لماذا تريد قطر وتركيا إحراق طرابلس؟ خبراء يجيبون "العين الإخبارية"
تشمل الأهداف التخريبية للمليشيا المدعومة من قطر وتركيا إرباك الحالة السياسية، بما يمنع ويعيق إجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر المقبل.
اقترن اسم الإرهابي صلاح بادي في أذهان الليبيين بأعمال تخريبية وإجرامية، والتي كان آخرها مشاركته في الاشتباكات الدائرة في العاصمة طرابلس، وما أثاره ذلك من قلق وتخوف من إشعال العاصمة الليبية مرة أخرى بعد إحراق مطارها الدولي في 2014.
- فرنسا تطالب بعقوبات دولية على مليشيات طرابلس
- الأمم المتحدة تستعد لمعاقبة مليشيات طرابلس.. وخبراء: خطوة متأخرة
وفي 13 يوليو/تموز 2014، أطلقت جماعة "فجر ليبيا"، تحالف يضم الإخوان والقاعدة في ليبيا، بقيادة بادي، عملية عسكرية للاستيلاء على مطار طرابلس، ما أدى لتدمير نحو 21 طائرة تقدر قيمتهم بـ2 مليار دولار.
ذلك الحادث الذي أثار استهجان المجتمع الدولي وكشف عن الوجه القبيح للإخوان في ليبيا، عاد إلى الذاكرة مع إعلان بادي الدخول إلى طرابلس والانضمام للاشتباكات الدائرة بين المليشيات المنتشرة في العاصمة طرابلس.
صلاح بادي.. يد قطر للعبث بليبيا
في هذا السياق، قال الدكتور المختار الجدال، عضو المجلس الانتقالي الليبي وأستاذ التاريخ السياسي في جامعة الزاوية، لـ"العين الإخبارية"، إن بادي يقود مليشيا "لواء الصمود"، التي تشكلت إبان حرب "فجر ليبيا"، وهو مدعوم من الإخوان ومن وراؤهم قطر وتركيا.
من جانبه، قال المستشار رمزي الرميح إن الإرهابي صلاح بادي دخل العاصمة طرابلس وانضم للاشتباكات بأوامر من قطر وتركيا، مضيفا أن بادي غادر إلى إسطنبول التركية بعد إحراقه المطار؛ ولديه في تركيا رصيد أموال وعقارات.
وتابع الرميح، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، "التعليمات صدرت لبادي من قبل الدوحة وأنقرة، بعد دخول اللواء السابع طرابلس لتفكيكها من المليشيات، كما جاء في بيان اللواء".
واعتبر الجدال أن المحور الذي يتمركز فيه الإرهابي صلاح بادي يعد الحلقة الأضعف بين المليشيات؛ حيث يتمركز في هذا المحور قوات مليشيا "الأمن المركزي بوسليم" والمعروفة أيضا بمليشيا "غنيوة"، نسبة لقائدها عبدالغني الككلي.
ومنذ 26 أغسطس/اّب الماضي، تدور اشتباكات بين مليشيات تابعة لحكومة الوفاق مثل: "غنيوة"، و"كاره" (قوة الردع الخاصة)، و"النواصي" و"ثوار طرابلس" من جهة ومليشيا "اللواء السابع من جهة أخرى، حتى تم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في 4 سبتمبر/أيلول الجاري.
لكن الاتفاق لم يصمد طويلا، وتجددت الاشتباكات منذ 17 سبتمبر/أيلول الجاري، لتظهر قوات صلاح بادي بوضوح في العاصمة، وكان لافتا أنه يقاتل مليشيات طرابلس وليس اللواء السابع، كما كان متوقعا من قبل البعض.
ما علاقة قوات بادي باللواء السابع؟
وتوقع المختار الجدال، ألا يقاتل بادي اللواء السابع، بسبب أن هناك اتفاقا بين مدينتي ترهونة التي ينتمي لها اللواء السابع، ومصراته ينتمي لها صلاح بادي، بعدم الاعتداء.
وتابع المختار الجدال أن مليشيا بادي "لواء الصمود" تقاتل الآن مليشيا "غنيوة"، مضيفا أن اشتباكات طرابلس أغرت بادي بالعودة إلى طرابلس بعد إخراجه منها في 2016.
وأشار المستشار رمزي الرميح إلى أن قطر وتركيا تيقنا من أن مليشيات طرابلس (غنيوة وكاره والنواصي وثوار طرابلس) لن تستطيع هزيمة اللواء السابع، الذي اعترف المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة بمشروعية أهدافه بالقول: "أهداف من دخلوا طرابلس هي أهداف مشروعة".
من ناحية أخرى، أكد الرميح عدم تبعية قوات الإرهابي صلاح بادي للواء السابع، وهو ما جاء على لسان المتحدث باسم اللواء سعد الهمالي أن لواء الصمود لا يتبع لهم.
لماذا يحارب بادي مليشيات طرابلس؟
من هذا المنطلق، يرى عيسى رشوان، الباحث السياسي الليبي، أن مليشيات "غنيوة" و"كاره" خصوم لصلاح بادي، منذ حرب المطار، حيث إن تلك المليشيات نجحت في إخراج بادي من العاصمة حينها.
وأضاف رشوان، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن بادي يعتبر خروجه من طرابلس "ثأر قديم"، ودخوله العاصمة "فرصة لرد الاعتبار بعد طرده من طرابلس".
يشار إلى أن مليشيات "غنيوة" و"كاره" و"النواصي" و"ثوار طرابلس" شكلت ما يعرف بـ"قوة حماية طرابلس" لمحاربة قوات بادي واللواء السابع.
واعتبر رشوان أن بادي "الآن هو رأس حربة لمدينة مصراته لضمان نصيبهم من أي كعكة سياسية تلوح في الأفق من المجتمع الدولي.. ويأخذ الدعم من المدينة نفسها".
وتنتشر بمدينة مصراتة المليشيات الموالية لجماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة، فرع تنظيم القاعدة في ليبيا.
ونشرت قوات الإرهابي صلاح بادي نشرت مقطع فيديو لبادي خلال استقباله، اليوم الإثنين، قوة من مدينة مصراتة لدعمه بمعسكر النقلية في طريق المطار جنوب طرابلس.
ويرى المختار الجدال أن المنطقة التي دخلها صلاح بادي هي في الأصل منطقة نفوذ مليشيا "لواء الحلبوص المصراتي"، الذي تحول بقرار من رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج إلى الكتيبة 301 مشاة، التي تقوم بحماية المنطقة التجارية الأكبر في طرابلس "سوق الكريمية".
أهداف بادي من العاصمة
واعتبر المختار الجدال أن دخول بادي الحرب يهدف إلى السيطرة على المنطقة التي يوجد فيها البنك المركزي ومؤسسة النفط.
وعن أهداف بادي من العاصمة، عدد المستشار رمزي الرميح 3 أهدف. أولها: منع اللواء السابع من السيطرة على العاصمة، وثانيها: الإفراج عن الإرهابيين، منهم دواعش، المحتجزين لدى مليشيا الردع الخاصة، التي يقودها عبدالرؤوف كاره، في سجن قرب مطار معيتيقه الدولي بالعاصمة.
وأوضح الرميح أن الهدف الثالث يتمثل في إرباك الحالة السياسية، بما يمنع ويعيق إجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
ليس مجرد إحراق المطار هذه المرة!
ولم يستبعد رمزي الرميح أن تشهد العاصمة الليبية أحداثا أكثر إجراما عن إحراق المطار من قبل قوات بادي، مشيرا إلى تصريح للإرهابي صلاح بادي قال فيه: "مستعدون لدخول طرابلس، حتى لو اطر الأمر إلى تهجير كل سكانها".
يشار إلى أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" ذكرت، اليوم، أن عدد النازحين من طرابلس، نتيجة الاشتباكات، أكثر من 25 ألف شخص.
وأكد الرميح أن التخوف من إرهاب قوات بادي على العاصمة أكثر مما سبق، معتبرا أن إحراق قوات بادي مطار طرابلس في 2014، كان في ظل حرب مليشيات، لكن الآن بادي قد يقاتل اللواء السابع الذي يضم قيادات منظمة ومدربة تدريبا احترافيا، فقد يضطر إلى إحراق المنطقة التي يتواجد بها، وتضم المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي، وفقا لما ذكره.
وتابع إن هناك معلومات استخباراتية متدوالة تشير إلى وصول دعم مالي وعسكري من قبل قطر وتركيا، وصل إلى مصراته ومنها إلى طرابلس لصالح قوات بادي لتنفيذ ذلك المخطط.