موظفو الوكالة اللبنانية يروون لـ"العين الإخبارية" رحلتهم إلى "الصمت"
عجزت الحرب الأهلية عن فعلها.. لكن الأزمة الاقتصادية العميقة التي يمر بها لبنان قادت فريق وكالته الرسمية إلى رحلة صمت.
واليوم الجمعة، لم تعد الوكالة الوطنية للإعلام مصدر الخبر إنما أصبحت هي الخبر، بعد أن أعلن العاملون فيها توقفهم عن العمل وبالتالي احتجابها عن الصدور، ورافقتها زميلتها إذاعة لبنان وهي الإذاعة الرسمية الوحيدة في لبنان، بسبب الأوضاع الاقتصادية، وانهيار قيمة الليرة اللبنانية ومعها قيمة الرواتب.
و"الوطنية" كما يعرّفها الصحفيون اللبنانيون هي المزود الرئيسي للأخبار والأنباء لجميع وسائل الإعلام اللبنانية أو تلك التي تهتم بالشأن باللبناني، وهي على الرغم من أنها ناطقة باسم الدولة، حافظت على نوع من الاستقلالية، وعملت على نقل الأحداث بموضوعية.
ولم تحجب أخبار المعارضة عن موقعها، بل في بعض المحطات كانت سباقة في تغطية نشاطات المعارضة المناهضة للحكومة اللبنانية خصوصاً خلال التحركات الشعبية التي بدأت في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
ورغم القصف والمتاريس والمعابر التي ارتفعت في أثناء الحرب الأهلية اللبنانية لم تتوقف الوكالة الوطنية عن العمل وبقيت تصدر نشراتها، لكن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية فبات متعذراً على الموظفين الوصول إلى مكاتبهم ومتابعة عملهم، ولم تنجح اللقاءات والاجتماعات مع الحكومة اللبنانية من ابتكار حلول يوقف "القرار المرّ" بحسب تعبيرهم.
وكشف مصدر رسمي مسؤول في الوكالة لـ"العين الإخبارية"، مراحل المفاوضات مع الحكومة اللبنانية خلال الأسبوع الماضي.
وقال: "منذ إعلان موظفي الإدارة العامة منذ نحو شهر ونصف الشهر، ونحن جزء منهم، التزم عدد من الموظفين بالإضراب، فيما استمر عدد قليل من الصحفيين والتقنيين والمراسلين بالعمل، ما أبقى الوكالة حية وتصدر نشرتها ولو بالحد الأدنى".
وأضاف: "لكن مع تفاقم الأوضاع والارتفاع الكبير في الأسعار خصوصاً المحروقات، أضحى راتب الموظف لا يساوي 3 أو 4 صفائح بنزين، بدأت أصوات من استمروا بالارتفاع مطالبين بحلّ أو التوقف عن العمل".
وتابع: "في الأسبوع الماضي نفذ الموظفون إضراباً تحذيرياً ليومين، لكن طالبهم وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري بإعطائه فرصة لمحاولة إيجاد حلّ فوافقوا على أسبوع".
وأشار إلى أنه خلال الأسبوع تم عقد اجتماعات عدة مع وزير الإعلام، وتم تشكيل لجنة من المديرين العامين من وزارة الإعلام تمثل جميع العاملين التقت رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، فكان جوابه أنه لا يستطيع أن يجترح حلولاً لموظفي الإعلام فقط، وجلّ ما يمكنه تقديمه هو دفع ثمن 6 لترات بنزين عن كل يوم حضور، ما يعني أن من يريد الحضور لثلاثة أيام بالأسبوع يحق له بثمن صفيحة بنزين".
وأكد أن هذا العرض رفض بالكامل، بحيث إنه في حال كانت صفيحة البنزين كافية للوصول إلى العمل وهي غير كافية على الإطلاق، فكيف سيتدبرون أمورهم الحياتية الباقية، ومن سيدفع لهم ثمن الإنترنت المستعمل من منازلهم بعد الارتفاع الهائل الذي فرضته الحكومة على تسعيرته".
وكشف عن أن المصيبة الكبرى كانت أن الرواتب على هزالها توقفت أيضاً بسبب إضراب مديرية الصرفيات في وزارة المال، إضافة إلى عدم وجود اعتمادات لبدل النقل الهزيل في وزارة المال ولم يتم دفعه منذ 4 أشهر".
وختم المصدر بالتأكيد على الاستمرار بالإضراب إلى حين تنفيذ المطالب، وهي المطالب نفسها التي تطالب بها رابطة موظفي القطاع العام.
ويذكر أن رابطة موظفي القطاع العام تطالب بدولرة الرواتب بحسب السعر الرسمي، أي على أساس 1500 ليرة للدولار، وإعادة دفعها للموظفين بسعر صرف 8000 ليرة.
بدوره أعلن وزير الإعلام زياد المكاري أنه "وقد انقضى أسبوع كامل على الجمعية العمومية للعاملين في وزارة الإعلام وقرار الإضراب التحذيري، وبعدما استنفدت والمعنيون كل السبل من أجل معالجة أوضاع العاملين وتمكينهم من الاستمرار في العمل، يؤسفني أن أعلن أن مساعيّ لم توفّق في اختراق جدار الأزمة المستحكمة، ولا في تلافي القرار المرّ".
وأضاف "بناء عليه، تبدأ الوكالة الوطنية للإعلام اعتبارا من صباح الجمعة إضرابا مفتوحا آمل ألا يطول، بعدما لمس العاملون فيها، ولمست معهم، استحالة الوصول إلى مركز العمل لمتابعة رسالتهم التي ما استعفوا من أدائها يوما".
وختم: "رغم الواقع المرير، لن أوفّر جهدا لمتابعة المطالب المحقة والمقدسة للعاملين، والتي لا تتقدم عليها أي قضية، تؤازرني في ذلك جهود دولة الرئيس نجيب ميقاتي ومحاولات التوصل إلى حلول منصفة قريبا جدا مع المديرين العامين وممثلي القطاع العام".
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuNTIg جزيرة ام اند امز