محللون: واشنطن تراقب "حزب الله" في الحكومة اللبنانية لردعه
المحللون اعتبروا أن السفيرة الأمريكية ببيروت إليزابيث ريتشارد، تعمّدت إيصال رسائل تحذيرية لمليشيا حزب الله الإرهابي.
أكد محللون سياسيون أن الولايات المتحدة تراقب آلية عمل الحكومة اللبنانية، بسبب مليشيا حزب الله الإرهابي، وتتأهب لاتخاذ إجراءات عقابية لردعه عندما تدعو الحاجة.
- واشنطن تبلغ الحريري قلقها من دور حزب الله في لبنان
- حكومة لبنان بين خطر انقسام يغذيه "حزب الله" وتحديات يفرضها الاقتصاد
وأوضح المحللون في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "السفيرة الأمريكية ببيروت إليزابيث ريتشارد، تعمّدت خلال تصريحاتها الأخيرة إيصال هذه الرسائل التحذيرية لمليشيا حزب الله من كل الاتجاهات، ومن على باب السراي الحكومي، بعد لقائها رئيس الحكومة سعد الحريري لتهنئته بتشكيل الحكومة التي نالت الثقة بعد صمت وترقّب وانتظار".
الحكومة اللبنانية تحت المجهر الأمريكي
وأشار المحللون إلى أن "السفيرة الأمريكية قالت بشكل واضح إن الحكومة اللبنانية تحت مجهر المراقبة".
وفي هذا الإطار، يرى المحلل السياسي أسعد بشارة أن "موقف السفيرة الأمريكية يظهر الحذر الأمريكي من الحكومة الجديدة وعدم الرضى عنها، لتبقى الإجراءات المنتظرة مرتبطة بمراقبة آلية عملها".
وأكد بشارة في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الموقف الأمريكي واضح، خاصة أنه يأتي في ظلّ خرقين أساسيين لمبدأ النأي بالنفس، من قبل وزيرين محسوبين على حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، وأحد هذين الموقفين هو إجراء زيارة إلى سوريا وعقد لقاءات فيها".
واعتبر بشارة أن "الأمريكيين يرفعون 3 "لاءات" أمام الحكومة اللبنانية وهي "لا" لإعادة العلاقات السياسية وتطبيعها مع سوريا، "لا" لعودة النازحين السوريين قبل الحل السياسي في دمشق، و"لا" للمشاركة اللبنانية في إعادة إعمار سوريا قبل التوافق الدولي، وهذا يعد مؤشرًا واضحًا حول الخطوط التي ترسمها واشنطن أمام ما يسعى حزب الله إلى فرضه خارج التوافق الدولي".
تحذيرات أمريكية متجددة لحزب الله
وهذا ليس الموقف الأمريكي الأول تجاه الحكومة اللبنانية، فقبل أيام أطلق وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو موقفاً لافتاً تجاه لبنان، منتقداً أنشطة "حزب الله"، وقبله كانت الإدارة الأمريكية تحذّر من حصول "حزب الله" على وزارة الصحة، لما تمثّله من وزارة أساسية تصل إليها الكثير من المساعدات الأمريكية.
وبحسب المحللين فإن "هناك خشية في واشنطن من أن يحول حزب الله تلك الوزارة لصالح منفعة خاصة بجمهوره ومناصريه، في ظل تشدد خناق العقوبات عليه، وبالتالي قد يلجأ إلى تفعيل المساعدات المرضية لصالح مناصريه ومقاتليه في ظل غياب الدعم المالي عنه".
وأوضح المحللون أن "أمريكا حذّرت مرارا من حصول حزب الله على وزارة الصحة، وأنه بعد أن حقق الحزب ما أراد، فإن ذلك سيفرض تغييراً في النهج الأمريكي، خاصة أن الأمريكيين يقرؤون في قدرة الحزب على فرض شروطه، بأنه أمر سينطبق على مختلف الملفات السياسية والاقتصادية، وهذا ما سيدفع واشنطن ليس إلى المراقبة فقط، بل إلى اتخاذ إجراءات عقابية أو ردعية عندما تدعو الحاجة".
وبحسب الخبراء فإن "هناك توافقا أمريكيا - خليجيا حول مراقبة عمل الحكومة، وانتظار مهلة 3 أشهر لمعرفة وجهتها، على أن يتقرر فيما بعد تقديم المساعدات للبنان من عدمها، وهذا سيبقى مرهوناً بتطبيق النأي بالنفس، وبعدم إظهار غلبة حزب الله، واتخاذ مواقف معادية للدول العربية".
وفي الإطار ذاته، تكشف مصادر رسمية لبنانية، عن استعداد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لزيارة لبنان الشهر المقبل، لتأكيد رسائل التحذير الأمريكية للسلطات اللبنانية.
منطق الثنائيات الحكمية
من جانبه، أكد المحلل السياسي علي الأمين أن "ما يحذّر منه الأمريكيون، هو مجانبة منطق الثنائيات الحكمية، هذا المنطق الذي كان قد انتهجه حزب الله في السابق، واليوم يترك المجال أمام بعض حلفائه لتطبيقه، من خلال خلق ثنائيات لدى كل الطوائف".
وأوضح الأمين، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن "هذا مسار بدأه حزب الله في الانتخابات النيابية، عبر خرق الساحة السنية بمرشحين تابعين له، وتكلل ذلك في مشكلة اللقاء التشاوري وتوزير الوزير السنّي من حصته الذي اتخذ مطيّة لعرقلة تشكيل الحكومة، بالإضافة إلى النشاط الذي يقوم به حزب الله في جبل لبنان لخرق الصفوف الدرزية، والتأثير سلباً على الزعيم الدرزي وليد جنبلاط".
واعتبر الأمين، أن "هذه المساعي الدرزية تكللت قبل أسبوعين في زيارة أجراها السفير الإيراني إلى الشوف معقل الدروز، وجرى خلالها إطلاق تصريحات مناهضة لجنبلاط، مقابل تجميع بعض القوى الدرزية الموالية لطهران ضده".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "ما يحرص عليه الأمريكيون، بحسب الأمين، هو عدم السماح بتكريس منطق عزل القوى السياسية الأخرى، لأن هذا سيفيد فقط سياسة حزب الله وفق التوصيف الأمريكي، وسيسمح له بالاستفراد بكل جهة على حدة، وهذا التحذير الأمريكي يتلاقى مع تحذيرات دولية أخرى، ناجمة عن قراءة دقيقة لحقيقة الوضع اللبناني".
قلق أمريكي متزايد من دور "حزب الله"
وكانت السفيرة الأمريكية إليزابيث ريتشارد قالت عقب لقاء الحريري إنها كانت "صريحة جدا.. فيما يتعلق بقلق الولايات المتحدة من الدور المتزايد في مجلس الوزراء اللبناني لتنظيم يواصل الاحتفاظ بمليشيا لا تخضع لسيطرة الحكومة".
وقالت ريتشارد إن هذه الجماعة - في إشارة إلى حزب الله - "تواصل اتخاذ القرارات الأمنية الوطنية الخاصة بها التي تعرض باقي البلاد للخطر، وتواصل خرق سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة من خلال المشاركة في صراع مسلح فيما لا يقل عن 3 دول".
وتهدف سياسة النأي بالنفس التي ينتهجها لبنان رسميا لإبعاد نفسه عن الصراعات التي تدور في المنطقة.
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قانونا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أقرّه الكونجرس يفرض عقوبات إضافية على مليشيا حزب الله.
كما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية تصنيف 4 أشخاص على قائمة الإرهاب لعلاقتهم بمليشيا "حزب الله" في العراق، بهدف وقف محاولات التنظيم السرية لاستغلال العراق في: غسل الأموال، شراء الأسلحة، تدريب المقاتلين، وجمع المعلومات الاستخباراتية لإيران.