أصبحت تركيا تهدد أمن واستقرار ليبيا من خلال تهريب السلاح إلى المدن الليبية.
بعد انهيار النظام الليبي واغتيال القذافي، تدهورت الأوضاع في سائر البلاد سياسياً وأمنياً في 2014 نتيجة لعدم قدرة الحكومة فرض سيطرتها على موارد الدولة ومؤسساتها، حيث اتسمت الحكومة آنذاك بالشرعية الانتقالية لحين التأسيس لدستور جديد وسلطات دستورية تستند إلى سيادة الدولة ومبادئ القانون.
الجيش الوطني بقيادة المشير حفتر وإلى جانبه القوى الشعبية التي يمكن الاعتماد عليها بما في ذلك زعماء القبائل قادرة معاً على دحر التنظيمات الإرهابية. فزعماء القبائل الذين وقفوا إلى جانب الجيش الليبي لمدة شهور تحت قصف حلف الناتو وصمدوا يمثلون ثقلاً قبلياً ويمتلكون جانباً مهماً في حل الأزمة الليبية
وحينها عانت ليبيا صراعات مريرة على الشرعية والسلطة التي تركزت ما بين حكومة الوفاق في طرابلس وخليفة حفتر المدعوم من مجلس النواب بمدينة طبرق شرق، الأمر الذي أدى إلى مطالبة بعض النخب السياسية المساندة لقائد الجيش المشير حفتر اللجوء إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة بهدف تفادي الفوضى والتدخلات الخارجية، في الوقت الذي تواجه القوات المسلحة الليبية الفصائل الإرهابية وتنتقد علناً دور قطر وتركيا لأنهما تدعمان العديد من الجماعات المتطرفة بالمال والأسلحة.
وبالنسبة للفصائل المدعومة تركيًّا فهي تعمل على تهريب الوقود والسلاح والاتجار بالبشر. أصبحت تركيا تهدد أمن واستقرار ليبيا من خلال تهريب السلاح إلى المدن الليبية، وانحازت بشكل خاص لبعض قيادات جماعة الإخوان الليبية ووفرت لهم الدعم اللازم ليستعدوا لأول استحقاق انتخابي بعد إسقاط النظام، ليسيطر عدد منهم -الذين ترشحوا للانتخابات ككيانات وأفراد- على المؤتمر الوطني الذي تمت انتخاباته سنة 2012.
التدخل الدولي في إطاحة حكم معمر القذافي لم يكن تدخلاً مجانياً، بل كانت تقف خلفه مصالح دولية اقتصادية وسياسية، فالفرنسيون والإيطاليون سعوا للعب دور في ليبيا من أجل حجز مقعد لهم في المشاريع، وركزت التوترات الجديدة بين روما وباريس على ليبيا، واتهم نائب رئيس المجلس الإيطالي ماتيو سالفيني فرنسا بـعدم الاهتمام باستقرار ليبيا لمصالح نفطية مخالفة لمصالح إيطاليا.
ويرتبط الخلاف الحقيقي بين فرنسا وإيطاليا بتدفقات الهجرة، ويمتد إلى مستوى الأزمة الليبية لأن الفرنسيين والإيطاليين يختلفون في موقفهم بشأن مستقبل ليبيا السياسي، فالإيطاليون يدعمون حكومة الوفاق في طرابلس، في حين أن الفرنسيين يرغبون في إشراك خليفة حفتر في المناقشات وهو الرجل القوي في شرق ليبيا. كما لعبت فرنسا دوراً محورياً بفرضها الهيمنة على النفط الليبي ودعم قاعدة -مدامة- في النيجر على الحدود الليبية مما جعل من الجنوب الليبي مجالاً حيوياً لطائرات الرافال الفرنسية مع انتشار قوات فرنسية في حقل الشرارة.
إن الولايات المتحدة هي الأكثر تضرراً مما يحدث في ليبيا بعد مقتل سفيرها على أيدي جماعة أنصار الشريعة، وخطورة الأوضاع حول حقول النفط التي انخفض إنتاجها عن سابق عهدها، فكانت تنتج 1,5 مليون برميل يومياً وهو الرقم الذي تقلص ليصبح 210 آلاف برميل يومياً.
كل ذلك دفع الإدارة الأمريكية التي كانت متوجسة من فكرة التدخل العسكري إلى دعم المشير حفتر ومساعدته بشكل ميداني وبشرعية البرلمان الليبي الذي أعطى موافقته للمشير حفتر لمواجهة المجموعات الإرهابية في طرابلس العاصمة.
والجيش الوطني وضع كل استعداداته للبدء بالمرحلة الثانية من عملية طوفان الكرامة التي تهدف إلى دمج ومشاركة كتائب من المنطقة الغربية في العمليات وحسم معركة تحرير طرابلس سريعاً. كما أن غرفة عمليات سرت الكبرى التابعة للجيش هدفها تحقيق السيادة الوطنية والقضاء على الإرهابيين فيها، ومدينة سرت هي إحدى أهم المدن بالنسبة للجيش الوطني في معركة الكرامة ضد الإرهاب، والبوابة الرئيسية للتحرك العسكري باتجاه مدينة مصراتة التي يتمركز فيها متطرفو جماعة الإخوان المسلحة، وهي المعقل السابق لتنظيم داعش.
توضح الدلائل أن الجيش الوطني بقيادة المشير حفتر وإلى جانبه القوى الشعبية التي يمكن الاعتماد عليها بما في ذلك زعماء القبائل قادرة معاً على دحر التنظيمات الإرهابية؛ فزعماء القبائل الذين وقفوا إلى جانب الجيش الليبي لمدة شهور تحت قصف حلف الناتو وصمدوا يمثلون ثقلاً قبليًّا ويمتلكون جانباً مهماً في حل الأزمة الليبية للمرحلة الحالية والمستقبل مع الجيش الوطني الذي يواجه هذه التنظيمات التكفيرية التي بدورها أغرقت البلاد بالدماء والدمار، وأدت إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار وستكون نهاية هذه المجموعات الإرهابية إلى فشل واندحار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة