"ذعر إخواني" من المادة 12.. ليبيا إلى الانتخابات رغم الاعتراضات
مادة بقانون الانتخابات تقطع الطريق على تنظيم إخوان ليبيا في إعادة تدوير نفسه لكنها تعبد بالآن نفسه المسار نحو أول استحقاق رئاسي بالبلاد.
محاولات لا تنقطع لتنظيم يستهدف إفشال الطريق الأممي نحو الاستحقاق الدستوري المقرر في ديسمبر/كانون الأول المقبل، فبدأ بجمع مسلحيه وداعميه، رافعًا راية ظاهرها رفض المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية وإعطاء الجميع حق الترشح للاقتراع، وباطنها إعادة إنتاج نفسه من جهة أو إرجاء أو إلغاء الخطوة التي يعول عليها المجتمع الدولي لوضع ليبيا على طريق الاستقرار.
خطوات في الاتجاه المعاكس يقودها التنظيم وبعض الذين يحاولون الترشح للانتخابات الرئاسية، رغم علمهم بنص تلك المادة في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أنهم كانوا يعولون على عدم إتمام خطوات الاستحقاق الدستوري، مستعرضين اثنين من السيناريوهات؛ أولها تمديد عمر الحكومة والفترة الانتقالية، فيما الثاني حرمان بعض الشخصيات من الترشح للرئاسة.
وتنص المادة 12 على أن "المترشح للرئاسة عليه أن يستقيل من عمله قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات".
شحذ الأسلحة
وفيما فشل هذا وذاك، شحذ تنظيم الإخوان أسلحته وجمع مليشياته للانقضاض على الانتخابات المقبلة، متقدمًا بطعن للدائرة الدستورية غير المفعلة والمغلقة منذ فترة، معلنًا رفضه لقانون الانتخابات، قبل أن يدعو المرشحين والناخبين لعدم التفاعل مع الاستحقاق المقبل.
"المفوضية" الليبية تضمن تعديلات برلمانية على الترشح وتحتفظ بالمادة 12
لكن ما سر اعتراض تنظيم الإخوان على المادة 12؟ وما هي السيناريوهات المقبلة؟ وكيف سيكون مصير الاستحقاق الدستوري؟
"العين الإخبارية" استطلعت آراء محليين ليبيين للإجابة عن أسئلة تبدو جوهرية لفهم أجندة الأخطبوط في ليبيا:
المحلل السياسي الليبي حسين مفتاح قال إن المعترضين على المادة 12 في شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، وفقا للقانون رقم 1 لعام 2021 الصادر عن مجلس النواب، "هم من يحاولون استغلال الظروف في استمرار الوضع الحالي، سواء بالتمديد للحكومة أو بعرقلة إجراء الانتخابات بأي من الطرق"، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي يكمن في معرفتهم المسبقة بأنه حتى لو أتيحت الفرصة لهم والدخول في المنافسة الانتخابية فإنهم سيخسرون.
شرط منطقي
وقال مفتاح، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن المادة 12 أشارت بشكل واضح إلى أنه على من يحمل صفة رسمية أو يقود مؤسسة سيادية في الدولة، أن يستقيل قبل إجراء الانتخابات بثلاثة أشهر"، واصفًا ذلك الشرط بأنه "منطقي وطبيعي"، لأن كل مسؤول يستطيع استغلال المنصب الذي يديره لدعم حملته الانتخابية، وممارسة الضغط على مرؤوسيه.
إخوان ليبيا يلوحون بالحرب.. هل يتكرر سيناريو 2014؟
إلا أنه قال إن رفض ذلك الشرط من قبل المعترضين هو المستغرب، ما يوحي بأن رافعي رايته هم من يحاولون إفشال مخطط لإنجاح الانتخابات باعتبارها تعني نهاية وجود الكثير من الشخصيات المعترضة على رأسهم الإخواني خالد المشري رئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة"، والذي يحاول مناصروه والجماعات المسلحة التي تدور في فلكه إعاقة عمل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وإفشال خارطة الطريق.
وحول إقرار مفوضية الانتخابات المادة 12، قال المحلل الليبي إنه ليس من حق مفوضية الانتخابات أن ترفض أو تعدل، لافتا إلى أنها تقبل ما يأتيها من السلطات التنفيذية، حتى أن الملاحظات الفنية التي سجلتها والتي لا تمس أساس النصوص القانونية ولها علاقة بتحويل القوانين لإجراءات عملية، أحالتها للبرلمان الذي عدل بعضها ورفض الآخر.
سبب الاعتراض
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، إن سبب الاعتراض على المادة 12 هو نص المادة الذي يمنع ترشح أي شخصية مدنية أو عسكرية، ما لم يكن مستقيلا من عمله قبل ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات، مشيرًا إلى أن ما يريده المحتجون على نص المادة أن يكون المرشح متوقفًا عن العمل بمجرد تقديم أوراق ترشحه.
وأوضح المحلل الليبي، لـ"العين الإخبارية"، أن المادة بنصها الحالي تمنع ترشح رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، وغيره من الشخصيات التي ما تزال تمارس مهامها حتى اللحظة.
حافظ قدور.. رجل تركيا في ليبيا يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية
وبالنسبة للخبير، فإن "المفوضية العليا للانتخابات أقرت قانونًا أحيل لها من السلطة التشريعية، وهذا إجراء قانوني وصحيح؛ فلا يحق للمفوضية التعديل أو التغيير في القانون دون الرجوع لمجلس النواب".
طعن الإخوان
وحول إمكانية الطعن على قانون الانتخابات، قال المهدوي إن هناك طعنا قدم بالفعل من قبل خالد المشري وجلال الشويهدي عضو مجلس النواب المنقطع، إلى الدائرة الدستورية غير المفعلة والمغلقة منذ فترة.
وأكد أن الأزمة ليست في المادة 12، بل هي ذريعة لإطالة أمد الأزمة في البلاد، مشيرًا إلى أن مساعي تنظيم الإخوان لإفشال الانتخابات التشريعية والرئاسية ستفشل بدورها؛ بسبب الإرادة المحلية والدولية.
أما المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش فقال لـ"العين الإخبارية"، إن الاعتراض على المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية يأتي بعد فشل كل المحاولات لتأجيل الانتخابات التي كانت بعض القوى تعول عليها في تغيير صياغة القانون وتفصيله لإقصاء بعض الشخصيات الليبية من الترشح للانتخابات مثل قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي.
ترشح الدبيبة
وحول إمكانية ترشح الدبيبة، قال المرعاش إن الأخير تجاهل شرط ترك منصبه قبل ثلاثة أشهر من تاريخ تنظيم الانتخابات ومن ثم لا يمكنه الترشح.
وأضاف: "الدبيبة اصطدم هو ومستشاروه بهذه المادة التي تمنعه من الترشح للرئاسة، خصوصًا بعد تأييد المجتمع الدولي للمفوضية العليًا للانتخابات التي بدأت في تنظيم الانتخابات وفقًا للقوانين التي أقرها البرلمان باعتباره المؤسسة التشريعية المختصة وفقا لكل الاتفاقات السابقة وآخرها خارطة طريق جنيف".
وأكد المرعاش أن التهديدات بالطعون تم إطلاقها حتى قبل إنجاز هذه القوانين من قبل مجلس النواب الليبي، في خطوة ترمي إلى عرقلة تنظيم الانتخابات، مستشهدا على قوله بأن من يدفع بتلك الطعون هم شخصيات تنتمي إلى تنظيم الإخوان أو تدافع حتى على التنظيمات المتطرفة والإرهابية، والتي لا تؤمن في عقائدها بشيء اسمه الديمقراطية أو الانتخابات.
أصحاب المناصب
من جهته، يرى المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، أن الاعتراض على المادة جاء بهدف تمكين بعض الشخصيات التي تشغل وظائف عامة في الدولة من الترشح للانتخابات.
وهو ما أكده المحلل السياسي الليبي محمد يسري، قائلا لـ"العين الإخبارية" إن الأسباب تتمثل في أن عددًا ممن يتولون المناصب الآن خاصة الحساسة منها لا يريدون ترك مناصبهم طبقا لنص القانون، مشيرًا إلى أن المشري وبعض الشخصيات الأخرى يواجهون القانون كحجر عثرة أمام ترشحهم.
وأوضح يسري أن مفوضية الانتخابات تحتفظ بالقانون طبقا لما ورد من مجلس النواب، ما زاد من الضغوط على رئيس المفوضية.
وعبر المحلل الليبي عن استغرابه من مطالبة البعض للسايح بتعديل المادة، في تجاوز لاختصاصات مجلس النواب الذي شرعها ووضع القانون، مؤكدًا أن البرلمان لن يعدل المادة لأن بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية طبقوا نص القانون بالفعل.
aXA6IDMuMTUuMjM5LjE0NSA= جزيرة ام اند امز