيها هذا المخزون، فوفقا لحسابات وكالة الطاقة العالمية غطت المخزونات لدى الدول المستهلكة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتي تمثل الغالبية الساحقة من أعضاء الوكالة نحو 60 يوما من الطلب على النفط مستقبلا، ومن الطبيعي أنه إذا تم نسبة هذه المخزونات إلى الفترة 2010-2014 ستتضخم جدا؛ لأن مستوى الطلب وقتها كان أكثر انخفاضا.
الانتقاد الثاني الذي يوجه إلى هذا المعيار هو الاستناد إلى مستوى المخزون لدى دول منظمة التعاون فقط، وهو بالتالي ما يتجاهل المخزونات لدى اقتصادات كبيرة أخرى مستهلكة للنفط مثل الصين (ثاني أكبر مستهلك للنفط عالميا وأكبر مستورد عالمي له حاليا) والهند (ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم). ولكن هذا الانتقاد ليس قويا بما فيه الكفاية، حيث إن اتفاق أوبك+ يتجاهل البلدين، سواء كان المعيار الذي يتم تبنيه لقياس المخزون هو السنوات 2010-2014، أم كان السنوات الخمس الأحدث كما كان الأمر إلى وقت قريب.
وتزداد أهمية المعيار المستخدم مع توقع البعض زيادة مستوى المخزون مع توافر فائض عرض في الأسواق خاصة خلال العام المقبل؛ حيث من المتوقع حدوث فائض عرض قد يزيد عن 700 ألف برميل يوميا خلال العام المقبل تحت تأثير زيادة الإنتاج الأمريكي بشكل أساسي، وما لم تقدم الدول أطراف أوبك+ على زيادة خفض الإنتاج الذي تتبناه، فمن المؤكد أنها ستحتاج إلى فترة أطول كثيرا حتى يمكنها إحداث توازن في الأسواق، خاصة مع تبني المعيار الجديد الذي يقيس مستوى التخمة في المخزون بالنسبة إلى متوسط المخزون خلال الفترة 2010-2014.
وتجنبا لأي خلط فكل الحديث السابق ينصرف كما أوضحنا إلى المخزون من النفط الخام التجاري، أي المخزون لدى الشركات والمصافي الخاصة، بينما لا يتطرق المعيار إلى المخزون الاستراتيجي، والمخزون الأخير هو المخزون الذي يتم تكوينه بواسطة الأموال الحكومية. وهو المخزون الذي اتفق عليه مع تأسيس وكالة الطاقة الدولية في منتصف سبعينيات القرن الماضي، حيث ينص على وجود مخزون استراتيجي لدى الدول أعضاء الوكالة يغطي ثلاثة أشهر من صافي واردات النفط الخام، لاستخدامه في أوقات الطوارئ، وأهم الحالات الطارئة هي التعرض لمخاطر جيوسياسية كبيرة تعيق تدفق الموارد النفطية من الدول المنتجة إلى الدول المستهلكة، أو التعرض لكوارث طبيعية، مثل الأعاصير على سبيل المثال، التي قد تعيق إنتاج أو توزيع أو استقبال الواردات النفطية في البلدان المستهلكة، وغيرها من الأحداث الطارئة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة