خبير أمريكي: بوتين أخطأ في فهمه لوضع أوكرانيا
يرى أستاذ السياسة بجامعة جورج ميسون، الولايات المتحدة، مارك ن. كاتز أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخطأ في فهمه لوضع أوكرانيا.
وقال إنه يتعين على بوتين استخلاص الدروس من إدراك الزعيم السوفييتي فلاديمير لينين أن اتباع نهج أكثر تكيفاً مع القومية الأوكرانية يخدم مصالح روسيا بشكل أفضل.
وقال كاتز، في تحليل مطول كتبه لمجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، إنه في خطابه المتلفز الذي دام قرابة الساعة، والذي ألقاه في 21 فبراير/شباط الجاري، هاجم بوتين الحكومة الأوكرانية.
الحكومة الأوكرانية، بحسب بوتين، غير شرعية وغير كفؤ على الإطلاق، وأن الحكومة الأوكرانية أهدرت الموارد التي ورثتها من الاتحاد السوفييتي، وأصبحت أداة في يد الغرب، كما ألقى باللوم على لينين لأنه أنشأ أوكرانيا بلا داعٍ في المقام الأول.
وتابع كاتز، وهو زميل في المجلس الأطلسي: "وفقاً لبوتين، كانت أوكرانيا جزءًا من روسيا لعدة قرون، لكن إنشاء الجمهورية الاشتراكية السوفييتية الأوكرانية وما تلاه من انهيار للاتحاد في عام 1991 أدى إلى الخطأ التاريخي المتمثل في أن أوكرانيا باتت دولة مستقلة، مدعياً أنها لم تكن كذلك أبداً على مدى التاريخ".
ووفقاً للكاتب، فإنه على الرغم من ذلك لم يقدم بوتين شرحاً كاملاً لسبب قيام لينين بإنشاء الجمهوريات العرقية داخل الدولة الثورية الجديدة في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفيتي والتي نشأت من انهيار الإمبراطورية القيصرية، ولكن في الواقع لينين فعل ذلك لمحاولة حل مشكلة لا تزال تواجه روسيا حتى الآن.
وأوضح كاتز أنه على حد تعبير لينين فإن الإمبراطورية القيصرية كانت تمثل "سجن الأمم"، فبينما ركزت بريطانيا وفرنسا ودول أخرى في أوروبا الغربية على بناء إمبراطوريات استعمارية في الخارج، قامت روسيا القيصرية ببناء إمبراطورية استعمارية تتكون من أراض يحتلها الروس ومجموعة واسعة من المجموعات الأخرى بما في ذلك الفنلنديون والإستونيون واللاتفيون والليتوانيون في الشمال الغربي، والمسيحيون الأرثوذكس في جنوب القوقاز، ومجموعة من الدول الإسلامية الناطقة بالتركية مثل التتار في قلب روسيا، والشيشان في شمال القوقاز، والأذريون في جنوب القوقاز، والعديد من المجموعات المختلفة في آسيا الوسطى.
ومضى يقول: "وعلى مدار القرن التاسع عشر برزت القومية بدرجات متفاوتة بين هذه الجماعات، وهو ما حدث بين العديد من الجماعات الأخرى في أوروبا وأماكن أخرى، ونظراً لأنهم كانوا أيضاً سلافيين، ومعظمهم من المسيحيين الأرثوذكس، ويتحدثون لغات مشابهة للروسية (كما يصر البعض على أنها لهجات روسية فعلاً)، فقد رأى الروس أن الأوكرانيين والبيلاروسيين هم روس أيضاً، لكن الكثير من الأوكرانيين اعتبروا أنفسهم أمة منفصلة".
وأشار الكاتب إلى أنه عندما تفككت الإمبراطورية القيصرية في 1917-1918 خلال الحرب العالمية الأولى، ساهمت المعاملة القاسية التي تلقاها غير الروس في ظل الحكم القيصري في زيادة رغبتهم في الاستقلال، وكانت المشكلة التي كان على لينين التعامل معها في ذلك الوقت هي أنه، بينما كان هو نفسه قد وعد غير الروس بالاستقلال عن "سجن الأمم" عندما كان ثورياً يسعى إلى سقوط القيصر، فإنه بمجرد أن بات في السلطة فقد أراد بشدة الحفاظ على بقاء أكبر قدر ممكن من الإمبراطورية القيصرية كما هو، إذ استعاد الجيش الأحمر في البداية السيطرة على الكثير من المناطق غير الروسية التي تمت خسارتها في نهاية الحرب العالمية الأولى، إن لم يكن جميعها.
ولكن لينين أدرك أن القومية يمكن أن تؤدي إلى سعي هذه المناطق للاستقلال في وقت لاحق، وكان الحل الذي رآه مناسباً هو محاولة إحباط ذلك من خلال إنشاء "جمهوريات" قائمة على أساس عرقي يحكمها الشيوعيون، حسب الكاتب.
ومضى يقول: "ولكن مع ذلك فإن بوتين لا يستطيع الهروب من المشكلة التي كان على لينين نفسه التعامل معها حول كيفية مصالحة غير الروس من أجل إخضاعهم للحكم من قبل روسيا، إذ إن فرض الحكم الروسي بالقوة جزئياً على أوكرانيا لن يؤدي إلى مثل هذه المصالحة، لأنه حتى لو لم يتمكن الأوكرانيون من مقاومة هذا الفرض على جزء من أوكرانيا أو كلها الآن، فإن نجاح بوتين في فرض حكم بلاده بالقوة من المرجح أن يؤدي إلى تكثيف مشاعر القومية الأوكرانية ودفعها إلى الاندفاع مرة أخرى كلما سنحت الفرصة".
وفي نهاية التقرير، قال كاتز إن لينين، مثل بوتين، لم يكن ديمقراطياً، كما أنه، مثل بوتين أيضاً، أراد استعادة السيطرة على الأجزاء المفقودة من الإمبراطورية السابقة، ولكن بدلاً من إلقاء اللوم على لينين في ذلك الوقت، فإنه من الأفضل أن يستخلص بوتين الدروس المستفادة من إدراك لينين أن اتباع نهج أكثر تكيفاً مع القومية الأوكرانية يخدم مصالح روسيا على المدى الطويل بشكل أفضل.
تهديدات وسجالات على مدار عدة أيام بدأ الجيش الروسي، في الساعات الأولى من صباح الخميس، عملية عسكرية شاملة ضد أوكرانيا.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن بدء عملية عسكرية في منطقة دونباس الأوكرانية، داعيا الجيش الأوكراني إلى "إلقاء سلاحه".
وشدد بوتين على أن روسيا لن تسمح لأوكرانيا بامتلاك أسلحة نووية، مؤكدا أن العملية المعلنة تستهدف "حماية دونباس".
في المقابل، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فرض الأحكام العرفية على جميع أراضي بلاده تزامنا مع العملية العسكرية الروسية ضد بلاده، مؤكدا تنفيذ موسكو ضربات صاروخية على البنية الأساسية وعلى حرس الحدود.
وعلى الصعيد الدولي، صدرت إدانات وردود فعل غاضبة من الغرب والولايات المتحدة على الخطوة التي اتخذها بوتين وبدء العملية العسكرية.
aXA6IDMuMTI5LjQ1LjE0NCA= جزيرة ام اند امز