أول محكمة دستورية في تاريخ ليبيا.. خطوة لإنهاء الانقسام أم ترسيخه؟
وسط تجاذبات سياسية خطرة، وخلافات حول تأسيسها، بدأت المحكمة الدستورية العليا في ليبيا، ممارسة أعمالها.
وتلك هي المحكمة الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، وافتتح مقرها في بنغازي يوم الخميس الماضي، وأدّى عددٌ من مستشاريها أمس اليمين القانونية بمقر مجلس النواب.
وفي كلمته خلال الافتتاح، وصف المستشار محمد الحضيري، وهو أقدم أعضاء المحكمة، افتتاحها بـ "الإنجاز التاريخي الأوّل مِن نوعه في ليبيا"، لافتا إلى أن "المحكمة ستتولى مراقبة دستورية القوانين"، وتعهد بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع.
وأقرّ مجلس النواب، القانون الخاص بالمحكمة الدستورية في 6 ديسمبر/كانون الأول 2022؛ وصوّت بالإجماع على اختيار الرئيس والأعضاء، في 26 يونيو/حزيران 2023.
وأثار قرار إنشاء المحكمة جدلا، إذ عارض المجلس الأعلى للدولة هذا التشريع، إلا أن مجلس النواب أكّد مرارا اختصاصه وحده بإصدار القوانين، وأنه لا تعارُض بين إنشاء المحكمة الدستورية، والدائرة الدستورية في المحكمة العليا المعطّلة منذ سنوات.
وتسبّب الانقسام بين المؤسسات الرسمية في ليبيا منذ عام 2014، ووجود حكومتين، واحدة في الشرق والأخرى في الغرب، في حدوث نزاعات بشأن الاختصاصات والصلاحيات؛ ما نجم عنه تعطّل العمل في بعض الجهات، ومنها جهات قضائية، وفشل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ومؤخّرا عرقلة نشاط المصرف المركزي.
اختصاصات دقيقة
ووصف المحلل السياسي الليبي، سالم سويرب، خطوة إنشاء المحكمة الدستورية بأنها "ممتازة"، وذلك "لتخليص ليبيا من الأزمة الدستورية".
وقال سويرب، في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، إن ليبيا "تحتاج إلى هذه المحكمة، خاصةً مع الفوضى القانونية والدستورية والخروج عن القانون والانقسام السياسي الحالي"، متوقّعا أن تُنهي المحكمة العديد من الخصومات.
وأوضح أن المحكمة "ستتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين، إذا رأت إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، أثناء نظر إحدى الدعاوى، عدم دستورية نصّ في قانون لازم للفصل في نزاع".
وأضاف أن المحكمة ستقوم بالنظر في الدعاوى التي يرفعها أحد الخصوم بشأن عدم دستورية نص في قانون مرتبط بدعوى مقامة أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي؛ وهذا أمر جيد في مبدأ الفصل بين السلطات ورفع شعار العدالة فوق الجميع.
تحدّيات أمام المحكمة
من جهته، اعتبر الدكتور يوسف الفارسي، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة ورئيس حزب "ليبيا الكرامة"، أن الخلاف حول المحكمة "سببه تعنّت بعض الجهات وقرار وقف الدائرة الدستورية في المحكمة العليا".
وقال الفارسي، في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، إن "الإشكالية في الفترة المقبلة ستكون في تطبيق قرارات المحكمة الدستورية في ظل الانقسام السياسي الحالي"، مشددا في الوقت نفسه على أن حل هذا الأمر "يكمن في حل الأزمة السياسية للبلاد، وليس التراجع عن خطوة قانونية".
وأضاف أنه: "بغضّ النظر عن هذه الإشكاليات الجانبية، فإنّ قرار إنشاء المحكمة هو أمر غاية في الأهمية، وهو قرار تأخّر كثيرا، فكيف لدولةٍ مثل ليبيا ألّا تكون فيها محكمة دستورية، وتكتفي فقط بدائرة في المحكمة العليا تُلغى في أي وقتٍ بقرار داخلي؟".
aXA6IDE4LjIyNC43My4xNTcg جزيرة ام اند امز