سموم الإخوان والمليشيات.. هل يقدم انتخاب رئيس ليبيا مصل الاستقرار؟
خطوة جديدة تلف المشهد السياسي في ليبيا، من شأنها أن تحرك المياه الراكدة في الأزمة، وتقضي على سموم يبثها الإخوان في جسد هذا البلد.
فموافقة مجلس النواب الليبي على مشروع قانون انتخاب الرئيس المقبل بالاقتراع المباشر، كانت بمثابة إلقاء حجر في المياه الراكدة، لتجد الخطوة ترحيبا مقابل استهجانات ووعيد من المليشيات وتنظيم الإخوان.
فلم يكد يجف الحبر الذي كتبت به موافقة مجلس النواب على القانون، حتى خرج رئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة"، خالد المشري ليقول إن إصدار أي قانون للاستفتاء أو الانتخابات يجب أن يكون بالتوافق معهم، متجاهلا حقيقة أن المجلس الذي يرأسه له دور استشاري، وأن مجلس النواب هو صاحب الحق الأصيل في إصدار أي تشريعات.
تصريحات صاحبتها أخرى من المليشياوي أسامة الجويلي آمر ما يعرف بغرفة العمليات المشتركة، هدد فيها باحتمالية اندلاع الحرب مجددًا، أدت إلى تخوفات كبيرة لدى المواطنين الليبيين والمراقبين على حد سواء، من محاولات المليشيات المسلحة والمرتزقة، الانقلاب على أي خطوة من شأنها الدفع بالبلد الأفريقي الذي مزقت عشرية من الصراعات أوصاله، خطوة للأمام.
إنهاء الجدل
وإلى ذلك يقول المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي إن قانون انتخاب الرئيس الذي وافق عليه مجلس النواب، قد ينهي الجدل الحاصل حول الانتخابات وييسر الجانب القانوني لإجراء الاستحقاق الدستوري المقبل، إلا أن تنظيم الإخوان الليبي سيعرقل هذه الخطوة.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" سيعرقل هذه الخطوة، وسيحاول إبداء أية ملاحظات على القانون، بهدف عرقلة العملية الانتخابية المتوقعة في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وأشار إلى أن مجلس النواب قدم هدية إلى الشعب الليبي والبعثة الأممية، بعد تسهيل "المهمة الأصعب" الممثلة في إرساء الجانب القانوني والدستوري للانتخابات الرئاسية المقبلة.
اعتراضات إخوانية
وحذر المسلاتي من أن ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" سيشترط ضرورة التوافق معه لاعتماد أية قاعدة دستورية، في محاولة منه لـ"تعجيز" مجلس النواب، خاصة أن مجلس المشري يصر على إصدار قاعدة دستورية أولا، تكون "متوافقة مع أهوائهم".
وأكد المحلل السياسي أن تنظيم الإخوان سيحاول عرقلة هذه الخطط بحجج أن ظاهرها قانوني، إلا أن هدفها الأساسي، عرقلة إجراء أية استحقاقات دستورية، قد تقصيهم من المشهد الليبي.
وحول التصريحات التي أطلقها المشري والجويلي، قال المسلاتي إنها ستلقي بظلال سلبية على الاستحقاق الدستوري المقبل، لافتا إلى أن المليشيات وتنظيم الإخوان يصعدون من لهجتهم الآن ضد اللجنة العسكرية المشتركة، بهدف إحداث خلل في العملية الأمنية، مما سيؤدي إلى عرقلة طريق الانتخابات.
الشيء الأخطر
واعتبر أن عدم توافق الأطراف الليبية، على ما صدر من مجلس النواب أمس، سيكون أخطر شيء على العملية الانتخابية، مما سيعيد بليبيا إلى المربع الأول، الذي يرفضه الشعب الليبي.
وأشار إلى أن "ملتقى الحوار الليبي دخل إلى نفق مظلم، بسبب أن تشكيلته في الأساس لم تكن متوازنة وغلب على أعضائها اختيارهم من تنظيم الإخوان، أو من الشخصيات النفعية، مما انعكس على أغلبية قراراته التي أودت به إلى الفشل"، مستبعدًا توافق الملتقى على قاعدة دستورية، بحسب المعطيات الموجودة حاليًا.
المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، التقط أطراف الحديث، ليؤكد لـ"العين الإخبارية"، أن اتفاق "النواب" سيضغط على أعضاء ملتقى الحوار الذين يجب عليهم الآن تجاوز خلافاتهم والعودة لمخرجات الاتفاق السياسي وقرارات مجلس الأمن وتمرير القاعدة الدستورية بشكلها النهائي ودون تأخير.
تعطيل الانتخابات
وأكد الأوجلي، أن ما توافق عليه أعضاء مجلس النواب يعد "خطوة هامة" في طريق انتخابات ديسمبر/كانون الأول المقبل، لا سيما أن قانون انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب كان قد صدر منذ عام 2014 وتم تضمينه ضمن التعديل السابع من الإعلان الدستوري، ما يعني عدم الحاجة الآن لإجراء تعديل دستوري، إلا أنه خالف توقعات المسلاتي، مشيرًا إلى أن هذه المسألة حسمت بشكل نهائي ولن يتم استخدامها كورقة لتعطيل الانتخابات.
وأشار إلى أنه لا يمكن أن تكون القاعدة الدستورية التي قد تصدر عن ملتقى الحوار الليبي معارضة لقانون انتخاب الرئيس، موضحا أن مجلس النواب نجح في تمرير مشروع القانون، رغم محاولة عدد من الأعضاء إفشال الجلسة ومنع تمريره.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن "مهام ملتقى الحوار السياسي محددة قانونًا، وأعتقد أن بعض مقترحات لجنة التوافقات تجاوز صلاحيات الملتقى، ولن يكون هناك إقرار لأية قاعدة دستورية ستعارض مشروع قانون انتخاب الرئيس".
اختلاق الأزمات
وحول تصريحات المليشيات المسلحة وداعميها، رأى الأوجلي، أنها "جاءت متزامنة وتصب في ذات السياق، خوفًا من نجاح اللجنة العسكرية في إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية"، مشيرًا إلى أن قادة المليشيات ومن خلفهم تنظيم الإخوان الإرهابي "يسعون بشتى الطرق لإفشال الانتخابات ويتبعون سياسة اختلاق الأزمات لإفشال الاستحقاق الدستوري المقبل".
من جهته، قال المحلل السياسي الليبي محمد يسري، لـ"العين الإخبارية"، إن إصدار قانون الانتخابات من مجلس النواب، سيقطع الطريق على المعرقلين لانتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر، سواء كانوا جهات داخلية أو خارجية، مشيرًا إلى أن أية قوانين أو تشريعات يقرها مجلس النواب لها قوة القانون كونها صادرة من جهة تشريعية معترفًا بها دوليا ولا خلاف عليها.
إرادة الشعب
وأكد يسري، أن مجلس النواب "انتصر" لما وصفه بـ"إرادة الشعب"، مشيرًا إلى أن الخطوة تأتي في السياق الصحيح نحو انتخابات حرة ونزيهة ليست خاضعة لأحزاب وتكتلات سياسية تهمها مصالحها دون مصالح الشعب.
وناشد يسري مجلس النواب أن يعي طبيعة المرحلة الحالية وينهي الكثير من اللغط حول العديد من التشريعات التي هي اختصاص أصيل له، بدلا من الدخول في مراحل أخرى، من شأنها إدخال البلاد في العديد من الأزمات.
aXA6IDMuMjIuNDIuMTg5IA== جزيرة ام اند امز