لبنان.. ملفات اقتصادية عاجلة تنتظر الحكومة الجديدة

الأزمة السياسية الحادة في لبنان تأتي مع انهيار اقتصادي ومالي، تجاوز معها سعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق السوداء 1800 ليرة.

يواجه حسان دياب، رئيس الوزراء اللبناني المكلف بتشكيل حكومة جديدة خلال الأسابيع المقبلة، العديد من الملفات الاقتصادية العاجلة وكذلك الأزمات المعلقة.

• تقرير إيجابي من موديز بشأن تصنيف لبنان الائتماني
  

تركة اقتصادية ثقيلة لا تقل عن التوتر السياسي واستمرار الحراك بالشارع اللبناني يرثها دياب من حكومة رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري، تحمل في طياتها ارتفاع معدلات الفقر وتراجع الخدمات مثل الكهرباء والمياه وارتفاع فاتورة الدين لما يعادل 150% من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن الملفات العاجلة أيضاً أمام رئيس الوزراء المكلف، تحسين التصنيف الائتماني للبنان، الذي انخفض بحسب وكالة فيتش إلى CC، حتى تتمكن الحكومة الجديدة من الحصول على دعم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ووضع خطة إصلاح اقتصادي مناسبة.

ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول مظاهرات غير مسبوقة بدأت على خلفية مطالب معيشية، في حراك بدا عابراً للطوائف والمناطق، ومتمسكاً بمطلب رحيل الطبقة السياسية بلا استثناء، على وقع أزمة اقتصادية ومالية خانقة.

وتترافق الأزمة السياسية الحادة في لبنان مع انهيار اقتصادي ومالي، تجاوز معها سعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق السوداء 1800 ليرة، بعدما كان مثبتاً منذ عقود على 1507 ليرات.

عودة الخدمات لطبيعتها  

يأتي على رأس الملفات البالغة الأهمية أمام حكومة حسان دياب الجديدة، هو إنهاء أزمة تراجع الخدمات المتمثلة في انقطاع التيار الكهربائي والمياه لفترات طويلة، حيث يعاني لبنان من انقطاع مستمر للكهرباء والمياه، وفي بعض المناطق يصل قطع التيار الكهربائي إلى 12 ساعة يومياً، حتى تم تصنيف لبنان رابع أسوأ بلد في العالم من حيث شبكة الكهرباء، بحسب تقرير لشركة "ماكنزي" للاستشارات الإدارية.

وعن توفير الكهرباء يعتمد اللبنانيون على مزودين خاصين للتيار الكهربائي عبر محركات تغطي حياً واحداً على الأقل، للتعويض عن نقص الكهرباء، وعن أزمة المياه فاللبنانيين يدفعون ثمن المياه التي توفرها الدولة، ومياه الشرب التي يبتاعونها من المتاجر وتوفرها شركات خاصة. 

تقليص معدلات الفقر والبطالة

على حكومة المختصين التي يسعى حسان دياب، رئيس الوزراء المكلف إلى تشكيلها، أن توفر فرص عمل جديدة لخفض معدل البطالة البالغ 6.2% بحسب البنك الدولي، وأيضاً دعم أكثر من ربع سكان لبنان ممن تم تصنيفهم تحت خط الفقر، خاصة بعد إضافة 200 ألف شخص منذ بدء النزاع في سوريا المجاورة عام 2011. 

تحسين النمو لمواجهة الدين 

بعدما انخفضت نسبة النمو الاقتصادي في لبنان لأدنى مستوياتها مسجلة 0,2% عام 2018 وفق صندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن تبقى على حالها في عام 2019، على الحكومة الجديدة أن تعمل جاهدة لرفع تلك النسبة لما كانت عليه عام 2010 وهي 8% أو نسبة 10% مثلما كانت عام 2009.

ويبلغ الدين العام في لبنان 86 مليار دولار أي ما يعادل نسبة 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من المعدلات الأكثر ارتفاعاً في العالم.

وتتوقع موازنة عام 2019، التي اعتمدت متأخرة 7 أشهر، أن يبلغ العجز 7,6%.

رفع سعر الصرف

يرتبط سعر صرف الليرة اللبنانية بالدولار الأمريكي منذ عام 1997.

ومنذ مطلع أغسطس/آب، زاد التخوف من تدهور قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وبالتالي المخاوف من ارتفاع معدلات الفقر واتباع سياسة تقشف قاسية، نتيجة قيود مصرفية على سحب الدولار، وارتفاع سعر صرف العملة في السوق السوداء.

ويقدر سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية 1512 ليرة.

جذب التدفقات النقدية والاستثمارات

في أبريل/نيسان 2018، بدأ لبنان بالعمل على اعتماد إصلاحات هيكلية، من بينها خفض العجز، وذلك خلال مؤتمر سيدر الدولي برعاية فرنسية في باريس، مقابل وعود بقروض وهبات دولية بقيمة 11,6 مليار دولار.

لكن وضع المالية العامة تجاوز الـ11% من حجم الاقتصاد في نفس العام، وشهدت التدفقات المالية تراجعاً كبيراً، وسجل ميزان المدفوعات عجزاً يقارب الـ4.8 مليار دولار، والمديونية وصلت لأكثر من 85 مليار دولار.

العمل على تحسين التصنيف الائتماني

بدأ رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري مفاوضات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لبحث سبل المساعدة لوضع خطة إنقاذ للبنان الذي يشهد انهياراً اقتصادياً مرشحاً للتفاقم، وبناء عليه قالت وكالة موديز، الإثنين الماضي، إن هذه الخطوة لها تأثير إيجابي على تصنيفه الائتماني ويقلل خطر اضطراب شديد في الاقتصاد الكلي.

وكانت وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني أعلنت، السبت الماضي، تصنيف لبنان عند (C/CCC) مع نظرة مستقبلية سلبية، موضحة أن مخاطر طول أمد الفراغ السياسي تزيد الغموض بشأن سياسات البلاد.

ومنتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية خفض تصنيف لبنان إلى CC، وتوقعت الوكالة انكماش اقتصاد لبنان في 2019 و2020.