مأزق حكومة لبنان.. اتهامات العرقلة تبعد أفق التشكيل
انفجرت السجالات بين رئاسة الجمهورية وفريق رئيس الحكومة المكلف في لبنان والاتهامات بالتعطيل، لتعكس غياب أي حلّ قريب لتأليف الحكومة.
في وقت كان ينتظر فيه الشعب اللبناني بارقة أمل تجاه أي حلّ على خط تشكيل الحكومة المعطل نتيجة الخلافات بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من جهة ورئيس الجمهورية ميشال عون ومن خلفه صهره النائب جبران باسيل وحزب الله من جهة أخرى، انفجرت، اليوم الجمعة، السجالات وعادت الاتهامات بالتعطيل بين الفريقين لتعكس انسداد أفق أي حلّ قريب.
وبدأ السجال مع بيان صدر عن مكتب رئاسة الجمهورية، ينفي فيه مطالبة الرئيس عون بالثلث المعطل، كما تدخل وضغط من قبل باسيل وحزب الله على مسار تشكيل الحكومة، في موازاة إعادة فتح موضوع الفيديو الذي سرّب الأسبوع الماضي للرئيس عون، متهما فيه الحريري بالكذب.
وجاء في بيان الرئاسة: "تكاثرت في الآونة الأخيرة تحليلات ومقالات تتناول موقف الرئيس ميشال عون فيما خص موضوع تشكيل الحكومة، وذلك بقصد التشويه والإيحاء بأن الرئيس عون هو الذي يضع العراقيل في مسيرة التشكيل في وجه الرئيس المكلف، ودحضا لكل هذه الأقاويل يؤكد المكتب أن رئيس الجمهورية لم يطلب الحصول على الثلث المعطل في التشكيلة الحكومية العتيدة".
وأضاف "تكثر الادعاءات بأن النائب جبران باسيل يعرقل تشكيل الحكومة، فيما الواقع يؤكد أنه لم يتعاط في عملية التشكيل مطلقا، وللتكتل مواقفه السياسية التي يعبر عنها".
واعتبر أن البعض "يدعي أن حزب الله يضغط على رئيس الجمهورية في مسألة تشكيل الحكومة، وهذا أمر غير صحيح في المطلق لأن الحزب لا يتدخل في أي قرار لرئيس الجمهورية، بما في ذلك تأليف الحكومة، وللحزب مواقفه السياسية التي يعبر عنها".
ولفت البيان إلى أنه "فيما يتعلق باختيار الوزراء وتسميتهم وتوزيعهم على الحقائب الوزارية، فإن هذا الأمر ليس حقا حصريا لرئيس الحكومة، استنادا إلى البند الرابع من المادة 53 والبند الثاني من المادة 64 من الدستور، ما يدل إلى أن للرئيس عون حقا دستوريا بأن يوافق على التشكيلة الحكومية كاملة قبل التوقيع".
وبعدما كانت الزيارة الأخيرة للحريري إلى عون في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقدم له تشكيلة حكومية لكنه لم يوقع عليها، قال البيان "إن رئيس الجمهورية لا يزال بانتظار أن يأتيه رئيس الحكومة المكلف بطرح حكومي يراعي معايير التمثيل العادل عملا بأحكام الدستور، في حين أن الظروف ضاغطة جدا على أكثر من صعيد لتأليف الحكومة".
هذا البيان ردّ عليه المستشار الإعلامي للحريري حسين الوجه، وكتب على حسابه على تويتر قائلا: "هل نحن أمام توضيح من رئاسة الجمهورية أم أمام نفي باسم الوزير جبران باسيل؟" .
وأضاف: "إن أحداً لا يناقش في صلاحيات رئيس الجمهورية في إصدار مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء"، وفقاً للمادة ٥٣ من الدستور، وعلى توقيع مرسوم التشكيل بعد أن يجري رئيس مجلس الوزراء "الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة"، وفقاً للمادة ٦٤ من الدستور، مع خطين تحت لتشكيل الحكومة".
ورأى أنه "إذا كانت الظروف ضاغطة جداً لتأليف الحكومة، فالأجدى بمن يعنيهم الأمر السير بطرح رئيس الحكومة المكلف الموجود لدى الرئاسة الأولى الذي يراعي التمثيل العادل وفقاً للدستور، وليس وفقاً للحصص السياسية والحزبية".
في موازاة ذلك، عاد السجال على خلفية الفيديو الذي سرب الأسبوع الماضي وظهر فيه عون يتّهم الحريري بالكذب خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، انطلاقا من نشر إحدى الصحف اللبنانية اليوم خبرا يلفت إلى أن الحريري أرسل رسالة إلى عون يبلغه فيه أنه تجاوز هذا الأمر.
وكان ردّ من مصادر مقربة من الحريري عبر تأكيدها "أن الحريري تعامل منذ اللحظة الأولى لتسريب الفيديو وما تضمنه من عبارات لا تليق بمستوى التخاطب بين الرؤساء بما يستحق".
وقالت لـ"العين الإخبارية": "إن الجهة التي تبرعت بالخبر تقصد نقل رسالة، مفادها أن عون لن يبادر إلى الاتصال بالحريري ودعوته إلى لقاء معه في القصر الجمهوري إذا لم يلمس تغييراً في مواقفه المتصلبة، والذهاب إلى تشكيل حكومة وفق معايير سبق أن أثارها معه"، معتبرا أن هذا الأمر يؤكد إصرار الرئاسة على تبني معايير جبران باسيل في تشكيل الحكومة، رغم النفي المتواصل لذلك.
وأكدت: "أما رسالة الرئيس الحريري إلى من يعنيهم الأمر فهي واضحة لم تتبدل، حكومة بمعيار الدستور والمصلحة الوطنية والقواعد التي حددتها المبادرة الفرنسية.. وخلاف ذلك دوران في حلبات الإنكار".
بدوره ردّ نائب رئيس المستقبل مصطفى علوش، وكتب على حسابه على تويتر قائلا: "بالنسبة لشريط العار (الفيديو) الذي ظهر فيه رئيس الجمهورية فليس الحريري من يحتاج للاعتذار، بل موقع الرئاسة هو من أهان نفسه بالكلام الفارغ".
وتشير المعطيات السياسية، حسب متابعين، إلى أن باسيل هو الذي يقف خلف العراقيل، بدعم من حزب الله، لتعطيل تشكيل الحكومة ومنع تأليفها وفق شروط أهمها حصوله على الثلث المعطل ووزارات أساسية أهمها الداخلية والدفاع والعدل، وهو ما يرفضه الحريري، متمسكا بمبدأ تشكيل حكومة من اختصاصيين غير سياسيين وفق المبادرة الفرنسية.
وهذا الأمر عاد وأكده، اليوم الجمعة، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، حيث قال في حديث إذاعي "الصهر الكريم (باسيل) يريد الثلث المعطل حتى إن حدث شيء لعمّه، والأعمار بيد الله، أن تكون السلطة بيده في الحكومة التي بحسب الدستور هي التي تحكم بانتظار انتخاب رئيس جمهورية جديد، وهذا هو الأمر بكل وضوح".
وانتقد كذلك دور حزب الله في لبنان قائلا: "هناك حزب قوي جداً، ومن خلفه دولة قوية جداً اسمها الجمهورية الإسلامية (إيران)، فهل الجمهورية الإسلامية (إيران) تعترف بلبنان الكبير أم أننا نحن فقط مقاطعة من المقاطعات من الجمهورية الإسلامية (إيران) بين لبنان وسوريا والعراق؟ هذا السؤال".