بسقوط الإخوان في 30 يونيو 2013 بإرادة شعبية سقطت معهم الآمال التركية، حينها جن جنون أردوغان وأصر على تسمية ما حدث “انقلاباً عسكرياً”
كانت سياسة تركيا قبل "الثورات العربية" تصب في اتجاه تعزيز التعاون مع الجوار العربي، وفي تلك السياسات كانت أنقرة راضية بموقع اللاعب الشريك إقليمياً مع السعي لتعزيز موقعها في الخارطة، لكنها لم تجرؤ على التعامل بسياسة الاعتداء على أرض الغير، وكل ذلك لم يكن لحسن سلوكها ونواياها ولكن كانت لا تملك جرأة إظهار النوايا التوسعية والأطماع التركية.
مع تصدر الإخوان لأغلب المشاهد السياسية في المنطقة بعد قيام ما يسمى "الربيع العربي" وبسبب تأثيرات الدعم والرهان من أطراف عدة المعروفة لدى الجميع، ارتأت تركيا أن أفضل فرصة لتكون لاعبا إقليميا أساسيا هي بوابة مصر، من خلال الإخوان الذين ركبوا ثورة يناير 2011 ومن تابع حينها المشهد أثبت لنا بما لا يدع مجالاً للشك حجم خيانة وعداء الإخوان للدولة المصرية وكيف عملوا على تعزيز الأطماع التركية والتسويق لها بصبغة إسلامية مُضللة وتهديد تركيا لمصالح مصر وثوابت أمنها القومي.
مخطط أردوغان في ليبيا سيبوء بالفشل في النهاية لأن هناك قوى إقليمية مؤثرة لن تقبل نجاح مخططاته التوسعية حتى وإن وجد دعما من قوة محددة.
بسقوط الإخوان في 30 يونيو 2013 بإرادة شعبية، سقطت معهم الآمال التركية، حينها جن جنون أردوغان وأصر على تسمية ما حدث “انقلاباً عسكرياً”، ورفض الاعتراف بنتائج التغيير، حتى عجزت تركيا فباتت في موقع المتفرج والعاجز عن تغيير المشهد، ولم تعد تستطيع العودة إلى جحر السلام الوهمي فنواياها كشفت، لذلك استمرت في البحث عن بوابة أخرى تعود بها إلى المشهد لتجد غايتها في ليبيا من خلال الإخوان الخائنين لأوطانهم دائماً وممثلتهم حكومة الوفاق.
ماذا يريد أردوغان من ليبيا؟
بداية كانت براغماتية الموقف التركي قائمة على واقعية السياسة الخارجية التركية، التي تسعى إلى موازنة المكاسب والخسائر المحتملة المؤثرة على مصالحها الوطنية التي لم نر لها نجاحا يذكر، ولكن عندما لاحت لها فرصة وضع موطئ قدم لها في ليبيا استغلت الظروف ولم تردد، فلبيبا بالنسبة لها تعويض حقيقي عن خسارة مصر كموقع استراتيجي، ولما تمثله ليبيا من ثروة نفطية حقيقية، وخاصة أنها تمثل الاحتياط العالمي الخامس للنفط بمعدل 74 مليار برميل وحكومة السراج منحت العثماني الغازي غطاءً مفتوحا لتحقيق ذلك.
ما مصير ذلك؟
أعتقد أن مخطط أردوغان في ليبيا سيبوء بالفشل في النهاية لأن هناك قوى إقليمية مؤثرة لن تقبل نجاح مخططاته التوسعية حتى وإن وجد دعما من قوة محددة، وستقف مصر تحديدا أمام أي محاولة لأردوغان لتحقيق أهدافه التي من أهمها تهديد الأمن القومي المصري. ولكن من المهم جداً عدم السماح له بكسب معطيات أكثر وأدوات أقوى تجعل منه لاعبا صعبا في الساحة، لذلك يجب اتخاذ قرار استراتيجي سريع للتعامل مع التحرك التركي فاتخاذ قرار صحيح ٦٠٪ في الوقت الصحيح أفضل من اتخاذ قرار صحيح ١٠٠٪ في الوقت الخطأ، لغة الحوار لا يفهمها مثل أردوغان ولا يعي أهميتها لذلك يجب أن لا نتردد في التعامل معه بما يتناسب وسلوكه الاستعماري.
واخيراً يجب أن يدرك أردوغان أن ليبيا ليست فقط احتياطيا عالميا للنفط أو ساحة لتهديد دول الجوار، وعليه أن يستوعب أنها ليست نفس البلد الخاضع لاستعمار عثماني سابق، الشعب الليبي له تاريخ من النضال المشرف لن يسمحوا له ولخيانة حكومة الوفاق أن تسيطر على قراراتهم ومواردهم ومستقبل دولتهم لذلك عليه أن يرى الصورة الكاملة لحماقته.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة