أزمة حكومة لبنان.. الرئاسة في هجوم "مزدوج"
ساحة سياسية لا تهدأ في لبنان.. التنابز بالاتهامات بين الفرقاء السياسيّين بلغ أشده، هذه المرة الهجوم جاء من الرئاسة في كل الاتجاهات.
ففي بيان شديد اللهجة هاجمت رئاسة الجمهورية اللبنانية، "المرجعيات المختلفة" منتقدة ما سمته التدخل في تأليف الحكومة عبر تصريحات ومواقف تنتهك الدستور.
وفي لبنان فسّر المراقبون الهدف بأنه "مزدوج" يجمع مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري لتأليف الحكومة؛ التي كانت المحاولة الأخيرة لإيجاد حل للأزمة، وموقف المجلس الإسلامي الشرعي الذي أعلن فيه دعمه لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وقال بين الرئاسة الذي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه: "تطالعنا من حين لآخر تصريحات ومواقف من مرجعيات مختلفة تتدخل في عملية التأليف، متجاهلة قصدا أو عفوا ما نص عليه الدستور من آلية من الواجب اتباعها لتشكيل الحكومة، والتي تختصر بضرورة الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف المعنيين حصريا بعملية التأليف وإصدار المراسيم".
ونوه البيان بأن ذلك يأتي في وقت "يتطلع فيه اللبنانيون إلى تشكيل حكومة جديدة تنكب على معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في البلاد، لا سيما بعد مرور 10 اشهر على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب و8 أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، وفيما يبدي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كل استعداد وتجاوب لتسهيل هذه المهمة".
وفي انتقاد للتحركات الأخيرة أردف البيان "ثمة معطيات برزت خلال الأيام الماضية تجاوزت القواعد الدستورية والأصول المعمول بها"، ودعت الرئاسة تلك المرجعيات والجهات "التي تتطوع مشكورة للمساعدة في تأليف الحكومة"، إلى "الاستناد إلى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس أعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه، بل تتناغم مع رغبات هذه المرجعيات أو مع أهداف يسعى إلى تحقيقها بعض من يعمل على العرقلة وعدم التسهيل، وهي ممارسات لم يعد من مجال لإنكارها".
وخلص البيان إلى أن رئاسة الجمهورية "ترى أن الزخم المصطنع الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة، لا أفق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص عنه في الدستور"، مذكرة أنها "تجاوبت مع الكثير من الطروحات التي قدمت لها لتحقيق ولادة طبيعية للحكومة، وتغاضت عن الكثير من الإساءات والتجاوزات والاستهداف المباشر لها ولصلاحيات رئيس الجمهورية"، وفق البيان.
وفي ختام البيان تساءلت الرئاسة: "... هل ما يصدر من مواقف وتدخلات تعيق عملية التأليف يخدم مصلحة اللبنانيين الغارقين في أزمة معيشية واقتصادية لا سابق لها ويحقق حاجاتهم الإنسانية والاجتماعية الملحة، التي لا حلول جدية لها إلا من خلال حكومة إنقاذية جديدة؟".
وتأتي مواقف الرئاسة في وقت كان ينتظر فيه ما ستؤول إليه محاولات رئيس البرلمان لتذليل عقبات التأليف لتشكيل حكومة من 24 وزيرا لا ثلث معطل فيها؛ بحيث كانت المعلومات تشير إلى أن هذا الأسبوع سيكون حاسما سلبا أم إيجابا.
وكان بري أعرب أمس الإثنين في حديث تلفزيوني عن "انزعاجه الشديد من الأوضاع الراهنة"، ووصف استمرار حال التردي بأنه "سيؤدي إلى خراب كبير لا تحمد عقباه"، مؤكداً أنّ مبادرته في نسختها الثالثة للحل والخروج من المأزق السياسي والحكومي الحالي "تحظى بموافقة عربية وإقليمية ودولية وغربية، بما فيها فرنسا".
لكن بري عبّر أيضا عن قلقه البالغ من أن "تمسك البعض بشروط تعجيزية سيزيد في تعقيد الأمور وليس انفراجها"، مؤكداً أنه من موقعه رئيساً لمجلس النواب "حريص جداً على احترام الدستور وتطبيقه ولن يسمح باستهدافه أو تجاوزه أو خرقه تحت أي مسميات".
وقبل أيام أيضا أعلن المجلس الإسلامي الشرعي موقفه الواضح والصريح بدعم استمرار الحريري في مهمته في ظل المعلومات التي أشارت إلى بدء درسه خيار الاعتذار، منتقدا رئيس الجمهورية من دون أن يسميه، وتحديدا لجهة محاولة فرض أعراف جديدة في عملية التأليف ورافضا المس بصلاحيات رئيس الحكومة في هذه العملية.
وينص الدستور اللبناني على أن رئيس الحكومة المكلف يشكّل الحكومة بالتشاور مع الكتل النيابية ويقدم التشكيلة إلى رئيس الجمهورية، الذي عليه إما رفضها أو التوقيع عليها.
وبعد هذا التصعيد، يبقى الترقب سيد الموقف لما سيكون عليه مسار التأليف في الأيام المقبلة، لا سيما وأن الحريري وفريقه السياسي كانا قد لوّحا باعتذاره عن المهمة في الوقت المناسب إذا بقي التعطيل قائما.