إرجاء جلسة النواب الليبي.. جدل حول إعادة الترشح والتزوير
جلسة عاصفة للبرلمان الليبي، تم إرجاؤها إلى غد الثلاثاء، شهدت مشادات وجدلا حول أسباب إرجاء الانتخابات، واستمرارية حالة القوة القاهرة.
والجلسة التي استمرت ساعتين لاستعراض تقرير لجنة خارطة الطريق، ناقشت أسباب تأجيل الانتخابات، وتقديم حلول لإزالة حالة القوة القاهرة، التي أعلنتها مفوضية الانتخابات.
كما شهدت مناقشات ملتهبة، واتهامات مباشرة لحكومة تصريف الأعمال برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بـ"التقصير" في معالجة أزمات الليبيين، وغير مباشرة بالعمل على تأجيل الانتخابات الرئاسية، التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وهاجم رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح حكومة تصريف الأعمال، مشيرًا إلى أنها باتت منتهية ويجب إعادة تشكيلها، والتحقيق في "المخالفات التي ارتكبتها".
مساءلة الحكومة
وطالب صالح، النائب العام الليبي بالتحقيق فيما تم صرفه من أموال من تاريخ مباشرة أعمال حكومة الدبيبة، خاصة في بندي الطوارئ والتنمية والمخالفات في الانتقال من بند لبند دون موافقة مجلس النواب، بالإضافة إلى إساءة استعمال السلطة، والتقصير في المحافظة على المال العام.
تصريحات صالح التي كالت الاتهامات للحكومة، وجدت ترحيبًا من النواب الليبيين، الذين عبروا عن تأييدهم بالتصفيق الحار.
إلا أن جلسة البرلمان لم تتخذ من حكومة تصريف الأعمال مرمى لأهدافها فحسب؛ بل إنها ناقشت حالة القوة القاهرة والتي أدت لإرجاء الانتخابات، والجدول الزمني المقترح من المفوضية للوصول إلى الاستحقاق الدستوري، على أساس قاعدة صحيحة، وبشكل لا يمس نزاهته.
من جانبه، قال رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، إن المفوضية بحاجة إلى إعادة العملية الانتخابية برمتها، مشيرًا إلى أن المفوضية "بحاجة إلى المزيد من الجهود والتركيز على التفاصيل الفنية في التشريعات، لتنفيذ عملية انتخابية لا تشوبها أية شوائب، قد تقف في مواجهة العملية الانتخابية".
سجل الناخبين
وطالب بضرورة إعادة النظر في العملية الانتخابية، بشكل يجعلها استكمال الانتخابات بدون القوة القاهرة، مؤكدًا أن المفوضية ستراجع الإجراءات التي قامت بها، فيما يتعلق بطلبات قبول الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ما يجعلها تحتاج لفترة زمنية طويلة.
ولفت إلى ضرورة تحديث سجل الناخبين وفتح باب التسجيل أمامهم من جديد، "خاصة أن كثيرًا من المواطنين بلغوا سن 18 عامًا، ما يستلزم تسجيلهم".
كما أن تعديل القوانين، كان أحد المطالب التي طالبت بها مفوضية الانتخابات، لمراعاة بعض التفاصيل الفنية، إلا أن ذلك المطلب شهد هجومًا من قبل بعض النواب، الذين "استهجنوا" هذا المقترح، فيما أكد رئيس البرلمان الاستعداد لطرح الأمر على المجلس لتيسير العملية الانتخابية.
إعادة فتح الترشح
من جانبه، قال البرلماني الليبي صالح افحيمة، خلال الجلسة، إنه إذا كان تعديل القوانين يهدف إلى إقصاء مرشح فإن ذلك سيفشل، مشيرًا إلى أن ما وصفه بـ"الفوضى أكبر من قدراتنا على الانتخابات".
واقترح البرلماني الليبي، فتح باب الترشح من جديد بعد تعديل القوانين، وعدم تحديد موعد للانتخابات؛ "كي لا نقع في حرج مجددًا".
فيما شن النائب سالم قنان، هجومًا على المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز، والتي طالبت بإجراء الانتخابات بحلول يونيو/حزيران المقبل، متسائلا: كيف يمكن لستيفاني أن تحدد لنا موعداً للانتخابات؟!
وأكد البرلماني الليبي، أن أعضاء مجلس النواب، ليسوا متشبثين بمناصبهم الحالية، معبرًا عن آمال كل الأعضاء في إجراء الانتخابات.
الأرقام الوطنية
نقطة "شديدة الأهمية"، بحسب نواب، أثارتها الجلسة البرلمانية، وهي أزمة تزوير الأرقام الوطنية، والحديث عن تقارير تشير إلى الآلاف من حالات التزوير في العملية الانتخابية.
إلا أن رئيس مصلحة الأحوال المدنية محمد بالتمر، قلل من الأرقام المعلنة، قائلا في كلمته خلال الجلسة، إن المصلحة أجرت مراجعات تنفي وجود أعداد كبيرة، مشيرًا إلى أن هناك بعض الحالات الفردية والتي أحيلت إلى الجهات المختصة.
وأوضح بالتمر أن مصلحة الأحوال المدنية لم تتسلم من جهاز المخابرات أي تقرير يفيد بوجود تزوير في الأرقام الوطنية، مشيرًا إلى أنه لم يصل أي كتاب رسمي بوجود أي حالات تزوير.
حالات تزوير
ورغم ذلك، أشار رئيس مفوضية الانتخابات عماد السايح، إلى رصد 12 حالة تزوير، مؤكدًا إحالتها لجهات التحقيق وللنائب العام الليبي الصديق الصور.
أزمة الأرقام الوطنية المزورة، دفعت رئيس المجلس عقيلة صالح، للمطالبة بإحالة كافة الوثائق المزورة إلى النائب العام للتحقيق فيها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحيلولة دون وقوعها مجددًا.
من جانبه، طالب النائب عبد السلام نصية بدعم إطلاق مشروع الأحوال المدنية "الانطلاقة"، الذي أعلن عنه رئيس مصلحة الأحوال المدنية، لتنقيح سجل الناخبين خلال ستة أشهر.
وأضاف البرلماني الليبي، أنه يجب دعم هذا المشروع بالأموال وما يحتاجه، لتصحيح أخطاء الماضي وتلافي احتمالية التزوير مستقبلاً، مشيرًا إلى ضرورة عدم التركيز على الجانب العقابي فقط، بل تصحيح الأخطاء ودعم المصلحة.
خارطة الطريق
كانت خارطة الطريق الجديدة على جدول أعمال البرلمان، إلا أنه أرجأ مناقشتها، حتى الغد لتلقي تقرير اللجنة التي شكلها مسبقًا، لبحث أزمة إرجاء الانتخابات.
ورغم تأجيل مناقشتها، إلا أن رئيس البرلمان، ذكر البرلمانيين بالمسؤولية التشريعية والوطنية الملقاة على عاتقهم، والتوجه إلى وضع خارطة طريق جديدة تتضمن جدولا زمنيًا محددًا لإنجاز مراحل العملية الانتخابية بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء ومفوضية الانتخابات ووزارة الداخلية والأجهزة الفنية.
المفوضية لم تكن بعيدة عن تلك الخارطة، فالأخيرة اقترحت مدة زمنية بين ستة إلى ثمانية أشهر، لتنقيح والتثبت من المستندات المقدمة من المرشحين إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مشيرة إلى أن تلك العملية، تحتاج إلى فترة زمنية بين ستة إلى ثمانية أشهر، لاستكمال العملية الانتخابية على قاعدة صحيحة، وبشكل لا يمس نزاهة الاستحقاق الدستوري".