أخيراً تحركت دواليب الأزمة في لبنان، بعدما اتفقت «الرؤوس الحامية» فيه على ملء الفراغ في رئاسة الدولة منذ شغور المنصب إثر انتهاء ولاية ميشال سليمان في مايو / أيار من العام 2014، ولم تنجح الأطراف السياسية فيها في التوافق على انتخاب رئيس جديد، رغم المحاولات
أخيراً تحركت دواليب الأزمة في لبنان، بعدما اتفقت «الرؤوس الحامية» فيه على ملء الفراغ في رئاسة الدولة منذ شغور المنصب إثر انتهاء ولاية ميشال سليمان في مايو / أيار من العام 2014، ولم تنجح الأطراف السياسية فيها في التوافق على انتخاب رئيس جديد، رغم المحاولات العديدة التي جرت لإتمام ذلك.
خلال الأشهر القليلة ظل موضوع الرئاسة اللبنانية محل تجاذب الأطراف الداخلية المحكومة بتوافقات اللاعبين الإقليميين والدوليين، وعقد مجلس النواب عشرات الجلسات لانتخاب رئيس جديد، إلا أن كل ذلك لم يحل دون بقاء الأزمة، لأن التوافق الخارجي لم يتحقق، وعندما حان ذلك جاءت مبادرة رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري الذي أعلن ترشيحه لميشيل عون للرئاسة، لتحريك «العجلة النائمة»، فيما بادر حزب الله إلى إعلان تأييده للخطوة، والتي تواءمت مع دعوته في فترة سابقة لانتخاب عون رئيساً.
ورغم حصول موافقات من مختلف المشارب، إلا أن أطرافاً أبدت معارضة لذلك، حتى من بين كتلة تيار المستقبل نفسها، حيث عارض عدد من أعضاء الكتلة ما ذهب إليه الحريري، إضافة إلى الموقف الملتبس لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كان يعارض صراحة ترشيح عون للرئاسة لدوافع وأسباب عدة.
مع ذلك فإن المؤشرات تبدو متوافقة مع المناخ العام لانتخاب عون رئيساً جديداً للبنان، بعد فراغ استمر لما يزيد على عامين، جرت فيها مياه كثيرة، وصل بعضها إلى حد الاحتراب الداخلي، ولعل أهم وأخطر الملفات التي واجهها لبنان الحرب في سوريا، التي دخل حزب الله طرفاً فيها، فيما عارضه تيار المستقبل، إضافة إلى أزمات سياسية واقتصادية وبيئية عدة كانت كفيلة بتغيير وجه لبنان كثيراً.
في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري سيضع مجلس النواب بمختلف كتله وقواه السياسية نهاية للأزمة القائمة في لبنان، إذ إنه في هذا التاريخ ستتم عملية انتخاب عون رئيساً، وسيتم اختيار الحريري لرئاسة الحكومة، ما يعني أن الأطراف كافة اتفقت على كل التفاصيل قبل جلسة المجلس المقبلة.
جلسة 31 أكتوبر لمجلس النواب ستكون تاريخية للبنان ولجيرانه أيضاً، لكن الأهم هو ألا تؤثر الأزمات الخارجية في الأوضاع الداخلية في بلد لا تنقصه الأزمات، فمن دون شك ستكون هناك تقاطعات في المشاريع السياسية داخل الحكومة، وسيكون الرئيس الجديد موزع الانتماء بين ولائه لحلفائه وبين الالتزام لبقية الأطراف التي منحته ثقتها، وبالتالي سيكون عون ملتزماً بتحقيق توازن يراعي حق اللبنانيين كافة في الوصول إلى توافقات في كل القرارات التي سيتم اتخاذها في المستقبل.
لبنان يخطو الخطوة الأولى نحو استعادة الدولة المفقودة منذ أكثر من عامين، والأهم أن يعيد ترتيب بيته الداخلي ويواجه تداعيات الأزمات التي تلف المنطقة ويعمل على تجاوزها بأقل الخسائر الممكنة.
نقلًا عن صحيفة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة