نعم هي لغتي.. لغة الأصالة والجمال والبلاغة والبيان الكامل.
إن لغتنا العربية تتمتّع بخصائص عديدة تُميّزها عن غيرها من اللغات، فهي اللغة التي نزل بها القرآن تكريما لها وما تعنيه للفكر الإنساني، حيث يقول الله تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ".
ولغتنا العربية هي وعاء تراثنا العريق والحاملة لمعاني ديننا وحضارتنا، كما لا يحصل البيان الكامل معنى وفكرا وموسيقا لفظية إلا في رياض لغتنا الجميلة، حيث تُعتبر مُفتاح الأصلين العظيمين، القرآن الكريم، والسنة النبوية. لذا فهي ذات أهمية وضرورة كبرى لجموع المسلمين اعتمادا على أنها لغة القرآن، والاعتزاز بها واجب لأن قداستها جزء من قداسة الدين السمح.
وفي 18 ديسمبر من كل عام تقرر الاحتفال باللغة العربية بعدما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في المنظمة الدولية الكبرى، وذلك إلى جوار اللغات "الإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية"، بعد اقتراح تقدمت له كل من المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية.
ومن أجل قيمتها الوجودية وما تمنحنا إياه ينبغي زرع محبة اللغة العربية في نفوس أجيالنا الناشئة، وذلك بالتركيز في مناهجنا على حلاوة مضامينها وجمالياتها وما تعنيه في صلب حياتنا ووجداننا وتكويننا الفكري والمعنوي، فهي اللغة وهي الأم، وواجب علينا أن نحافظ على هويتنا من خلالها والتصدي لكل التحديات التي تواجهها عبر الاهتمام بالدراسات العميقة في فروعها وتعزيز وجودها في حياتنا وتعاملاتنا، وفي هذا الشأن يأتي دور التعليم وكل ما يرتبط به، فمُعظم مجالات البحث العلميّ والأكاديمي لا تستخدم العربية، ممّا أدّى إلى عرقلة تطوّرها وإدماجها في الحياة الأكاديمية بشكل جيّد، كذلك تأثير اللّغات الغربيّة على اللّسان العربيّ، خصوصاً مع تنوع اللّهجات بين العرب، ولجوء كثيرين لاستبدال العديد من الكلمات الغربية بألفاظ عربيّة، فضلا عن ابتعاد لغة التكنولوجيا الحديثة عن مقومات العربية، إذ اعتمدت التكنولوجيا في بناء تطبيقاتها وبرامجها التي تحكمت في حركة الاتصالات العالمية على اللّغة الإنجليزيّة بشكل أساسي، ما أدى إلى تراجع لغتنا الأصيلة في التداول عالميا كما تراجعها بين أهلها إلا من محاولات لا تزال تحتاج إلى كثير من الدعم تقوم عليه قياداتنا المهتمة بهويتها العربية.
ورغم أنه يمكن استخدام الحروف العربيّة في الكتابة الرقميّة المتعلقة بعلوم الكمبيوتر، فإن الاعتماد الكلي في بناء الفضاء الرقميّ الإلكترونيّ على شبكة الإنترنت قائم على لغات أخرى في مقدمتها الإنجليزية بالطبع.
هنا وجب علينا أن نحافظ على لغتنا، التي هي أساس هويتنا ووجودنا، في نفوس الجميع، خاصة أطفالنا، وتوظيفها في كلّ مناحي الحياة قدر الإمكان، خاصة في التعامل داخل مؤسساتنا، وفيما بينها، وتشجيع الطلاب على استعمالها في جميع المراحل التعليميّة وتطوير طرق تدريس اللغة من خلال تبسيط قواعدها وتحديث مناهجها بما يتناسب مع عصرنا، ودفع الطلاب على إجراء البحوث بها.
إننا لا نغفل عن دور قيادتنا في دعم اللغة العربية والحرص على رفعتها، فهناك جهود مبذولة للحفاظ عليها بلا شك، إذ إنها تمثل الرافد الأكبر والأهم للهوية العربية.. فدُمتِ يا لغة الجمال باقية وخالدة خلود أمتنا!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة