المواجهة أو ترك حزب الله.. مبادرة الراعي تحرج رئيس لبنان وصهره
مبادرة طرحها البطريرك بشارة الراعي تشمل حياد لبنان وعقد مؤتمر دولي بشأنه، أحرجت "التيار الوطني الحر" وحشرته في زاوية ضيقة.
فمن جهة، لن يكون بإمكان التيار الذي يرأسه النائب جبران باسيل صهر الرئيس ميشال عون، مواجهة بكركي (مقر البطريركية المارونية)، ولن يمكنه - من جهة أخرى- أيضا فك تحالفه بحزب الله.
وقبل أيام، أطلق الراعي أمام جماهير زارته مؤيدة، وثيقة سياسية تشكل من وجهة نظره حلاً الأزمة السياسية اللبنانية، من أبرز بنودها الحياد الإيجابي، وحصر السلاح بيد الدولة التي يجب وحدها أن تمتلك قرار الحرب والسلم، والدعوة إلى مؤتمر دولي.
لكن هذا الطرح الذي لاقى دعما وردود فعل إيجابية واسعة، لا يتناسب مع خطاب التيار الوطني الحر حليف "حزب الله" الذي يرفض حياد لبنان ويصر على حشره ضمن المحور الإيراني، إضافة الى رفض الحديث المطلق بموضوع سياسي.
ورغم أنه من المؤكد أن التيار الوطني الحر لن يكون بإمكانه التفريط بتحالفه مع حزب الله الذي يشكل له دعما سياسيا كبيرا وكان له الدور الأهم في وصول عون إلى الرئاسة، إلا أنه في الوقت عينه لن يستطيع أن يكون بموقع المواجهة مع البطريركية المارونية، خصوصاً أنه يرفع في الوقت الحالي راية الدفاع عن حقوق المسيحيين لمواجهة خصومه، محاولاً استثارة العواطف الطائفية بعد انحدار شعبيته إلى أدنى مستوى.
وخلال الأسبوع الماضي، حاول جاهداً بعث رسائل سياسية إلى البطريرك عبر وفود أو بيانات تؤكد على دعم مواقفه "إذا اقترنت بتوافق وطني"، أو الإيحاء بأن هناك نقاطا في خطاب البطريرك يمكن مناقشتها وتطويرها وتحسينها لتحظى برضا الجميع، إلاّ أن هذه الرسائل لم تلق أي تجاوب من بكركي أو المجموعات التي دعمت البطريرك.
مأزق
القيادي في حزب"القوات اللبنانية"، النائب السابق أنطوان زهرا، قال معقبا على الموضوع، إنه:"لا شكّ أن التيار الوطني الحر في مأزق سياسي بين عدم قدرته على الاصطدام مع بكركي، وعجزه عن فك تحالفه مع حزب الله، وهذا ما ينعكس سلبا عليه داخل لبنان وخارجه مع المجتمع الدولي".
ويوضح زهرا لـ"العين الإخبارية"، أن "التيار وعلى خلاف ما يدّعيه من الدفاع عن المسيحيين، يأخذ المنحى المعاكس لأدبيات بكركي عبر التاريخ والمتعلقة بشكل أساسي بمطلب حياد لبنان".
ويعتبر زهرا أن مشروع التيار الوطني الحر هو الوصول والبقاء في السلطة وتحالفه مع حزب الله كان لهذا الهدف، وذلك منذ الحروب التي افتعلها في لبنان عندما كان عون قائدا للجيش ومن ثم عودته إلى بيروت من فرنسا عام 2005، مرورا بالانتخابات النيابية وصولا إلى الحروب السياسية التي شنها عقب تقلده الرئاسة، بعد تعطيل حزب الله الانتخابات لسنتين ونصف السنة لإيصال حليفه للمنصب.
النائب السابق اعتبر أن ثمن تحالف التيار مع حزب الله كبير جدا، ولذلك فهو غير قادر على فك تحالفه معه، موضحا أن "كل وجود التيار السياسي مرتبط بتحالفه مع حزب الله ويستمد قوته منه، وبالتالي فإن فك تحالفه معه سيزيد الانعكاسات السلبية عليه".
وفي الوقت عينه، يرى زهرا أن خسارة التيار السياسية وقعت، وانسحابه من تحالفه مع حزب الله لم يعد اليوم يفيد بشيء بعد مخالفته لكل التوجهات داخل لبنان وخارجه، وبالتالي بات الجميع على معرفة به وبخلفياته، ولن يستطيع بعد الآن بيع مواقفه لأي طرف، وهو ما حاول القيام به عبر الإعلان عن بعض الاختلافات بينه وبين حزب الله، لكن ذلك لن يجدي نفعا بعد الآن.
تخلى عن تاريخه
بدوره، يشير القيادي السابق في "التيار الوطني الحر"، المحامي أنطوان نصرالله، إلى أن "التيار" لم يعد بتعاطى السياسة حالياً، بل يتخبط في التناقضات بطريقة عشوائية، ويسعى لينفذ أي شيء يطلب منه ربما لتخليص نفسه من تداعيات السياسات الخاطئة".
وقال نصر الله لـ"العين الإخبارية": "هذا الحزب بشكله الحالي تخلى عن تاريخه، فلقد كان منذ تأسيسه حزب الموقف، أما اليوم فليس هناك من موقف، يطلقون التصاريح وينقلبون عليها، يعقدون التحالفات وينقلبون عليها".
ويؤكد نصرالله أن "مواقف البطريرك أحرجتهم كثيراً خصوصاً أن الراعي أخذ موقفاً سياسياً واضحاً، وهم لا يستطيعون اتخاذ موقف وتركوا أنفسهم عالقين بين مؤيد للموقف ومعارض له، كما يحاولون تسريب معلومات عن خلافات مع حزب الله وهي بالحقيقة غير موجودة".
وعن حماية حقوق المسيحيين التي يتغنى بها رئيس "التيار" النائب باسيل، أكد نصر الله أنها الكذبة الأكبر والطرح الشعبوي الذي لم يعد يمر عند الشعب، فمنذ وصول عون إلى الرئاسة لم يراعوا سوى مصلحتهم فقط ولم يتذكروا الحقوق الاّ عندما يطالبون بمناصب لمناصريهم وأزلامهم.
وتابع أن الشعب اللبناني بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص يريدون اليوم حلاً شاملاً وليس مقعداً من هنا أو حقيبة وزارية من هناك، وهذا ما دفع أغلبيتهم الساحقة التي شاركت على الأرض في بكركي أو التي بقيت في بيوتها، إلى تأييد كلام البطريرك الراعي الذي تحدث عن خارطة طريق للحل.
ويختم نصرالله حديثه بالتأكيد أن "لا حلّ أمام اللبنانيين إلاّ بالحياد، فزجهم ضمن المحاور أوصلهم إلى الجحيم الذين هم فيه اليوم".
aXA6IDMuMTQ3LjEwNC4xOCA= جزيرة ام اند امز