ليبيا بعد 9 سنوات.. جدال لم ينته "ثورة أم فوضى؟"
من مدينة بنغازي التي قاد منها معمر القذافي خطواته الأولى نحو الحكم عام 1969 انطلقت شرارة الاحتجاجات ضده يوم 17 فبراير 2011.
من مدينة بنغازي التي قاد منها معمر القذافي خطواته الأولي نحو الحكم عام 1969 انطلقت شرارة الاحتجاجات ضده يوم 17 فبراير /شباط 2011، لتنتقل العدوى إلى باقي المدن الليبية، لينتهي الأمر بغياب رأس النظام في 20 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
تمر اليوم الذكرى التاسعة على أحداث فبراير/ شباط 2011.. 9 أعوام مرت على حدث فرض نفسه في تاريخ ليبيا، سواء رحب به الليبيون او أنكروه.
أحداث يراها متابعون أنها أزاحت ديكتاتوراً ويراها آخرون أنها أدت لانزلاق البلاد إلى الفوضى وآلاف القتلى والجرحى وخسائر اقتصادية جمة وانقسامات سياسية.
بدأت ثورة وانتهت بسيطرة الإخوان
المختار الجدال الباحث السياسي الليبي يقول لـ "العين الإخبارية": "في البداية كانت أحداث فبراير ثورة شعبية بمعنى الكلمة.. شباب خرجوا إلى الشوارع بعد استيائهم من الوضع القائم".
وتابع الجدال أن الخلاف بين المتظاهرين في نهاية عام 2011 "عندما ظهر القيادي الإخواني على الصلابي على شاشات التليفزيون وتحدث عن العلمانية والليبيرالية، وأن العلمانيين غير متدينين.. فكان هذا بداية الخلاف بين الثوار وبعضهم البعض".
وأشار الجدال، الذي كان عضواً في المجلس الوطني الانتقالي، الذي تولى مقاليد الحكم في ليبيا بعد القضاء على القذافي، إلى أن الإخوان عملوا على التغلغل في مفاصل الدولة.
وأوضح الباحث السياسي أنه أثناء فترة المجلس الانتقالي بدأوا التغلغل في الإدارة الوسطى في البريد والاتصالات والخارجية، ثم سيطروا على مفاصل الدولة في مصرف ليبيا المركزي ومؤسسة النفط وشركة الاستثمار؛ حيث شكلوا لجاناً أغلبها من أعضاء التنظيم.
وأضاف أن الأمر قد وصل بهم إلى التغلغل في إدارات المدارس والجامعات، موضحاً "تغلغلوا بشكل ملحوظ رغم أن عددهم آنذاك لم يزيد على 500 شخص".
وأوضح الجدال أن جماعة الإخوان عملت على استخدام أسلوب الاغتيالات لتصفية خصومها، مذكراً بعمليات الإخوان التي كانت تتم في بنغازي بتصفية الوطنيين وقيادات الشرطة وقيادات الجيش.
وامام ذلك، أشار الجدال إلى غضب الليبيين من عمليات التصفية ليتجهوا إلى خليفة حفتر (القائد العام للجيش الوطني الليبي حالياً) أمام بيته، وطالبته بقيادة الجيش، قائلاً: "وهو ما حدث.. فبذور الجيش التي تكونت بـ160 شخصاً أصبحت 90 ألف شخص الآن".
واختتم الجدال بالقول: "الجيش الوطني الآن على تخوم العاصمة طرابلس بعد تحريره بنغازي والهلال النفطي والجنوب من المليشيات والجامعات المتطرفة".
انتشار السلاح والمليشيات.. المسار العكسي للثورة
من جانبه، يرى سعد موسى الشترة ناشط سياسي ليبي أن أحداث فبراير 2011 أدت بشكل ملحوظ إلى انتشار السلاح والمليشيات في كثير من المدن الليبية.
وتابع الشترة، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تلك المليشيات التي تسيطر على مقاليد الدولة لم تكن موجودة قبل الثورة أو أثنائها وإنما تكونت عندما حصل قادة تلك المليشيات على الدعم من دول مثل قطر وتركيا.
وقال: "ما يحدث في ليبيا منذ أحداث فبراير حتى الآن تديره أجندة خارجية.. دول دعمت المليشيات ووفرت لها السلاح.. ولولا انتشار السلاح لم تكن ليبيا وصلت لما هي عليه الآن".
قطر وتركيا.. أيادي الشر في ليبيا
حصاد 9 سنوات في ليبيا له زوايا أخرى، ويقول الباحث الليبي سالم الشريف إن قطر تدخلت بقوة في أحداث 17 فبراير، وهي أول من اعترف بالمجلس الانتقالي؛ حيث مكنت الإخوان والقاعدة بقيادة عبدالحكيم بلحاج وعلي الصلابي، وأرسلت قائد قواتها الخاصة حمد بن فطيس المري لدعم هذه الجماعات والقتال ضد القذافي.
وتابع الشريف، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن قطر تحاول السيطرة على الغاز، موضحاً أن الدوحة هي ثاني منتج للغاز بعد روسيا، وأنها سيطرت على المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، وسيطرت على التسويق في النفط في تلك المؤسسة عبر شركة سويسرية تمتلك قطر ثاني أكبر أسهمها.
وأشار إلى أن قطر دعمت الجماعات المتطرفة بالسلاح مقابل السيطرة على الغاز، مؤكداً أن الدوحة حاولت أن تفصل مؤسسة النفط عن مؤسسة الغاز، عبر شراء الذمم لدعم الإخوان بالسيطرة على المؤسسة المتحكمة بتصدير النفط الليبي إلى الخارج.
ولفت الشريف إلى أن تركيا هي الراعي الرسمي للإخوان، ومن المهم لها مسألة الغاز لكونها دولة صناعية تريد النفط بأرخص سعر، فضلاً عن محاولة إقامة قاعدة في ليبيا، إلى جوار قواعدها في أفريقيا.
واختتم: "الدور التركي أضر ليبيا واستنزف ثرواتها.. أنقرة هي مصدر تهديد للأمن بالنسبة للوطن العربي كله وليبيا خاصة لمحاولة إعادة الأمجاد العثمانية".
وبعد 9 سنوات مرت على ليبيا منذ احتجاجات 17 فبراير/شباط لا يزال الجدال مستمراً حول هل كانت ثورة أم فوضى قادت البلاد لانزلاقات لم تخرج منها حتى اليوم؟
aXA6IDE4LjIxOC4xOTAuMTE4IA==
جزيرة ام اند امز