فساد المليشيات الليبية تحت مقصلة القضاء.. أحكام رادعة
عادت قضايا فساد المليشيات في ليبيا إلى الواجهة، بعد الإعلان عن وقائع جديدة في هذه القضايا.
وكشف بيان صادر عن مكتب النائب العام الليبي، الأربعاء، عن تهم فساد طالت 3 سفراء سابقين، و3 مسؤولين عن الشؤون الصحية، وملحقيْن ثقافييْن سابقين في بعثة ليبيا الدبلوماسية لدى أوكرانيا.
وأوضح البيان أن سلطة الاتهام قدمت المسؤولين للمحاكمة أمام محكمة جنايات طرابلس التي أدانتهم وقضت بسجنهم لمدة 8 سنوات، وتغريمهم 13 ألف دينار، وحرمانهم من حقوقهم المدنية طوال مدة العقوبة، وسنة إضافية بعدها.
- اغتيال «البيدجا» والإطاحة بـ«الفار».. تقليم أظافر لـ«تجميل» وجه طرابلس؟
- مشاورات جديدة لحل أزمة مصرف ليبيا المركزي.. هل تنجح بعثة الأمم المتحدة؟
ويرى مراقبون أن البيانات المتتابعة حول تهم الفساد تكشف دور المليشيات المسلحة في عدة مدن بغرب ليبيا في تفشي الفساد ونهب المال العام في مفاصل مؤسسات الدولة.
كشف أسرار المليشيات
وقال المحامي الليبي حامد الفارسي، لـ"العين الإخبارية" إن التحقيقات في قضايا الفساد تكشف عن جرائم لدى بعض الكيانات المسلحة التي تحتفظ بالكثير من أسرار الفساد.
وشدد على أن هذه الأسرار لا تُكشف إلا في الوقت المناسب، مشيرًا إلى أن معظم المسؤولين الذين تم توجيه التهم لهم هم سابقون.
وربط الفارسي بين الكشف عن ملفات الفساد وعمليات تصفية العديد من المليشيات وقياداتها، سواء بالقتل أو تحييد قوتهم أو سجنهم.
وأشار إلى مقتل عبد الرحمن ميلاد المعروف بـ"البيدجا"، قائد مليشيات غرب ليبيا، والقبض على محمد بحرون الملقب بـ"الفار"، مما سمح بكشف الكثير من أسرار المليشيات، إما لتصفية حسابات أو لأن الحماية السابقة لهؤلاء المسؤولين لم تعد قائمة.البيدجا إلى الواجهة
بدوره، اعتبر المحامي أحميدة الورفلي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن بيانات النائب العام تكشف عن حجم الفساد المستشري في مفاصل الدولة الليبية وملفاتها الدقيقة.
وأرجع تفشي الفساد إلى غياب المحاسبة، وانتشار ظاهرة الإفلات من العقاب، خاصة أن العديد من مرتكبي هذه الجرائم كانت تجمعهم علاقات وثيقة بالمليشيات والقوى العسكرية النافذة التي وفرت لهم الحماية من المحاسبة.
واغتيل "البيدجا" أوائل الشهر الجاري برصاص أُطلق على سيارته، في حادث دفع صديقه محمد بحرون المعروف بـ"الفار"، قائد فرقة الإسناد الأولى التابعة لمديرية أمن الزاوية، إلى تسليم نفسه للنائب العام بعد ثبوت تورطه.
وكان "البيدجا" يقود مليشيات باسمه في غرب ليبيا، وهو مُدرج على قوائم المطلوبين والعقوبات لدى كل من المحكمة الجنائية الدولية والاتحاد الأوروبي؛ لقيادته مليشيات الاتجار في البشر والتعامل مع المافيات الدولية عموما ومافيات أوروبا بالخصوص، واتخاذه من نشر الفوضى وسيلة لاستمرار جرائمه وما يجمعه وراءها من نفوذ وأموال.
الهجرة غير الشرعية
وأعلنت سلطات التحقيق، السبت الماضي، عن حبس 9 أشخاص على ذمة التحقيق، بينهم 7 ليبيين وفلسطينيان، بتهمة تشكيل عصابة لأنشطة الهجرة غير الشرعية.
وتبين للمحققين أنهم تعاملوا مع وسيط مشمول بعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية لتسهيل إرسال المهاجرين غير الشرعيين خارج البلاد.
كما قضت سلطات التحقيق بحبس متهميْن بالاستيلاء على 3.3 مليون دينار من حساب شركة تجارية لدى مصرف الأمان للتجارة والاستثمار، بعد التآمر مع موظفة في المصرف لتمكينهم من الاطلاع على بيانات حسابات الزبائن وإجراء سحوبات نقدية منها.
كذلك أمرت النيابة أيضًا بحبس مدير سابق لمستشفى علي عمر عسكر في طرابلس، ومسؤولين عن الشؤون الإدارية والعلاقات في المستشفى، بعد ورود وثائق رسمية تفيد بتسلم المستشفى معدات ومستلزمات طبية على خلاف الحقيقة وصرف مبالغ مالية مخالفة لقواعد صرف المال العام، مما أدى إلى خسائر بلغت مليوني دينار، إضافة إلى أن تكاليف خدمات الإعاشة المتعاقد عليها لا تتناسب مع جودة الخدمة المقدمة للمرضى.
كما أمرت بحبس مدير سابق لمستشفى المُطْرُد العام في غرب ليبيا، ومسؤول الشؤون المالية فيه، بعد اكتشاف تسببهما في إلحاق ضرر مالي بلغ 634 ألف دينار، نتيجة صرفهما مبالغ عن عقود خدمات لم تُنفذ.