لقاحات كورونا بلبنان.. استثمار سياسي في "بازار" حزبي
لم يمنع توفير الجهات الدولية بالتعاون مع حكومة لبنان لقاحات ضد فيروس كورونا مجاناً، دون دخول الأحزاب على خط الاستثمار السياسي.
وتوفّر وزارة الصحة لقاحي فايزر وأسترازنيكا مجاناً لكل السكان، فيما تستورد أحزاب ومؤسسات، عبر شركة أدوية خاصة، اللقاح الروسي في مقابل 38 دولاراً للجرعتين؛ أي ما يعادل 75% من الحد الأدنى للأجور.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ؛ إذ كشف مصدر في اللجنة الوطنية للقاح كورونا أن "القوى السياسية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة تريد أن تدخل المعادلة".
ويضيف المصدر لوكالة "فرانس برس": "يشكل اللقاح استثماراً مربحاً لها" وسط الظروف الراهنة.
وتلاحق الطبقة السياسية بأكملها اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ، وخرج مئات الآلاف إلى الشوارع قبل عامين تقريبا، مطالبين بتنحيها، محملين إياها مسؤولية الانهيار غير المسبوق، جراء عقود من سياسات طغى عليها الفساد والزبائنية.
فالتدهور المتمادي، الذي رفع نسبة من يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من 55 %، وأدى إلى فقدان عشرات الآلاف لوظائفهم، أو جزءاً من رواتبهم، شكّل وفق محللين فرصة للأحزاب والقوى السياسية من أجل تجميع قواها ومحاولة استمالة الشارع من بوابة كورونا.
وبالفعل، سجّل عشرات الآلاف أسماءهم لدى الأحزاب أو جمعيات لديها ارتباطات سياسية، وكذلك مؤسسات تابعة لرجال أعمال أثرياء يطمحون للعب دور سياسي.
وعمد هؤلاء مع تزايد تفشي الوباء إلى تقديم مساعدات كتجهيز مراكز طبية وتوزيع الكمامات وماكينات التنفّس وآلات قياس نسبة الأكسجين في الدم، ليدخلوا بعدها بازار توزيع اللقاحات.
ومن بين تلك الأحزاب تيار المستقبل، بزعامة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وقال منسّق الإعلام في التيار عبد السلام موسى لوكالة فرانس برس إن "أكثر من سبعة آلاف شخص تلقوا اللقاح الروسي" بموجب حملة تلقيح انطلقت مطلع الشهر الماضي، في وقت "يُفترض أن تصل عشرات آلاف الجرعات خلال الأسابيع المقبلة".
وكان حزب القوات اللبنانية، الذي يتزعمه سمير جعجع، من أول الأحزاب التي وفّرت اللقاح مجاناً في مناطق نفوذها.
ويوضح النائب عن القوات أنطوان حبشي لوكالة "فرانس برس" أنه في منطقة بعلبك الهرمل (شرق) التي يتحدّر منها، أشرف حتى الآن على تلقي 1600 شخص للقاح بعدما "تمكنا من تمويل شرائه عبر حملة جمع تبرعات في دول الاغتراب".
واستأجر الوزير السابق إلياس أبو صعب، وهو نائب منضو في كتلة التيار الوطني الحر الذي أسّسه رئيس الجمهورية ميشال عون، مستشفى خاصاً قرب بيروت لمدة عام.
وأعلن الوزير ذاته قبل فترة قصيرة أنّه سيؤمن "عشرين ألف وحدة من لقاح فايزر" مجاناً، على أن تكون "الأولوية" للمدرسين "في قضاء المتن؛ حيث مسقط رأسه.
ويفسر الأستاذ الجامعي هلال خشان غياب حزب الله الإرهابي عن "بازار" اللقاحات، بالقول إن الحزب "ليس في حاجة إلى استيراد لقاحات، باعتبار أن بإمكانه الاعتماد على وزارة الصحة" التي يتولاها الوزير حمد حسن التابع له.
إلى جانب اللقاحات، تشمل الخدمات "الحزبية" توزيع مواد غذائية وأدوية على وقع ارتفاع الأسعار الجنوني وشحّ السلع.
وكان حزب الله سباقاً بعد بدء الأزمة الاقتصادية في توفير بطاقات لأنصاره، تمكّنهم من شراء مواد غذائية، بعضها مستورد من داعمته إيران، من متاجر محددة وبأسعار مدعومة.
ويستعدّ التيار الوطني الحر، الذي يرأسه النائب جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية، لإطلاق منصة تمكّن مناصريه من تبادل الأدوية، وفق ما أفاد منسّق لجنة كورونا في التيار مروان زغبي.
ومع توسيع القوى السياسية والحزبية مروحة خدماتها، يقول المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية "لا فساد" جوليان كورسون "قد تستعمل الأشكال الجديدة من المساعدات لأهداف سياسية" قبل موعد "الانتخابات النيابية" في مايو/أيار المقبل.
وخلال الانتخابات الأخيرة، تلقى 47 من الناخبين رشاوى مالية، وفق منظمة الشفافية الدولية.
ورغم هذه التعبئة، يبقى هامش المناورة لدى الأحزاب محدوداً، وفق خشان الذي يعتبر أن توسّع الفقر يكشف "فشل" نظام الكفالة هذا.
ويرى أن الأحزاب التقليدية تبحث عن مسكّنات، ولا يستبعد أن "تثير من الآن فصاعداً الحساسيات الطائفية" لضمان البقاء في السلطة.
وباشر لبنان حملة التطعيم منتصف شباط/فبراير بموجب دعم قدّمه البنك الدولي بقيمة 34 مليون دولار، مشترطاً التوزيع العادل والمنصف وفق جدول الأولويات.
ولوّح البنك الدولي خلال الشهر ذاته بتعليق تمويله بعدما تلقى نواب وموظفون في البرلمان اللقاح، من خارج جدول الأولويات.
aXA6IDEzLjU5LjEyOS4xNDEg
جزيرة ام اند امز