إخوان ليبيا وأزمة مفتعلة.. استهداف للقضاء وطعون "الوقت الضائع"
لا يكاد يمضي شهر واحد في ليبيا حتى يختلق تنظيم الإخوان جدلا أو يحدث أزمة تضاف لسيل الأزمات التي تسبب فيها على مر سنوات.
ففي الوقت الذي تعاني فيه ليبيا من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية، يتطلع الليبيون لعبورها لبر الأمان وبناء دولة المؤسسات والقانون اختلق تنظيم الإخوان أزمة جديدة هذه المرة القضاء هو المستهدف.
أزمة ليبيا الجديدة تمثلت في طعن قدمه أربعة أعضاء بما يعرف بمجلس الدولة الليبي الاستشاري ضد قرار مجلس النواب الليبي القاضي بتكليف المستشار الصديق الصور نائبا عاما للبلاد.
ذلك الطعن الذي أثار جدلا واسعا كونه أمراً مستغرباً فالقرار المطعون فيه قد مضى على اتخاذه أكثر من عام ونص إلا أنه بمعرفة هويات الطاعنين تنجلي الغرابة عن ذلك الإجراء المثير للجدل.
فأول الطاعنين في قرار تكليف المستشار الصديق الصور من قبل البرلمان الليبي هو الإخواني المتطرف سياسيا عبد الرحمن السويحلي إلى جانب نعيمة الحامي وهي إخوانية أيضا عرفت بآرائها غير المتزنة إلى جانب شخصين آخرين غير معروفين للعامة.
أولئك الإخوان تقدموا بالطعن لدى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا قائلين إن " قرار مجلس النواب بتكليف الصديق الصور غير دستوري " وفق نص الطعن الذي تحصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه.
وبحسب نص الطعن أيضا فأولئك الإخوان قدموا الطعن في مواجهة رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح.
ولمعرفة ماذا يريد التنظيم من تأزيم الأمور أكثر في ليبيا توجهت "العين الإخبارية" إلى خبراء ليبيين كان من بينهم الخبير القانوني الليبي سليمان الشويهدي.
الشويهدي قال إنه " في البداية يجب أن معرفة أن منصب النائب العام يعد ذا طبيعة مختلطة قضائية تنفيذية فالنائب العام هو الأمين على الدعوى الجنائية أو ما يعرف بالدعوى العمومية وفي التنظيم القضائي يختص النائب العام بسلطتين وهما سلطة التحقيق وسلطة الاتهام كما أنه يعد الرئيس الأعلى لمأموري الضبط القضائي ويملك شرعية الحبس الاحتياطي".
ومن هذا المنطلق يقول الخبير القانوني الليبي إن " من يمتلك تلك السلطات لا بد أن يتصف باستقامة المسلك والانضباط والتشبع بفهم القانون وروح العدالة دون وفي الوضع الليبي القائم يضاف لذلك صفة أخرى يتطلبها ذلك المنصب وهي ألا يكون ذا ميول أو انحياز لطرف سياسي معين وهي جميعا صفات يعلم الجميع بتمتع المستشار الصديق الصور بها أي إن قرار تكليفه من قبل مجلس النواب كان غاية في الصواب ".
وفي هذا الشأن أي قرار تكليف الصديق الصور نائبا عاما يقول سليمان الشويهدي أن " ذلك التكليف الذي حصل قبل عام ونصف يعد سابقة في ليبيا حيث اتفقت السلطات المختلفة المتصارعة (مجلسي النواب والدولة) لسنوات على رجل واحد وهو الصديق الصور ".
وأضاف " ذلك التوافق الفريد من نوعه لم يكن فقط نتاج الخيار الصحيح المتمثل في الرجل بل إن أولئك المتصارعين سلكوا أيضا جميع المسالك القانونية المتبعة والصحيحة ومنها اختيار المجلس الأعلى للقضاء خلال انعقاده يوم 12 أبريل 2021 للمستشار الصديق الصور وذلك بحصوله على 12 صوتاً من أصل 14 كما صوت مجلس النواب في 2 أكتوبر 2021 على اختياره نائبا عاما ووافق مجلس الدولة على ذلك في تصويت حسم لصالح الصديق الصور".
وذلك يعني بحسب الخبير القانوني الليبي أن " جميع الإجراءات المتبعة صحيحة تماما فالرجل انتخب ورشح من السلطة القضائية وصادقت على ذلك السلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان كما أن السلطة الاستشارية المتمثلة في مجلس الدولة صوتت عليه بالموافقة " متسائلا " أين الأمر غير الدستوري في ذلك ؟ ".
وتابع " بعد صدور القرار لم يطعن أحد فيه بل إن الصديق الصور برهن للجميع أنه الخيار الصحيح وذلك بعد أن فتح ملفات فساد المسؤولين التي كان غيره يخاف من ذكرها وذلك ما جعل جميع المتنافسين في ليبيا من حكومة الدبيبة وحكومة فتحي باشاغا ومجلس النواب والدولة والرئاسي وجميع من في ليبيا ينصاعون لقراراته وأوامره ".
ومضى بالقول: "الصديق الصور أضحى يحظى باحترام الجميع " متسائلا باستغراب " بعد كل تلك المدة وكل تلك الإنجازات كيف يأتي من يطعن في صحة تكليفه اليوم؟!".
ذلك السؤال أجاب عنه الناشط السياسي الليبي فرحات أبو زيانة قائلا لـ"العين الإخبارية" أن " هذا الطعن سياسي بامتياز وليس طعناً قانونياً " محددا أسباب ذلك.
وقال السياسي الليبي " أولا أن الطعن هو رسالة واضحة للنائب العام لكي يكف عن الاستمرار في الحملة التي أطلقها منذ شهر ونصف لإنفاذ القانون والتحقيق في وقائع الفساد المالي والإداري وسجن العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين خاصة في السلك الدبلوماسي الليبي في الخارج ".
ويقول أبو زيانة في هذا الأمر أيضا أنه " كلما اقترب الصديق الصور النائب العام من ملاحقة الفاسدين ستعلو الأصوات الهادفة لإرباك عمله لتعطيله عن الهدف ".
وأشار إلى أن " الإخوان المسلمين الذين هم أكثر من يستخدم المال السياسي لشراء الذمم سيكونون أول المتضررين من حملة القضاء على الفساد التي أطلقها المستشار الصديق الصور".
وأضاف " اعتراضا على الطعن المقدم خرج جميع منتسبي قطاع القضاء في وقفات احتجاجية الأربعاء والخميس الماضيين في طرابلس ومصراتة وبني وليد ومدن أخرى ضد ذلك الطعن قائلين إن الصديق الصور هو رجل المرحلة وإن اختيار مجلس النواب له نائبا إمام كان قرارا صحيحا ".
أما عن باقي أسباب إقدام الإخوان على الطعن في شرعية تكلف المستشار الصور يقول الناشط السياسي الليبي إنه: "كلما زادت الأزمات في ليبيا تباعد حل الأزمة وهو أمر لصالح تنظيم الإخوان كونهم يعلمون جيدا أن لا مكان لهم في دولة القانون والمؤسسات والجيش المنتظرة ".
ولفت المتحدث أبو زيانة النظر لأمر آخر يتعلق بالحدث بقوله أن " الطعن محل الجدل الحاصل قدم لدى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بطرابلس وهو أمر يدل على صحة تقدم رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح بمقترح إنشاء محكمة دستورية في مدينة بنغازي (شرق) الخاضعة لتأمين الجيش والشرطة بدلا عن الدائرة الدستورية في طرابلس (غرب) الواقعة تحت سيطرة المليشيات التي يديرها تنظيم الإخوان ".
وختم بالقول " عبر تلك المليشيات المسيطرة على طرابلس مقر الدائرة الدستورية قد يضغط التنظيم لتمرير أي قرارات قضائية تخص التشريعات النافذة الصادرة عن مجلس النواب الذي يعد خصما أولا لتنظيم الإخوان".