"رايتس ووتش" تكسر "قيود" السراج وتدعو لتحرير المجتمع المدني بليبيا
قيود كبلت بها الحكومة الليبية السابقة المنظمات المدنية المحلية وسط تحذيرات حقوقية من انتهاك الحريات، ودعوات لمراجعتها أو إلغائها.
وفي 2019، أصدر المجلس الرئاسي السابق بالعاصمة الليبية طرابلس، قرارًا رقم 286 بشأن تنظيم منظمات المجتمع المدني، في إجراء لاقى استنكارا حقوقيا باعتباره يقيد حرية تشكيل الجمعيات ويتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
قيود صارمة
منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اعتبرت، في بيان نشرته، الجمعة، واطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن الانتخابات المُزمع إجراؤها بليبيا في ديسمبر/كانون الأول المقبل، تُحتّم على حكومة الوحدة الوطنية مراجعة أو إلغاء القيود الصارمة المفروضة على المنظمات غير الحكومية.
وأضافت أن المرسوم المذكور ينتهك التزامات ليبيا الدولية بحماية الحريات الأساسية.
فساد السراج.. وجبات وتذاكر سفر بـ"مليون دولار" خلال عام
ونقل البيان عن مديرة ليبيا بالمنظمة الحقوقية الدولية، حنان صلاح، قولها إن "هذا المرسوم يقيّد المنظمات المدنية العاملة في ليبيا ويخنقها بشكل غير مبرر"، واصفة إياه بـ"المُقلق" في ضوء الحاجة إلى مجتمع مدني قوي قبل الانتخابات المقبلة.
وطالبت المسؤولة الحقوقية السلطات الليبية بمراجعة أو إلغاء هذا القانون الذي من شأنه إسكات المجموعات التي تقوم بعمل حيويّ في المجالين الحقوقي والإنساني.
ويتضمن القرار متطلبات تسجيل "مرهقة وبنودا صارمة" بشأن التمويل، بحسب "رايتس ووتش" التي أكدت أنه "يُرهق" أعضاء المنظمات الراغبين في حضور مؤتمرات ومناسبات أخرى بشرط الإخطار المُسبق.
وعبر ناشطان يعملان مع منظمات ليبية للمنظمة عن مخاوفهما بشأن مفوضية المجتمع المدني التي تتخذ من طرابلس مقرّا لها وتخضع مباشرة لإشراف مجلس الوزراء.
"ديوان المحاسبة" يلاحق فساد "خارجية" حكومة مليشيات طرابلس
وقال الناشطان إن "متطلبات الإخطار المسبق المرهقة في أغلب الأنشطة ترقى إلى الموافقة المسبقة وليس مجرد الإخطار، وتنطوي على تأخيرات طويلة قبل الموافقة وشروط متعلقة بإعداد التقارير تتجاوز قدرة المنظمات ذات الحجم المتواضع. اضطرّت إحدى المنظمات إلى تعليق عملها بسبب صعوبة الامتثال للمرسوم".
من جانبه، قال المدير التنفيذي لـ"المركز الليبي لحرية الصحافة" محمد الناجم، إن "منظمته واجهت عقبات إدارية كبيرة بسبب الصلاحيات الكبيرة الممنوحة للمفوضية، فقيل لنا إنه لا يُمكننا استخدام اسم ليبيا في اسمنا، ولا يُمكن لأي منظمة غير حكومية أن تسمي نفسها منظمة لحرية الصحافة".
تفاصيل القرار
وأشار إلى أن قُدرة المفوضيّة على رفض الطلبات تُضاعف متطلبات التسجيل المرهقة، وتُلزَم المجموعات الدولية بالإضافة إلى ذلك بالحصول على تصريح عمل مسبق من المفوضية قبل إجراء أي أنشطة أو أعمال، ما يتعارض مع القانون الدولي الذي يُفضل مجرد الإخطار على نظام التراخيص.
كما يُلزم مرسوم المجلس الرئاسي المجموعات بتقديم إطار مسبق قبل تنظيم أو حضور الندوات والمؤتمر وورشات العمل، في بنود تنتهك التزامات ليبيا الدولية بشأن الحق في حرية تشكيل الجمعيات، بحسب البيان الحقوقي.
ديوان المحاسبة الليبي يطالب بالتحقيق مع دبلوماسيين بتهم فساد
وحول تلك المطالب، قال أحد النشطاء إن عمل المنظمة أصبح مستحيلا، بسبب تلك التعقيدات، مشيرًا إلى أنه للحصول على الموافقة يجب قضاء اليوم كله في مفوضية المجتمع المدني.
ويسمح المرسوم للمفوضية بإلغاء تسجيل وتصاريح العمل للمنظمات الأجنبية بناءً على معايير تشمل استخدام الأموال في أنشطة مختلفة عن تلك التي تحددها المجموعة عند تلقي التمويل.
تمويلات مصرفية
إلا أن المعايير الدولية تمنع أي سلطات من تعليق أنشطة الجمعيات تعسفا، وتفرض إخضاع هذا التدخل في حرية تكوين الجمعيات للمراجعة من قبل محاكم مستقلة.
كما أن للمفوضية صلاحية مراجعة جميع الوثائق المالية والإدارية المتعلقة بأنشطة المنظمات، وتحظر توظيف خبراء والحصول على خدمات من الخارج، كما يُمكنها أن تقرر ما إذا كانت الخبرة متاحة محليا.
ويتعين على المنظمات إعلام المفوضية في غضون أسبوع واحد بأي تمويلات دخلت إلى حساباتها المصرفية، وعليها الحصول على موافقة مسبقة حتى تستلمها، بحسب قرار المجلس الرئاسي السابق.
ويتضمن المرسوم محظورات أخرى فضفاضة وغامضة، تشمل القيام بأي عمل "يُخلّ بالنظام العام والآداب"، والأنشطة غير المصرّح بها مسبقا، والتي تتجاوز الحد الزمني المسموح به، والمتعلقة بالمسائل السياسية والعسكرية والأمنية، وكذلك التواصل مع "الأحزاب والكيانات السياسية داخل ليبيا"، دون تحديد الأطراف التي تمثلها هذه الكيانات.
وسبق أن حذرت "المنصة الليبية"، وهي تحالف من 14 منظمة ليبية تعمل على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، إلى جانب "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، من أن "إصرار مفوضية المجتمع المدني على تطبيق قرار المجلس الرئاسي رقم 286 لسنة 2019، رغم الطبيعة القمعية له ومخالفته للقانون، يعرقل المجتمع المدني ويقيّد الحريات العامة".
aXA6IDMuMTQ0LjkwLjEwOCA=
جزيرة ام اند امز