بعد صفعة موسكو.. سعي تركي لإفشال مؤتمر برلين وحماية المليشيات في ليبيا
تركيا تذهب إلى مؤتمر برلين لإفشاله بعد وقوفها وحيدة في الجانب المدافع عن وجود المليشيات في ليبيا، وكذلك عقب صفعة حفتر في موسكو
تبذل تركيا جهودا حثيثة لإفشال مؤتمر برلين حول ليبيا، المقرر انعقاده، الأحد المقبل، إثر تسريبات حول التوصل إلى ما يشبه التوافق على حل المليشيات ونزع سلاحها، ما يعد بمثابة طرد لأنقرة التي تسهم في تأجيج الاضطرابات للحصول على أكبر مكاسب من الدولة الواقعة على البحر المتوسط.
- مصادر لـ"العين الإخبارية": حفتر يعلق مفاوضات موسكو بتفاهمات برلين
- العين الإخبارية" تكشف ألغام الإخوان في وثيقة المفاوضات الليبية بموسكو
وقالت مصادر ليبية لـ"العين الإخبارية" إن تركيا تذهب إلى مؤتمر برلين لإفشاله بعد وقوفها وحيدة في الجانب المدافع عن وجود المليشيات والتنظيمات الإرهابية في ليبيا، وكذلك عقب الصفعة التي تلقتها على يد قائد الجيش الليبي خليفة حفتر برفضه التوقيع على تفاهمات موسكو.
وكشفت المصادر، التي فضلت عدم كشف هويتها، عن أن تركيا بدأت في القفز على تفاهمات برلين بدءًا من توقيع اتفاقيتها البحرية والأمنية مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج لإحداث تغييرات في المعطيات السياسية الدولية تمهيدا لإدخال أطراف جديدة في التفاهمات حول ليبيا لمحاولة جمع التأييد لوجهة نظرها.
ووفق المصادر، فإن تفاهمات برلين كانت قد توصلت إلى عدة بنود جاء في أهمها بند الترتيبات الأمنية وحل المليشيات والتسريع بنزع سلاحها بالتزامن مع هدنة بين الجيش الليبي من جانب، والمليشيات والتنظيمات الإرهابية المتحالفة مع فايز السراج ومن خلفه تركيا من جانب آخر.
وأوضحت أن حل المليشيات ونزع سلاحها أثارا غضبا مكتوما لدى الجانب التركي خاصة بعد التوافق عليه دوليا.
وحاولت تركيا فصل الهدنة عن حل المليشيات، وهو الأمر الذي فسر بأنه سوء نية مبيت لدى أنقرة التي سعت لكسب الوقت بالهدنة لتقوية المليشيات بالعناصر الإرهابية والسلاح.
وخلال الأسابيع الماضية، نظمت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بالتعاون مع البعثة الأممية في ليبيا عدة لقاءات تمهيدية مع الدول المعنية بالشأن الليبي ضمت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول الخمس المعنية بالشأن الليبي (الإمارات ومصر وفرنسا وإيطاليا وألمانيا).
وبرز خلال الاجتماعات تولي الجانب التركي التفاوض مع الأطراف الدولية مدافعا عن وجود المليشيات والتنظيمات الإرهابية التابعة لحكومة السراج.
وكشفت مسودة مسربة للجنة إعداد مؤتمر برلين عن توافق دولي على عدة بنود ومراحل ومسارات لحل الأزمة الليبية لا تتوافق مع الأهداف التركية، وهو الأمر الذي دفعها لإحداث تغييرات في المشهد من خلال تفاهمات موسكو، الأسبوع الماضي، التي أفشلها عدم توقيع قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر.
والثلاثاء، أبلغ المشير حفتر الجانب الروسي بشروطه لاستئناف مفاوضات موسكو، حيث اشترط حل المليشيات وتسليم سلاحها بالكامل خلال مدة لا تتجاوز 90 يوما تبدأ اليوم، واستبعاد تركيا من المفاوضات باعتبارها جزءا من الأزمة الليبية.
كما رفض قائد الجيش الليبي بشكل قطعي أن تكون تركيا وسيطا دوليا، مطالبا بتوسط الدول الحيادية، والتي تتسم مواقفها بدعم استقرار ليبيا وليس دعم مليشيات مسلحة أو إرسال إرهابيين إلى البلاد.
الباحث السياسي الليبي جمال شلوف، قال إن المسودة المسربة بها عدد من الفقرات التي تكشف سبب الغضب التركي وتخوفاته من مؤتمر برلين.
وأوضح شلوف، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن المادة رقم 12 بالمسودة تدعو إلى ترتيبات مؤقتة يقوم فيها الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر مع الشرطة بحماية المواقع والمؤسسات الحكومية والمطارات والموانئ بمعنى استلام أفراد القوات المسلحة كل هذه المواقع في طرابلس من المليشيات المستهدفة بنزع سلاحها وهو أمر ترفضه تركيا.
وأضاف أن المادة الـ24 كذلك تطالب بإنشاء مجلس رئاسي فاعل وحكومة واحدة موحدة وشاملة معتمدة من البرلمان وهو ما يعد اعترافا ضمنيا بأن مجلس السراج غير فاعل ومنتهٍ، وأن الحكومة غير ممثلة لكل الليبيين.
وأشار إلى محاولة تركيا في مبادرة موسكو الزج بكيان جديد وهو (برلمان طرابلس) لضرب صلاحيات البرلمان الليبي المنتخب حتى تكون قراراته منقوصة ومطعونا عليها واستمرار النزاع بالبلاد.
كما تشير المادة الـ53 من المسودة المنسوبة لتفاهمات برلين إلى آليات للإشراف والمراقبة لمخرجات مؤتمر برلين عبر لجنة عالية المستوى لضمان التنفيذ الكامل غير المنقوص لتجنب ما حصل في التنفيذ الانتقائي لاتفاق الصخيرات (ديسمبر/كانون الأول 2015) والذي أزَّم الوضع بالبلاد.
واعتبر المحلل السياسي الليبي أن الحل الأمني في ليبيا هو الأمثل والوحيد الذي سيؤكد وحدة الوطن واحتكار القوة وحل كل المليشيات المسلحة، وهو وحده الطريق الصحيح الممهد لأي حل سياسي واقتصادي.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي ناصف الفرجاني إن تركيا سعت خلال اجتماع موسكو لامتلاك ورقة للمشاركة بها في مؤتمر برلين.
وأوضح الفرجاني، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن المشير حفتر أفشل ذلك بعدم توقيعه على مفاوضات موسكو بالصيغة التي أرادها أردوغان وهي وقف إطلاق نار غير مصحوب بشرط نزع سلاح المليشيات.
وأضاف أن رد الفعل التركي الغاضب على عدم توقيع المشير حفتر قد عكس مدى فشله في تمرير خطته.
ومنذ بدء العملية العسكرية للجيش الليبي لتحرير طرابلس من المليشيات الإرهابية في أبريل/نيسان الماضي وأردوغان لا يتوقف عن مسلسل استعراض العضلات المستمر في ليبيا تارة بحجة الدفاع عن حكومة فقدت شرعيتها أمام العالم، وتارة أخرى بحجة أنها كانت جزءا مهما من إمبراطورية بائدة يحاول إعادة إحيائها دون جدوى.
ولم يكتف أردوغان بذلك بل حاول تمرير أجندته الإخونجية في مفاوضات موسكو، ولكن انسحاب المشير خليفة حفتر رفضا للدور التركي الخبيث وجه صفعة قوية لأردوغان وانتصارا دبلوماسيا ساحقا مستندا إلى تقدم الجيش الليبي على الأرض حتى تخوم طرابلس .
ولمواجهة ذلك، وقع السراج وأردوغان في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مذكرتي تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري.
وقوبلت تلك الخطوة برفض محلي وإقليمي ودولي كبير، حيث وصف البرلمان الليبي توقيع السراج ذلك بـ"الخيانة العظمى"، فيما طالب رئيسه جامعة الدول العربية والأمم المتحدة بسحب الاعتراف من حكومة الوفاق وعدم أحقية السراج بتوقيع مثل تلك الاتفاقيات.
aXA6IDE4LjIxOC45NS4yMzYg جزيرة ام اند امز