قرار «رئاسي ليبي» لقتلى الجيش يثير خلاف الشرق والغرب.. هل يعقد الأزمة؟
قرار أصدره محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي أثار جدلا، وموجة احتجاجات بالعاصمة طرابلس، ودفع أزمة البلاد نحو مزيد من التعقيد.
ونص القرار الذي أصدره المنفي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، على ضم قتلى وجرحى قوات الجيش الليبي إلى «الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين» بحكومة الوحدة الوطنية، وصرف المزايا المادية والمعنوية المقررة لهم.
- فرقاء ليبيا على طاولة الجامعة العربية.. هل تقود النقاط السبع لانفراجة؟
- قوة عسكرية مشتركة لحماية حدود ليبيا.. خطوة نحو توحيد الجيش؟
وقوبل القرار برفض واسع من داخل طرابلس، حيث عارض مجلس حكماء وأعيان طرابلس الكبرى، في بيان لهم مساواة المجلس الرئاسي للجيش الوطني بالشرق بأبناء الغرب.
بل لم يكتف قيادات المنطقة الغربية بالبيانات، فاقتحم متظاهرون، الأحد، مقر المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس، احتجاجا على قرار ضم «قتلى وجرحى» القوات المسلحة بالمنطقتين الشرقية والجنوبية إلى الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين، مطالبين بإلغاء القرار.
وتسبب القرار في مزيد من الانقسام داخل المجلس بمطالبة نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي في خطاب وجهه إلى المنفي، بضرورة سحب القرار حتى تتم مناقشته وبحث الإجراءات الواجب مراعاتها والتقيد بها، ليدفع بالأزمة في البلاد لمزيد من التعقيدات وإبعاد أي قرب انفراجة في المشهد الليبي وربما أزمة داخل طرابلس.
الإسلام السياسي السبب
ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي الليبي يوسف الفارسي، إن "الرفض من المنطقة الغربية لقرار المجلس الرئاسي بخصوص قتلى الجيش كان متوقعاً نظرا لحالة الاحتقان بسبب انتشار الإسلام السياسي والقتال ضد القوات المسلحة منذ 2014».
وبين الفارسي في حديث لــ" العين الإخبارية" أن "المليشيات في المنطقة الغربية لا تريد للجيش أن تقوم له قائمة حتى تعيث في الأرض فسادا"، لافتا إلى أنهم "يسيطرون على طرابلس وكل الأموال لديهم ويحصلون من وزارة الدفاع هناك على نصيب الأسد".
وشدد على أن "تلك الجبهات تثبت يوما بعد يوم صعوبة الوجود معهم في خندق واحد مما يزيد من حالة الاحتقان واستمرار ألاعيبهم ضد الجيش، مشيرا إلى أن موقف رئيس حكومة الوحدة "منتهية الولاية" سيكون مؤيدا للمنطقة الغربية ومعارضا لقرار رئيس المجلس الرئاسي خاصة أنه يرفض سيطرة الجيش على البلاد.
توافق مع اتفاق جنيف
الأمر ذاته، أكده الباحث السياسي الليبي إدريس حميد، مشيرا إلى أنه "رغم عدم صدور أي تصريح عن الدبيبة إلا أن نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي استبق رفض القرار ووصفه بأنه صدر بالمخالفة وذلك لعدم حصول موافقة المجلس الرئاسي مجتمعا بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، بحسب ما نصت عليه مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي الصادرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، في محاولة منه لزيادة حدة الخلاف والانقسام، وعرقلة المصالحة"، على حد قول الباحث.
الباحث السياسي الليبي أوضح أن "قرار المنفي يأتي في إطار اتفاق جنيف والدفع نحو إتمام المصالحة"، مؤكدا أن "تلك الأطراف لا تمثل غير طائفة قليلة من الشعب الليبي الذي يريد إتمام المصالحة وانتهاء الفترة الانتقالية في البلاد عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية وإنهاء الأزمات".
واستطرد: "أعتقد أن هذا الجدل هو سمة المشهد الليبي منذ فترة برفض بوادر المصالحة"، مشيرا إلى أن "تلك الأطراف تحاول الاصطياد في الماء العكر بعكس الشارع الليبي الذي يريد لم الشمل وتصفية كل الخلافات السابقة".
زيادة حدة الشتات
فيما رأى المحلل السياسي الليبي والخبير الاستراتيجي، محمد الترهوني، أن القرار لاقى استحسانا في الشرق ورفضا في غرب البلاد مما أثار حالة من الجدل بسبب سعي بعض الأطراف إلى زيادة حالة الخصام والشتات بين أبناء البلد الواحد.
وأشار الترهوني في حديث لــ"العين الإخبارية" إلى أن "تيار الإسلام السياسي يرفض فكرة توحيد المؤسسة العسكرية ويحاول وضع البنزين على النار المشتعلة في البلاد لدفعها نحو مزيد من الانقسام وخلق خلاف ليبي ليبي كبير جدا".
ويضيف الترهوني أن "هذا الرفض جاء رغم تضحيات القوات المسلحة الليبية بمحاربة الإرهاب وداعش وإعادة المواطنين بالمنطقة الشرقية إلى منازلهم التي هجروها من قبل بسبب انتشار الإرهابيين قبل 2014 مما يعيد دولة القانون وإثبات حسن النية، معربا عن أسفه الشديد من محاولة البعض زيادة الانقسام وعدم حدوث توافق ليبي ليبي مما يفسد مصلحتهم، ويزيد من تعقيدات المشهد السياسي".
وحول موقف الدبيبة بالتوافق أو معارضة قرار رئيس المجلس الرئاسي، لفت المحلل السياسي الليبي إلى أن "الأول سيكون معارضا للقرار".