مصدر لـ"العين الإخبارية": الإخوان وراء نقل مصنع أدوية من طرابلس لتركيا
المصدر كشف عن جريمة نهب دولية لثروات ليبيا ارتكبها تنظيم الإخوان وأمراء الحرب في طرابلس للتربح ماديا على حساب أوجاع الليبيين
كشف مصدر رقابي ليبي، الأحد، عن توصل الجهات الرقابية إلى خيوط ودلائل تشير إلى قيام المليشيات والتنظيمات التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي بتفكيك مصنع للأدوية من طرابلس ونقله إلى تركيا.
- معارض تركي: أردوغان يسعى لإنقاذ إخوان ليبيا في آخر معاقلهم
- مسؤول ليبي يكشف لـ"العين الإخبارية" خطة أردوغان بإرسال 11 ألف مسلح
يأتي هذا في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الليبي من تدهور الصحة العامة وتفشي الأمراض ونقص الأدوية.
وأوضح المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "مصنع الأدوية الذي اختفى من منطقة (الماية) جنوب طرابلس تشير أصابع الاتهام إلى ضلوع المليشيات والتنظيمات الإرهابية المدعومة من تركيا في تفكيكه وسرقته ونقله على مراحل إلى تركيا".
ولفت إلى أن "إخوان ليبيا والتنظيمات الإرهابية يشكلون مع تركيا (مافيا) للسطو على مقدرات الليبيين وتخريب ليبيا، ولم يسلم من فسادهم حتى الدواء".
وكان الاتحاد الليبي الدولي لمكافحة الفساد قدم بلاغا للجهات الرقابية الليبية ورئيس البرلمان المنتخب في مايو/أيار الماضي، يتهم فيه تنظيم الإخوان الإرهابي ومليشياته في طرابلس بسرقة مصنع (الماية) للأدوية ونقله إلى تركيا سرا، مطالبا بسرعة التحري عن الواقعة وتفاصيلها.
وأشار البلاغ إلى أن "المصنع الذي حرم منه الليبييون كان ينتج المستحضرات الصيدلانية الصلبة، مثل الحبوب والكبسولات إضافة إلى الأدوية السائلة والمستحضرات شبه الصلبة مثل المراهم والكريمات وأدوات التجميل".
وذكر الاتحاد في بلاغه المقدم أن مصنع الأدوية الذي أقامته الدولة في عام 2001 في منطقة الماية جنوب طرابلس بتكلفة قدرها 150 مليون دولار أمريكي قد اختفى من طرابلس وظهر مؤخرا في تركيا، التي بدأت تشغيله حاليا للإنتاج على أعلى مستوى.
وأضاف البلاغ أن "الأمر لم يتوقف عند خطوط الإنتاج الأربعة بل امتدت السرقة إلى كل المرافق الصناعية المساعدة لصناعة الأدوية بالمصنع، بما في ذلك الأجهزة والمعدات وشبكة الأنابيب المتحكمة في إدخال الهواء وتنقيته وتعقيمه قبل دخوله إلى كل القطاعات الإنتاجية".
إضافة إلى "شبكة سحب الغبار الدوائي الناتج عن التصنيع وشبكة التحكم في مبدلات الضغط الهوائية وشبكات التبريد والتكييف، وكذلك وحدة تحلية المياه الخاصة بالصناعات الدوائية المعقمة، وكذلك وحدة الغلايات للمياه الساخنة ووحدة الهواء المضغوط للمعدات".
كما شملت السرقة أيضا المنظومة الإلكترونية للمخازن ومعدات وآليات المناولة ووحدة الحفظ والثلاجات ومركز الرقابة الدوائية بالكامل، بما في ذلك الأجهزة و57 ملفا فنيا خاصا بالأدوية ووحدة معالجة النفايات، وكذلك وحدة المحروقات وحتى أرفف التخزين.
وفي نهاية البلاغ طالب الاتحاد الليبي لمكافحة الفساد من الجهات الشرعية المسؤولة في ليبيا باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد هذه الجريمة الاقتصادية والإنسانية في حق الشعب الليبي وسرقة مقدراته.
ووصف الاتحاد الواقعة بأنها "جريمة نهب دولية لثروات الشعب الليبي، والتي ارتكبها المتأسلمون دواعش المال العام وأمراء الحرب في طرابلس للتربح ماديا على حساب أوجاع الليبيين".
بأسهم بينهم
وفي الوقت الذي تعاني فيه ليبيا البلد النفطي من ندرة المحروقات ويعاني فيه الشعب الليبي من انعدام الخدمات وتأخر صرف الرواتب، تكشف مصادر ليبية عن مليارات من أموال ليبيا المنهوبة وأخرى يحوّلها تنظيم الإخوان إلى مصارف تركيا.
والجمعة كشفت خلافات داخل التنظيم الإرهابي في ليبيا عن واقعة فساد أخرى، أبطالها قيادات بالتنظيم، حيث اتهم الإخواني عبدالرحمن السويحلي الرئيس السابق لما يعرف بمجلس الدولة قيادات حزب العدالة والبناء، فرع تنظيم الإخوان في ليبيا، بإرهاق خزينة الدولة وصرفها في إسطبنول.
وجاء اتهام السويحلي لزملائه في التنظيم الإرهابي رداً على اتهامه من قبل رئيس ديوان المحاسبة وعضو تنظيم الإخوان خالد شكشك بالفساد وإهدار أموال عامّة بغير حقّ على سفرياته الخاصّة، وإقامة عدد من أفراد أسرته في فندق بتونس، بمبلغ يقرب نص مليون دينار على نفقة المجلس الرئاسي.
وكشف رئيس لجنة السيولة في المصرف المركزي الليبي بالبيضاء رمزي آغا أن البنك المركزي الليبي بطرابلس قام خلال الأيام الماضية بتحويل 4 مليارات من احتياطياته النقدية إلى المصرف المركزي التركي، كوديعة بدون الحصول على عائد عليها.
وأوضح آغا في تصريحات صحفية أن "هذه الوديعة ستزيد من احتياطيات المصرف المركزي التركي من العملة الأجنبية، وهذا سيكون له أثر إيجابي في استقرار سعر صرف الليرة التركية".
ولفت إلى أن "هذه الوديعة ستكون الوديعة ضمان للاتفاقيات المبرمة ما بين الجانب التركي وحكومة الوفاق فيما يخص توريد الأسلحة والمدرعات والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى تكاليف علاج الجرحى من مسلحي المليشيات".
فساد مالي يصب في خزائن تركيا
وبحسب مراقبين فإن تركيا تمثّل أهم الوجهات التي يحبّذها الإرهابيون والإخوان في ليبيا لاستثمار أموالهم الكبيرة التي غنموها من الحرب الطويلة المستعرة منذ إسقاط نظام القذافي، وتأسيسهم شركات كبرى ومؤسسات إعلاميّة كبيرة وملايين الدولارات التي تُخزّن في البنوك التركية.
وكشفت وثيقة نشرها موقع ويكيلكس في يوليو من عام 2016 عن الدور التركي في نقل أموال الليبي عبدالحكيم بلحاج المسؤول السابق للجماعة الليبية المقاتلة والمقيم حاليا في إسطنبول.
ونشر الموقع رسالة صادرة عبر البريد الإلكتروني من عبدالحكيم بلحاج سنة 2013 قائد المجلس العسكري آنذاك، عرض فيها بلحاج على مصرفي تركي تابع للحزب الحاكم طلب المساعدة لتهريب المبلغ لأجل المحافظة عليه واستثماره في تركيا، مقابل دفع عمولة 25% من المبلغ أي نحو (3.75) مليون دولار.
وأثار نشر الوثائق المسربة من موقع ويكليكس الأمريكي جدلا واسعا، ووقتها أكد مجلس الاتصالات في تركيا وهو الهيئة المعنية بالرقابة على الإنترنت، فقام بحجب موقع (ويكيليكس) الإلكتروني في تركيا من اليوم التالي للتسريب، معتبرا ذلك إجراء إداريا.
وفي تعليقه، يقول المحلل السياسي الليبي ناصف الفرجاني إن هذه الوثيقة تكشف بجلاء تقاطع المصالح بين تركيا والإخوان في ليبيا، حيث يتم تبادل المنافع الاقتصادية داخل لعبة الأيديولوجيا المتمثلة في توفير الغطاء السياسي للتنظيم الإرهابي بالشكل الذي يجعله مصدرا للربّح المالي، ويسهل له تهريب أموال الليبيين واستثمارها هناك في تركيا، في مناخ آمن بعيدا عن الفوضى.