كيف يمكن لأمريكا منع انهيار لبنان؟
"إحراز تقدم أو مواجهة العقوبات"، فحوى رسالة، وجهتها أمريكا إلى قادة لبنان مؤخرًا، في محاولة لمنع انهيار البلد المأزوم اقتصاديًا.
تلك الرسالة التي جاءت في أعقاب رحلات متعددة إلى لبنان العام الماضي، كشفت أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تلعب دورًا قياديًا حيويًا ليس فقط في مساعدة لبنان على التعافي من هذه الأزمة التاريخية، لكن أيضًا في إعادة بناء أساساته ليصبح دولة ذات قيادة سياسية ومالية شفافة وذات توجه إصلاحي.
وتقول صحيفة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، في تقرير لها، إن هناك إجماعًا في دوائر صنع السياسات بالولايات المتحدة، على أن هناك حاجة إلى إطار دولي جديد لتحفيز إدارة أفضل في لبنان، مشيرة إلى أن واشنطن تحتاج إلى قيادة مثل هذا الجهد الآن؛ لأن لبنان على حافة الانهيار.
رسالة أمريكية
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه قبل فترة وجيزة من عطلة ديسمبر/كانون الأول الماضي، أرسل السيناتور بوب مينينديز (ديمقراطي من نيوجيرسي) وجيم ريش (جمهوري من نيوجيرسي)، رئيس وعضو بارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، رسالة مباشرة إلى قادة لبنان، مفادها: إما إحراز تقدم وإما مواجهة عقوبات.
وبحسب "ذا ناشيونال إنترست"، فإن هناك حاجة إلى إطار دولي جديد لتحفيز إدارة أفضل في لبنان، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تحتاج لقيادة مثل هذا الجهد الآن؛ "لأن لبنان على حافة الانهيار".
وفيما قالت إن الأولوية الرئيسية لقادة لبنان المنتخبين والأحزاب السياسية هي انتخاب رئيس إصلاحي وخالٍ من الفساد وملتزم بتلبية احتياجات الشعب، فإنه يجب أن يتبع ذلك تشكيل حكومة فعالة في الوقت المناسب.
وأشارت إلى أنه بينما لبنان بلا رئيس منذ "عيد الهالوين"، فإن الولايات المتحدة تحتاج إلى استخدام جميع الأدوات الموجودة تحت تصرفها، للضغط على قادة لبنان لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة يمكن أن تبشر بالإصلاحات التي تحتاجها البلاد بشدة، مؤكدة أنه ليس هناك مجال لتضييع الوقت.
وقالت "ذا ناشيونال إنترست"، إن معاناة اللبنانيين "نتيجة مأساوية لفساد النخبة المالية والسياسية في لبنان التي استفادت من "مخطط بونزي" الذي جعل عملة البلاد بلا قيمة وأثار أزمة في القطاع المصرفي.
مخطط بونزي
ومخطط بونزي، هو نوع من الاحتيال الذي يتبنى نموذج دفع عوائد عالية للمستثمرين الحاليين من أموال المستثمرين الجدد.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن قادة لبنان المنتخبين أخروا تنفيذ الإصلاحات المنصوص عليها في اتفاقية صندوق النقد الدولي على مستوى الموظفين، والتي تعتبر ضرورية لإعادة تأهيل اقتصاد البلاد، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة أوضحت أن حزمة صندوق النقد الدولي ضرورية لكل من الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي للبنان والدعم المستقبلي من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
وبحسب "ذا ناشيونال إنترست"، فإنه نتيجة لهذه الأزمة، يعيش 80% من سكان لبنان البالغ عددهم 6.5 مليون مقيم ولاجئ تحت مستوى الفقر، وسط "إهمال قطاعي التعليم والرعاية الصحية في البلاد على جميع المستويات"، مستدلة على قولها، بأن الجامعة اللبنانية وهي أكبر جامعة في البلد العربي ليس لديها حتى أوراق لإدارة الامتحانات.
ومع انجراف لبنان إلى وضع "الدولة الفاشلة"، فإن هناك فرصة قوية لأن تنجر الولايات المتحدة أكثر إلى مهمة مطولة وصعبة بشكل متزايد لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة ومواجهة التعديات المتزايدة من روسيا وإيران.
إصلاح الكهرباء
إصلاح الكهرباء مجال يمكن للولايات المتحدة أن تظهر فيه قيادتها التي تؤثر بشكل ملموس على ملايين اللبنانيين، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه في الوقت الحالي، يتلقى اللبنانيون حوالي ساعة إلى ساعتين فقط من الكهرباء يوميًا بسبب الفساد وعدم الكفاءة في قطاع الكهرباء، الذي بدونه سيكون الاستقرار الاقتصادي مستحيلا وستتدهور حياة اللبنانيين.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن صفقة الطاقة، والتي ستشهد استيراد الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان، هي حل رئيسي تروج له الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن لبنان يلعب دورًا مهمًا بنفس القدر، حيث تحتاج وزارة الطاقة إلى تعيين هيئة تنظيم الكهرباء المحايدة سياسياً (ERA) واقتراح برنامج مستدام لاسترداد التكلفة كشرط ضروري لدعم البنك الدولي للمشروع.
دعم الجيش
وبحسب "ذا ناشيونال إنترست"، فإنه نظرًا لاستنفاد رواتب الجنود بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد، فإن الدعم المعيشي لمرة واحدة الذي تقدمه الولايات المتحدة للعائلات العسكرية في الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في لبنان أمر بالغ الأهمية يأتي جنبًا إلى جنب مع تشجيع الولايات المتحدة للحلفاء لمواصلة دعمهم.
وأكدت أن الدعم المستمر للجيش اللبناني ضروري إذا أراد لبنان السيطرة على أمنه وحماية وحدة أراضيه ضد أعدائه وأعداء الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة أظهرت مؤخرًا قيادتها التي لا غنى عنها في تسهيل اتفاقية الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وبالتالي تجنب التهديد بحرب أخرى.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى إظهار نفس التصميم في قيادة المجتمع الدولي، وخاصة شركائها في أوروبا والخليج، في الضغط على قادة لبنان لانتخاب رئيس قادر ومستعد لإجراء الإصلاحات اللازمة التي تلبي احتياجات لبنان.
وقالت "ذا ناشيونال إنترست"، إنه إذا تمكنت الولايات المتحدة من إعطاء الأولوية لاستجابة لبنان الآن، فيمكنها تجنب المزيد من التدهور الذي لن يؤدي إلا إلى دفع ثمن باهظ في وقت لاحق.
aXA6IDMuMjIuMjQ5LjIyOSA= جزيرة ام اند امز