بسقوط الحافي.. هل فقد إخوان ليبيا سلاح القضاء؟
كعادتهم في تطويع جميع الوسائل لضمان بقائهم، يستمر في ليبيا جدل الإخوان وسلاح القضاء الذي يحاولون إشهاره ضد خصومهم.
ففي وقت كان فيه التنظيم الإرهابي يحاول جر القضاء لمستنقع الأزمة السياسية عبر رئيس المحكمة العليا السابق محمد الحافي، قطع مجلس النواب الطريق عليه بإعفاء الحافي وتكليف آخر مكانه من المقرر أن يستلم مهامه اليوم السبت.
القصة
القصة بدأت في 18 أغسطس/ آب الماضي، حين أعلن محمد الحافي رئيس المحكمة العليا السابق تفعيل الدائرة الدستورية المختصة في الفصل بالقضايا الدستورية وذلك بعد ضغط من تنظيم الإخوان الذي كان قد جهز دعاوى لرفعها أمام تلك الدائرة ضد قرارات وقوانين صادرة عن مجلس النواب، وهو ما تنظر فيه المحكمة حاليا بالفعل.
ذلك الأمر اعتبره كثيرون خطوة لإقحام القضاء في الأزمة السياسية الحالية من قبل الإخوان ومحاولة لاستخدامه ضد خصومهم وعلى رأسهم مجلس النواب، لا سيما أن للإخوان سابقة في ذلك عام 2014 بعد أن حكمت تلك الدائرة ببطلان انتخاب مجلس النواب لصالح دعاوى رفعها قياديون في التنظيم بعد خسارة التنظيم الانتخابات ذلك الوقت.
وكان ذلك الحكم الذي وصف بالكارثي بداية انقسام البلاد إلى برلمانين وحكومتين في شرق البلاد وغربها.
ففي ذلك الوقت، خسر القضاء ثقة الليبيين خصوصا أن ذلك الحكم كان سياسيا وصدر تحت تهديد سلاح مليشيات الإخوان التي تحكم قبضتها على عاصمة البلاد طرابلس مقر المحكمة العليا ودائرتها الدستورية.
وخلال الفترة الماضية، لم يكتف محمد الحافي بالتجاوب لضغط الإخوان بتفعيل الدائرة الدستورية التي ستكون طرفا لا ما حاله في الصراع السياسي الجديد والحالي، بحسب مراقبين.
بل أصبح الحافي هو الآخر طرفا في ذلك الصراع لصالح التنظيم بعد إعلانه أكثر من مرة رفض إجراءات اتخذها مجلس النواب، رغم أن المجلس هو صاحب الاختصاص التشريعي الأعلى في البلاد.
كل تلك الأمور مجتمعة دعت مجلس النواب لتدارك الأمر ومحاولة تحييد القضاء عن الأزمة وكان ذلك بإقالة محمد الحافي وتعيين المستشار عبد الله أبورزيزة مكانه.
وعقب الخطوة، تصاعدت التساؤلات عما إذا كان القضاء الليبي قد نجا من فك الإخوان بعد إسقاط الحافي؟
أداة الإخوان
الناشطة السياسية الليبية لبني القذافي، قالت إن "الحافي كان أداة بيد الإخوان وبالتالي فإن سقوطه يمثل سقوط مشروعهم في استخدام القضاء".
وأضافت، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "تنظيم الإخوان لا يتورع للأسف عن استخدام أي شيء حتى لو كان القضاء الذي لا يمكن أن يبني دولة دون أن يكون نزيها".
وتطرقت إلى سبب سعي الإخوان لاستخدام الحافي للحصول على ورقة القضاء سلاحا بالقول إن "التنظيم كان يعلم ويدرك أن الحافي لديه طموح سياسي ويحتاج لتحالفات تبلغه ذلك الطموح".
وعن ذلك الطموح قالت الناشطة إنه "بغض النظر عن ملف الإخوان، فإن إعفاء الحافي من رئاسة المحكمة العليا أمر كان يجب أن يحصل منذ مدة كون الرجل دخل في سن التقاعد كما أن تصرفاته جعلته في دائرة الجدل منذ فترة طويلة".
وذّكرت القذافي بالجدل الذي دار حول الحافي قبل عامين بعد أن "رشح نفسه لمنصب رئيس المجلس الرئاسي الليبي وهو ما انتقده وقتها كثيرون ممن اعتبروا ذلك مخالفا للقانون ومبدأ الفصل بين السلطات بحسب بيانات صادرة عن عدد من المنظمات القضائية الأهلية والرسمية".
وفي ذلك الوقت بحسب المتحدثة، "كان ترشح الحافي لذلك المناصب كشفا للطموح السياسي لدى الرجل وكان بداية سقوط الحافي من أعين الجميع كون الترشح لمنصب كذاك يحتاج لتحالفات سياسية مسبقة وإن كان الحافي يملكها معنى ذلك أنه لم يكن يعمل قاضيا عادلا بل كان موال لطرف من أطراف الأزمة".
مقر المحكمة العليا
في طرح مختلف، يرى عز الدين عويدات، أستاذ القانون في الجامعات الليبية، أن الاخوان لم يخسروا بعد ورقة القضاء بإعفاء الحافي من رئاسة المحكمة العليا.
وفسر الأكاديمي الليبي في حديث لـ"العين الإخبارية، "سبب إجابته تلك بالقول إن "تنظيم الإخوان كان يعتمد في خطته لإقحام القضاء في الأزمة واستخدامه سلاحا ضد خصومه على أمرين".
أول تلك الأمور، يتابع عويدات "هو رئيس المحكمة السابق محمد الحافي وقد سقط الآن لكن يبقى الأمر الآخر الذي لا يزال في يد الإخوان وهو مقر المحكمة في العاصمة طرابلس".
وفسر حديثه أكثر بالقول إنه "طالما مقر المحكمة يوجد بمدينة طرابلس فستكون قراراتها خاضعة بطبيعة الحال لضغط المليشيات الإخوانية التي تسيطر على المدينة.
توليفة النجاح
وفي هذا الشأن ،أضاف عويدات أن "رئيس مجلس النواب وجه رسالة رسمية لرئيس المجلس الأعلى للقضاء ومستشاري المحكمة العليا أبلغهم فيها أن انعقاد المحكمة العليا في غير مقرها القانوني بطرابلس غير صحيح ويترتب على ذلك بطلان ما تتخذه من إجراءات ".
وأوضح أستاذ القانوني الليبي أن "رسالة عقيلة صالح تلك جاءت مبنية على قرار سابق لمجلس النواب اتخذه عام 2014 وينص على إعادة تنظيم المحاكم العليا كما أن مادته الأولى تنص على أن ينقل مقر انعقاد جلسات المحكمة العليا الليبية إلى مدينة البيضاء بدلا من طرابلس ".
وبالنسبة له، فإن "أول من رفض نقل المحكمة من طرابلس هو القيادي الإخواني خالد المشري الذي أصدر في ذات ذلك اليوم بيانا رفض فيه تلك الخطوة في إشارة على نيتهم استخدام القضاء سلاحا".
وعن ذلك أضاف: "المشري يعلم جيدا أن طرابلس غير مؤهلة لأن تكون مقرا للمحكمة العليا كون المدينة تعج بالمليشيات التي سبق أن اقتحمت وزارة العدل نفسها فما بالك بالمحكمة".
وبناء على ذلك يرى الأكاديمي الليبي أن "خطر استخدام الإخوان للقضاء لا يزال قائما حتى بعد إسقاط الحافي من على رأس المحكمة العليا".
وأشار إلى أن الحل يكمن بنجاح مجلس النواب في نقل مقر المحكمة لأي مدينة أخرى غير خاضعة لسيطرة المليشيات ليضمن الليبيون أحكاما عادلة لا لغط فيها".
aXA6IDE4LjExNy4xODguMTA1IA== جزيرة ام اند امز