لا مكان لإخوان البنا وقطب في ليبيا، حقيقة يحاول التنظيم القفز عليها، بل حتى نكرانها وتكذيبها.
لا مكان لإخوان البنا وقطب في ليبيا، حقيقة يحاول التنظيم القفز عليها، بل حتى نكرانها وتكذيبها، رغم أن التنظيم لا يملك أرضية أو بيئة حاضنة له في ليبيا، ورغم محاولات التضليل المستمرة، التي تمارسها الجماعة باستغلال المناخ الوسطي في ليبيا وتشبيه الوسطية بأنها تابعة للجماعة التي تزعم الوسطية، رغم أنها من أفرخ «القاعدة» و«داعش» وإخوتهما، فعدد أفراد الجماعة في ليبيا لا يتجاوز بضع مئات، وهذا مثبت في أهم اجتماع عقدته الجماعة لتنصيب مراقبها العام، وكذلك حتى في تنصيب رئيس حزب «العدالة والبناء» الواجهة السياسية للتنظيم، حيث لم يحضر الاجتماع سوى ثلاثمائة شخص ونيف، فالتنظيم ليس مترسخاً أيديولوجيا بين الليبيين، ولكنه حاول فرض نفسه بقوة السلاح، من خلال مليشيات الدروع، التي سارع إلى تشكيلها تحت اسم كتائب «الثوار» بدعم قطري، إثر سقوط الدولة الليبية، بضربات حلف الناتو في 2011.
بمراجعة الخريطة السياسية والمجتمعية في ليبيا، نستطيع القول راسخين إنه لا مكان مجدداً لجماعة الإخوان المسلمين، ولا لإعادة تدويرها وتوطينها بعد خسارتها المذلة لانتخابات البرلمان في 2014. فتنظيم الإخوان لن يعود لحكم ليبيا، حتى لو ولج الجمل في سم الخياط.
المجتمع الليبي لا يقبل التطرف في عمومه، وإن تسللت إليه بعض الجماعات الضالة، ولكن ليبيا لن تكون مأوى لمثل هذه الجماعة أبداً، ولا منفى لبقايا أتباع البنا وقطب، ممن يسمون أنفسهم الإخوان المسلمين.
لقد اتضح أمرهم بلسان قادتهم، فهذا المراقب العام بشير الكبتي يقول في حديث موثق ومتلفز: «نسعى لأسلمة هذا المجتمع الليبي»، ما يؤكد حالة التوهان الفكري عند هؤلاء، فكيف يسعى لأسلمة المجتمع الليبي، والليبيون مسلمون مائة في المائة قبل أن يولد التنظيم ومرشده ومراقبه في ليبيا، ما يؤكد حقيقة نظرتهم التكفيرية للمسلمين، كما ظهرت في كتب كبيرهم سيد قطب.
لعل تسلل تنظيم الإخوان إلى ليبيا، كان بعد أن نكث العهد، مجموعة من المطاريد والفارين من ملاحقات جنائية في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، المتهمين بعمليات إرهابية، وبعضهم بسبب الانتماء إلى التنظيم، والذين لجأوا إلى ليبيا في عهد الملك إدريس السنوسي، الذي منحهم اللجوء الإنساني، واشترط عليهم التوقف عن العمل السياسي والدعوة إلى جماعتهم، وطلب منهم عدم استخدام الأراضي الليبية منطلقاً لأي أعمال ضد أي كان في الداخل أو الخارج، ولو كانت مصر عبدالناصر التي لم تكن حكومة الملك إدريس على وفاق معها، لأسباب سياسية؛ منها وجود القواعد الأمريكية والبريطانية في ليبيا، وقد يكون هذا سبب لجوء أفراد الجماعة إلى ليبيا، ولكن كعادة الجماعة نكثوا العهد، فبدأت الجماعة في ممارسة الدعوة السرية بين الشباب الليبي، فتمكنت من تضليل نفر قليل جداً، ولكنَّ الجماعة اعتبرت هذا خطوة، وموضع قدم ومسماراً بدأ غرزه في الجسد الليبي، لتوجعه به متى أرادت.
التنظيم منذ سقوط الدولة الليبية فيما سمي بالربيع العربي، وهو يحاول أن يمتطي أي تيار سياسي في ليبيا بل وفرض أجندته بالخداع، منذ انتخابات المؤتمر الوطني (أول برلمان منتخب 2012)، حيث تسلل من خلال شخصيات دفع بها تحت شعار مستقلين يحملون شعارات مدنية مستقلة، سرعان ما اختفت وانقلبت عليها، ولعل من أبرزهم من دخل بصفة مستقل، وعند فوزه في الانتخابات تبدل جلده وأصبح رئيس كتلة الإخوان في المؤتمر الوطني (برلمان 2012)، ما يؤكد حالة التضليل التي كانت تستخدمها الجماعة والتنظيم في كسب الأصوات، بعد أن كان في البدء اخترق القانون الانتخابي لصالح مشروعه، وحيث إن التنظيم كان يستفيد من خبرة الجماعة الأم في مصر، بل كان هناك وجود لقيادات الجماعة في ليبيا لتقديم الخبرة والمشورة، في ظل تشتت التيار المدني وقلة خبرته، وعدم وجود من يقدم له المشورة السياسية، تمكن الإخوان من دخول البرلمان في 2012 وتنصيب حكومة إخوانية، وذلك لانخداع الناس بالتيار الإخواني الذي كان يرفع شعار المظلومية ولعب دور ضحية الديكتاتوريات العربية، التي سقطت في «الربيع العربي»، الأمر الذي سرعان ما انكشف زيفه، بل اتضح أنه كان حليفاً وشريكاً للديكتاتوريات والسلطات الحاكمة.
ولكن بمراجعة الخريطة السياسية والمجتمعية في ليبيا، نستطيع القول راسخين إنه لا مكان مجدداً لجماعة الإخوان المسلمين، ولا لإعادة تدويرها وتوطينها بعد خسارتها المذلة لانتخابات البرلمان في 2014. فتنظيم الإخوان لن يعود لحكم ليبيا، حتى لو ولج الجمل في سم الخياط.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة