تمّام سلام لـ"العين الإخبارية": المشروع الإيراني يهدف إلى تفتيت لبنان
قوة لبنان ومناعته في التمسك بأشقائه العرب
تمّام سلام، اعتبر أن المعركة الانتخابية في لبنان تمثّل إحدى أهم وسائل المواجهة ضد المشروع الفارسي الإيراني.
بدءاً من خطر المشروع الفارسي الذي يهدد مصير لبنان ويستهدف هويته العربية، مروراً بانخراط "حزب الله" في القتال الدائر في سوريا وتوغله في الدماء العربية، واستهداف الموقع السنّي الأول المتمثّل في رئاسة الحكومة اللبنانية، وصولاً إلى الحرب التي تقرع طبولها في المنطقة، وما يرافقها من خطر إقدام "حزب الله" على توريط لبنان فيها، وسوقه إلى مواجهة مدمّرة، كلّها عناوين حذّر منها رئيس حكومة لبنان السابق تمّام سلام، الذي اعتبر أن المعركة الانتخابية التي تخوضها القوى السيادية في لبنان وعلى رأسها تيّار "المستقبل" تمثّل إحدى أهم وسائل المواجهة، وتسعى من خلالها الى إجهاض المشروع الإيراني، الهادف إلى إلحاق لبنان بمشروع تفتيت دول المنطقة وتغيير هويته، كما يحصل الآن في سوريا والعراق وليبيا وغيرها.
بيروت تتمسك بهويتها العربية
مواقف تمّام سلام هذه جاءت ضمن مقابلة مطوّلة أجرتها معه "العين الإخبارية"، التي أشار فيها إلى أن الأوضاع السائدة في العالم العربي، تعزز المخاوف على لبنان برمته وعلى العاصمة بيروت التي تشكّل مركز القرار.
ورأى أن "المخاطر المحيطة بلبنان تستدعي يقظة كبرى من اللبنانيين ومن أبناء بيروت خصوصاً، لأن العاصمة يجري استهدافها على قدم وساق"، لافتاً إلى أن "دولاً عدة في العالم العربي تتغيّر هويتها، لذلك نشدد على التمسّك بهوية بيروت العربية، وعدم السماح للقوى الأخرى بدخولها وتغيير هويتها".
وحذّر رئيس الحكومة اللبنانية السابق من "المشروع الفارسي الذي يستهدف العالم العربي من العراق إلى سوريا واليمن وفلسطين وصولاً إلى المملكة المغربية"، داعياً أبناء بيروت وكلّ اللبنانيين إلى "اليقظة التامة والتحسّب لانزلاق لبنان في أتون هذا المشروع"، داعياً إلى "التمسّك بسياسة النأي بالنفس عن الأحداث الدائرة في سوريا والمنطقة"، معتبراً أن "مواجهة هذا المشروع تكون بالوحدة الوطنية والتمسك بهوية لبنان العربية وبالرؤية الواضحة وتشخيص الأوضاع ورص الصفوف والتعاون في مرحلة ما بعد الانتخابات".
حزب الله يضرب بسياسة النأي بالنفس عرض الحائط
ورغم غياب أي تأثير لسياسة النأي بالنفس، طالما أن "حزب الله" يضرب بعرض الحائط كل التسويات والاتفاقات، ويستقدم قيس الخزعلي وقادة المليشيات الشيعية العراقية إلى جنوب لبنان، ذكّر سلام بأن "النأي بالنفس اعتمد في البيانات الوزارية لثلاث حكومات متعاقبة، لكنه لم يطبّق بشكل كامل، خصوصاً عندما نرى حزباً لبنانياً كبيراً (حزب الله) قد تورّط في الأحداث بسوريا، وبات شريكاً في المعارك مع قوى إقليمية، وهذا يناقض سياسة النأي بالنفس، ونحن نرفض توريط لبنان في حروب الآخرين التوسعية، وسنبقى نجتهد في هذا الاتجاه، وعلينا أن نكون موحدين في أفعالنا وتوجهاتنا، وأن نخوض الانتخابات في بيروت ضمن هذا التوجه".
قانون الانتخابات يغير التركيبة السياسية
ولم يكتب للانتخابات الحالية فرصة لتحقيق تغيير جوهري في التركيبة السياسية، بفعل القانون الانتخابي العجائبي وهيمنة السلاح على قرار الدولة، وهو ما تحدث عنه سلام، الذي اعتبر أن "قانون الانتخاب النسبي الهجين أربك الناس بفعل الصوت التفضيلي، وخلق عداوة بين القانون والناس".
وتوجه إلى أهالي بيروت قائلاً: "أمام هذا المشروع الذي نواجهه (المشروع الفارسي)، علينا أن نتوحّد كي لا نستهدف ولا نستضعف ولا نخترق"، لافتاً إلى أن وجود "9 لوائح انتخابية خير دليل على وجود مشروع يسعى إلى الفرقة بين أبناء بيروت"، مؤكداً أن اللوائح الأخرى يقف خلفها حزب الله وحلفاؤه، وتهدف إلى اختراق العاصمة بيروت، وكلام حسن نصرالله، أثبت ذلك عندما أكد أنه "سيكون لنا موقع قرار في بيروت بما أنها العاصمة"، ولذلك تستمر اللوائح بمحاولة استنزاف من يمثل بيروت، داعياً أهالي بيروت إلى أن يُقبِلوا على الانتخابات بأعداد كبيرة لرفع الحاصل الانتخابي وقطع الطريق على الآخرين".
حزب الله يستفز السنة في لبنان
وعبّر رئيس الحكومة السابق عن تفاؤله لما ستكون عليه الصورة بعد الانتخابات، مشيرا إلى أن كل القوى السياسية والطوائف التي أسهمت في بناء لبنان واعية ومدركة لحجم الأخطار بحيث لا تستقوي طائفة على أخرى.
وتوقف عند كلام نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الذي قال إن رئاسة المجلس النيابي مضمونة للرئيس نبيه بري، بينما رئاسة الحكومة غير مضمونة لأحد (في إشارة لرفض "حزب الله" تولي سعد الحريري رئاسة الحكومة الجديدة، وأكد سلام أن الكلام عن رئاسة الحكومة يستفزّ السنّة في لبنان.
وسأل "لماذا هناك ممثل للطائفة المسيحية ثابت على مدى ست سنوات (رئيس الجمهورية)؟ ولماذا هناك ضمان مسبق لرئيس مجلس النواب بعد الانتخابات ونحن نؤيد وندعم انتخاب الرئيس نبيه بري، وهناك محاولة إضعاف تمثيل الطائفة السنية؟".. (علماً بأن بري لا يزال رئيساً لمجلس النواب منذ 26 عاماً، وسيعاد انتخابه لدورة جديدة، بحيث يكون أول رئيس للبرلمان في تاريخ لبنان، أمضى ثلاثة عقود على رأس المؤسسة التشريعية).
وأضاف سلام "هذا كلام لا يخدم أي جهود صادقة لوحدة الوطن"، مشدداً على أن "أهمية رئاسة الحكومة هي في مكانتها وقيمتها ودورها، وتبقى بأهمية رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، ومن سيتولى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات هو من يمثّل غالبية الطائفة السنية، وهو تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري، وأي تشكيك بمجيء الحريري على رأس حكومة ما بعد الانتخابات لا يفيد أبدأً، وكما أن رئاسة المجلس محسومة فإن رئاسة الحكومة محسومة أيضاً".
وردا على سؤال حول موقع تمام سلام بعد فوزه بالانتخابات، وما إذا سيكون على رأس كتلة "المستقبل" النيابية أم يعود مستقلاً، قال رئيس الحكومة السابق "سأكون رأس حربة في تمثيل طائفتي وكل اللبنانيين من أجل مصلحة لبنان".
وأضاف "أنا مستقل في موقعي لكنني متحالف مع تيار المستقبل، طالما أن مشروعه يركز على حماية الوطن، وطالما أن الرئيس الحريري يقدّم للبنان كل ما يحتاج للنهوض، ويحفظ مكانته في العالم العربي وعلى خريطة العالم كلّه، والكل يشهد للحريري بهذه المهمة".
سلاح حزب الله يهيمن على نتائج الانتخابات
وعن التغيير المرتقب في نتائج الانتخابات، طالما أن القرار السيادي في لبنان خاضع لهيمنة سلاح "حزب الله"، أجاب سلام: "لا شك في أن القرار السياسي يتأثر بهيبة السلاح، لكن بقدر ما نركز على النهوض بالبلد سياسياً وإنمائياً واجتماعياً، بقدر ما نحد من دور السلاح، لأن همّ الناس اليوم منصب على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي"، موضحاً أن "تعاون رئيس الجمهورية (ميشال عون) ورئيس الحكومة (سعد الحريري) يدحض ما يقال عن هيمنة السلاح كلياً على قرار الدولة ومؤسساتها".
إيران لن تدافع عن لبنان
وأمام قرع طبول الحرب في المنطقة بعد الضربات الإسرائيلية لمواقع إيرانية في سوريا والتهديد بقصف إسرائيل المفاعلات النووية الإيرانية، والمخاوف من فتح "حزب الله" جبهة جنوب لبنان مع إسرائيل، عبّر سلام عن خشيته من أن "يدفع لبنان ثمن هذه التطورات".
وقال "نحن نختلف مع حزب الله في انخراطه في الحرب السورية، وبالتالي لا مصلحة للبنان بالانخراط في حروب المنطقة، لأن بلدنا صغير ولا يتحمّل حرباً مدمرة جديدة، خصوصاً أن تجربة حرب 2006 لا تزال ماثلة أمام أعيننا، وعلى القوى السياسية تفعيل المناعة الداخلية عبر تعزيز سلطة الدولة، وليس الخروج عن قرارها والدخول في حروب الآخرين".
وتابع "علينا أن نتنبّه كيف نحمي لبنان بعلاقاتنا، ولن نقبل باستغلال بلدنا وتوريطه"، محذرا من أن "أي حرب على لبنان لن تكون إيران شريكة فيها ولن تدافع عنّا، وسمعنا تهديدات المرشد الإيراني لإسرائيل بتدمير تل أبيب، لكنه لم يحرّك ساكناً عندما دمرّت إسرائيل لبنان في عام 2006، وبالتالي لسنا بحاجة إلى تجربة حرب جديدة، نحن بحاجة إلى تحييد لبنان عن الصراعات، وإلى سياسة النهوض به".
مناعة لبنان في علاقاته بأشقائه العرب
وشدد سلام على أن "مناعة لبنان تكتسب بتوطيد العلاقات مع أشقائه العرب، وخصوصاً مع دول الخليج لا سيما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وكل من يقف إلى جانبه"، لافتاً إلى أن "العلاقات الأخوية ستستمرّ ولن تتأثر ببعض المواقف، وندعو كلّ من يحاول ضرب هذه العلاقة إلى الكفّ عن ذلك، لأن كل اللبنانيين يدينون للإخوة في الخليج العربي أنهم احتضنوا مئات آلاف اللبنانيين ووفروا فرص العمل لهم، ولا ننسى كيف أسهمت الدول الخليجية في إنقاذ لبنان بدءاً من اتفاق الطائف، ومواصلة الدعم السياسي والمالي للدولة اللبنانية بمليارات الدولارات وللمؤسسات الشرعية".
ووجه سلام التحية إلى قادة هذه الدول، لا سيما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكل رؤساء وقادة دول الخليج، وتمنى لهذه الدول "مزيداً من الازدهار والنمو، لأن تطورها يرتد إيجاباً على كلّ الدول العربية والإسلامية".. وتابع "عندما كنت في موقع المسؤولية لمست ذلك، وسيبقى موضع احترامي وتقديري".
وأثنى تمّام سلام على الإنجازات التي حققها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في المؤتمرات الخارجية لدعم لبنان، لا سيما مؤتمر "سيدر" الذي عقد في فرنسا الشهر الماضي، وقال: "ذهب الحريري إلى المؤتمر وسط تشكيك محلي بإمكانية جلب أي مساعدات، لكنه استطاع أن يضمن للبنان 11 مليار دولار".
وسأل "مَن يستطيع أن يوفر هذا الدعم سواه؟"، معتبراً أن "المنحى الذي يسلكه الحريري منذ عام ونصف العام، بدأ يعيد اللُحمة إلى لبنان من خلال تفعيل عمل المؤسسات، وخير دليل على ذلك أننا نعيش أجواء الانتخابات التي نحن بصددها، بما يعزز النظام الديمقراطي، ويحقق النهوض ومتابعة مسيرة إعمار البلد".